عاجل
الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

مهنة اندثرت ولم بتبق منها إلا حلاوة طعم زمان

"الرشيدي".. قصة اقدم "صنايعي" أيس كريم في الإسماعيلية

كرم الرشيدي اقدم صنايعي ايس كريم
كرم الرشيدي اقدم صنايعي ايس كريم

عقب عمره الذي تجاوز ٧٩ عاما، وافته المنية أمام أكثر مكان أحبه، وسار مجرى الدم في عروقه، عم كرم الرشيدي صانع "الأيس كريم"، الذي أفنى حياته في هذا المكان، في جو يسوده الحب وروائح الزمن الجميل، كان لروزاليوسف هذه الجولة في محل الرشيدي الذي بقي على شاكلته منذ عام ١٩٧٤ وحتى الآن ولم يتغير فيه أو يتم به أي من أنواع التطوير، محافظا على أصالة وعظمة الزمن الماضي.



 

الحاج "كرم الرشيدي" أقدم صنايعي أيس كريم يدوي بمحافظة الإسماعيلية الصغيرة، الذي أتى إليها مع والده من موطنه الأصلي بمدينة رشيد، عام ١٩٣٩، ولم يحالفه الحظ في أن ينال نصيبه من التعليم فلم يجد القراءة والكتابة، ومن خلال والده تعرف على شخص إيطالي الجنسية علمه صناعة "الأيس كريم"، ومنحه ماكينته اليدوية "المنافيله" التي كانت تعمل يدويا، المقسمة إلى جزءين أحدهما لوضع ألواح الثلج التي تعمل على تماسك المزيج دون الاختلاط به وأسفلها الجزء الآخر الذي يوضع فيه مكونات الأيس كريم من "دقيق، فانيليا، فواكه طبيعية، سكر، لبن"، ثم لف رحاية الماكينة بالأيدي.

 

وبدأ رحلته العملية في صناعة الأيس كريم وهو في الرابعة عشرة من عمره، ومنها قام بتصنيع أشهى أنواع الأيس كريم التي تميزت بها محافظة الإسماعيلية الصغيرة، ويتخذ محلا صغيرا بجوار سوق بورسعيد يبتاع فيه الأيس كريم الذي لا يجيده أحد سوي عم "رشيدي"، وفي عام ١٩٧٤ عقب حرب أكتوبر المجيدة يقرر اتخاذ محل اكبر وسط المدينة.

 

فيقع الاختيار على محل بمنطقة "عراشية مصر" التابع لحي ثان بالإسماعيلية، ومن أمامه مسجد المطافي الشهير الذي تحيطه الحدائق من جوانبه الأربعة، فيتحول الميدان إلى دار للعبادة وأيضا للتنزه والتمشية، وتناول الطعم "الأصلي للأيس كريم"، الذي تميز به محل رشيدي.

 

ومع اتخاذه هذه الشهرة والانتشار، تثار الأحقاد وروح المنافسة والغيرة في نفوس الجميع، فيسعون للتقليد، الا ان جميع محاولاتهم باءت بالفشل، فقد حرص الحاج كرم الرشيدي على عدم تعليم سر "الصنعة" لاحد سوى نجله الكبير، الذي قرر والعمل في مهنة أبيه دون أشقائه الآخرين.

 

يقول نجل كرم الرشيدي: كنت دائما ما أرى والدي منذ وانا كان عمري ٥ سنوات، يقف كالأسد يحمل ألواح الثلج دون معاناه أو إرهاق أو تعب وظل هكذا حتى فارق الحياة أمام محله، الذي كان يمثل له كل الحياة، ليس مجرد مكان عمل.

 

من هنا أصبح والدي هو قدوتي القوية التي أتمنى أن اكون مثلها يوما ما، وعليه التزمت في هذا المحل القديم مع والدي عشرات السنين نصنع نكهات الأيس كريم الطبيعية من المانجو والفراولة الإسماعيلاوي الأصلي والفانيليا المصنوعة من أجود أنواع الألبان، والبوظة المميزة.

 

حتى جاء القدر ونزل "ملك الموت" ليأخذ روح أبي من هذا المكان الذي عاش حياته فيه يصنع الأيس كريم، ولم يمهله حتى الذهاب إلى منزله، ففي عام ٢٠١٨ خرج الحاج كرم الرشيدي مع ابنه من منزله في الصباح كعادته ليفتح "محله"، ثم يجلس على مقعده وخلال ثوانٍ يناديه ابنه فلم يجب النداء، وفي لحظة رحل عن دنيانا تاركا لنا هذا الإرث الكبير من أصالة وطعم أيس كريم زمان.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز