"عطية" يشيد بتجربة الإمارات للتقاضي عن بعد في ظل كورونا

قال المستشار ياسر عطية، رئيس نيابة سابق في أبوظبي، إن دائرة القضاء في إمارة أبو ظبي تحت قيادة الشيخ منصور بن زايد رئيس الدائرة، نفذت تجربة رائدة جديرة بالدراسة والتطبيق فى محاكم الوطن العربى وهى التقاضي عن بعد لمواجهة تداعيات أزمة كورونا ومراعاة الإجراءات الاحترازية وتطبيق إجراءات التباعد الاجتماعى لمنع انتشار الفيروس القاتل. 

وقال "عطية" ان الأزمة الإدارية  مشكلة  غير متوقعة قد تؤدي إلى كارثة إن لم يتم حلها بصورة سريعة وقد تكون أسبابها مرتبطة بالعنصر البشري أو خارجة عنه ومنها ما يكون مرتبطا بالكوارث الطبيعية كالزلازل والبراكين والأوبئة التي يصعب التكهن بها والتحكم في أبعادها.  

وأضاف ان التنبؤ الوقائي يعد متطلبا أساسيا في عملية إدارة الأزمات من خلال إدارة سبّاقة وهي الإدارة المعتمدة على الفكر التنبؤي الإنذاري لتفادي حدوث الأزمة مبكراً عن طريق صياغة منظومة وقائية مقبولة تعتمد على المبادأة والابتكار وتدريب العاملين عليها. 

وأشار الى أن أحد الأساليب الوقائية هو جاهزية الدولة سواء بالبنية التحتية القوية الحديثة في كافة القطاعات أو بكفاءة  العنصر البشري كي تكون  قادرة على إدارة ما يطرأ من أزمات وتوفير مقومات النجاح لإجتيازها 

وأكد ان أحد أهم مظاهر البنية التحتية في دول العالم المتقدم هى البنية التحتية الافتراضية (السحابية) الآمنة التي  تعد  من أبرز  مقومات الحكومة الإلكترونية موضحا ان ما يمر به العالم من انتشار فيروس فيروس كورونا «كوفيد – 19»  ومحاولة الحد من انتشاره عن طريق منع التجمعات والاحتكاك المباشر بين المواطنين مهما كان مبررها أظهر مدى الحاجة للحكومة الإلكترونية خلال الأزمات وبالفعل نجحت الدول التي تستخدم  الحكومة الإلكترونية في تحقيق ذلك بشكل كبير وتسيير المرافق العامة عن بعد باستخدام شبكة الاتصالات المتاحة لديها. 

وأكد ان التقاضي عن بعد يعد أحد تطبيقات الحكومة الإلكترونية وهو  يقوم على ركزتين أساسيتين الأولى وجود  شبكة تقنية معلومات تسمح  بإستخدام التطبيقات التي سيتم إستخدامها  في التقاضي عن بعد من خلال إدارة القضايا  ووجود موظفين يجيدون إستعمالها بجانب ثقافة المجتمع بشكل عام في التعامل مع هذه الوسائل والثانية وجود تشريعات تسمح بالتقاضي عن بعد بداية من قيد الدعوى وإجراءات الحضور  وإيداع المذكرات والأحكام والطعن عليها وتنفيذها. 

وتابع ان القضاء عن بعد  هو أحد صور الحكومة الإلكترونية التي تسعى  الدولة جاهدة لتعميمها وبالفعل نجحت دولة الإمارات العربية المتحدة إلى حد كبير في تطبيق النظام عبر دائرة القضاء المحلي  بإمارة أبوظبي لتصير الأزمة نقطة انطلاق لمزيد من النجاحات من خلال استغلال الأمكانات المتاحة وتوظيفها في إجتيازها.  

ونوه إلى أن هذه التجربة لم يجر تطبيقها  بالدائرة لأول مرة بشكل مفاجىء خلال أزمة كورونا لكن سبق تطبيقها بشكل جزئي من قبل من خلال إستحداث ربطةبين  إدارة القضايا بالدائرة ومكاتب المحامين برابط خاص  كل على حدة وبشكل آمن يمكن من خلاله قيد القضايا ( المدنية - التجارية – الأحوال الشخصية – التركات)  من خلال أرسال صحف الدعاوى وفق النموذج المعد لها مع المستندات المؤيدة لها ويتم مراجعة  الأوراق من الموظف المختص  وإستيفائها  أو الموافقة على قيدها ثم  سداد الرسوم  عبر الحسابات المخصصة وتحديد جلسة نظرها من خلال بعض المراكز المصرح لها بذلك، وتستمر متابعة القضايا أيضاً وتقديم الطلبات والطعون إلا أن الحضور  و النطق بالأحكام  كان يتم من خلال الحضور الشخصي بالقاعات.

وأضاف أنه خلال أزمة كورونا تم تطبيق النظام بشكل كامل بداية من قيدها  وأعلانها وحضور الخصوم وتبادل المذكرات حتى المداولة وصدور حكم  فيها وتذييله بالصيغة التنفيذية.

  ونجحت التجربة بشكل كبير رغم صعوبتها وكان للعنصر البشري دور فعال في ذلك النجاح من خلال القضاة ومعاونيهم.

وشدد على أن نجاح التجربة واستمرار عمل مرفق القضاء بالدولة بشكل كامل ومنتظم  خلال الأزمة  العالمية ساهم في تحقيق العدالة الناجزة الأمر وهو ما يؤكد أن النجاح الذي تم تحقيقه خلال هذه المرحلة سيخلق سعيا حثيثا  لإستثمار  التجربة وتعزيزها من خلال تعميمها واستمرارها مع استغلال  ماحققته من نجاح  وإعتياد  المتقاضين  على النظام ليصبح القضاء عن بعد و بشكل كامل هو الأصل في سير عملية التقاضي  أمام المحاكم بدائرة القضاء بإمارة أبوظبي كتجربة رائدة في المنطقة  العربية وهو ما سيسهم في تقدم الدولة بتقارير التنافسية الدولية  للدولة.