عاجل
الأحد 13 أكتوبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
We
البنك الاهلي

سياسيون ودبلوماسيون: "إعلان القاهرة" جاء لإعلاء المصلحة الوطنية الليبية

  دعا خبراء عسكريون وسياسيون ودبلوماسيون "سابقون" إلى سرعة العمل على تفعيل "إعلان القاهرة"، المبادرة المصرية لحل الأزمة الليبية، والتي أعلن عنها الرئيس عبد الفتاح السيسي، عقب لقائه المستشار عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب الليبي، والمشير خليفة حفتر، القائد العام للقوات المسلحة الليبية، أمس السبت، بقصر الاتحادية، لوقف نزيف الدماء والتدخلات الخارجية بالبلاد، والحفاظ على سيادة ووحدة واستقلال الأراضي الليبية.



 

وأجمع الخبراء - في تصريحات خاصة لـ"أ ش أ"، اليوم الأحد أن "إعلان القاهرة" من شأنه تفعيل إرادة الليبيين، وإعادة إطلاق عملية سياسية شاملة بمشاركة القوى الإقليمية والدولية المعنية بالشأن الليبي، وصولا إلى تحقيق الاستقرار السياسي والأمني الذي يتطلع إليه الشعب الليبي؛ مؤكدين أهمية إعلاء المصلحة الوطنية الليبية فوق أي اعتبارات لصون مقدرات الشعب الليبيي، وتجنيب الحل العسكري، خاصة الأطماع التركية في البلاد.

 

 

 

وفي هذا السياق، قال لواء أ. ح. د. محمد الشهاوي، مستشار كلية القادة والأركان، وعضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، إن مبادرة القاهرة لإنهاء الحرب في ليبيا جاءت انطلاقا من حرص مصر الثابت على تحقيق الاستقرار الأمني والسياسي في ليبيا، وباعتبار أن أمن ليبيا هو امتداد للأمن القومي المصري، بالإضافة إلى تأثير تداعيات الوضع الليبي الراهن على المحيط الإقليمي والدولي.

 

ورأى أن الحل السياسي الشامل ودعوة الأطراف كافة إلى الالتزام بوقف إطلاق النار أبرز بنود مبادرة الرئيس السيسي، والمستشار عقيلة صالح والمشير خليفة حفتر، مضيفا أن تلك المبادرة ترتكز على مخرجات قمة برلين، والتي نتج عنها حل سياسي شامل، يتضمن خطوات تنفيذية واضحة فيما يتعلق بالمسارات الأمنية والسياسية والاقتصادية.

 

وأوضح أن من أهم بنود المبادرة أيضا هو استكمال أعمال اللجنة العسكرية (٥+٥) أي (٥ من حكومة "الوفاق "، و٥ من الجيش الوطني الليبي) برعاية الأمم المتحدة، فضلا عن إخراج المرتزقة الأجانب من الأراضي الليبية وتفكيك المليشيات وتسليم أسلحتها، وكذلك العمل على استعادة الدولة الليبية لمؤسساتها.

 

وأكد أن "إعلان القاهرة " تضمن كذلك نقطة مهمة، وهي التركيز على وحدة وسلامة الأراضي الليبية واستقلالها وضرورة القضاء على المجموعات الإرهابية، محذرا من أن التواجد التركي بليبيا وتدخله في الصراع الليبي من شأنه زيادة حالة الاستقطاب الإقليمي والدولي. 

 

ومن جانبه، شدد اللواء أركان حرب ناجي شهود، المستشار بأكاديمية ناصر العسكرية، على أن مصر طرحت تلك المبادرة حقنا لدماء الليبيين، وأنها قدمت كل ما يمكن تقديمه للجانب الليبي والقوات المسلحة الليبية، وتحدثت مع مختلف دول العالم من أجل التوصل لتسوية سياسية شاملة في ليبيا، معتبرا أن الأمر أصبح يتوقف الآن على الشعب الليبي.

 

وأشار إلى أن مصر لم تكن لتصمت أمام ما تشهده ليبيا وشعبها، ولذلك اجتمع الرئيس عبد الفتاح السيسي برئيس البرلمان الممثل للشعب الليبي وبقائد الجيش الليبي، وأجمعوا على أن ما يحدث في ليبيا يهدد الدولة، وعلى أن العمل السياسي هو الحل، لأن العمل العسكري يتسبب في خسارة كبيرة، فضلا عن أن الأزمة الليبية تؤثر على دول الجوار والمحيط الإقليمي والدولي.

 

ونوه اللواء ناجي شهود، بأهمية الجدول الزمني للفترة الانتقالية، الذي حدده "إعلان القاهرة"، ووقف إطلاق النار بشكل كامل بين جميع الأطراف بدءا من غد الاثنين.

 

 

 

وحذر من أن الجانب التركي لديه مخطط وهو سيطرة "الإخوان" على ليبيا، وإحياء الإمبراطورية العثمانية بشكل أو بآخر، مذكرا بأن تركيا حاولت من قبل تحقيق هذا الهدف في سوريا وفي العراق، وكذلك في اليمن ولكنها لم تنجح، كما سعت إلى ذلك أيضا في مصر عام 2013 قبل أن يهزمها الشعب المصري.

 

وقال إن كل دقيقة تمر يقوم فيها الجانب التركي بتحسين أوضاعه على الأرض، إلا أن الجيش الليبي مستمر في تطهير أرضه، مؤكدا أن كل الخسائر تهون أمام صون وحدة الأراضي الليبية، منبها بان مخطط تقسيم ليبيا وراد ومرصود ويتم الآن بالتعاون مع فايز السراج كأحد عملاء، جماعة الإخوان في ليبيا هو ما اكتشفه حاليا الشعب الليبي.

 

وحث الشعب الليبي على ضرورة الانتباه لمخطط تقسيم بلاده والتحرك سريعا لأن هناك من يستكثر على نحو ٧ ملايين مواطن ليبي خيرات بلادهم ومساحتها الشاسعة التي تتعدى المليون و٧٠٠ ألف كيلو متر مربع، مؤكدا رفض مصر لتقسيم ليبيا وضرورة أن تكون ليبيا ملكا لليبيين.

 

ووصف الخبير العسكري من يعتقد أن مصر من الممكن أن تذهب لتحارب في طرابلس بأنه ضرب من الجنون، مؤكدا أن مصر لا تستدرج أبدا في أي ميدان، أو في أي مجال ليس في مصلحتها، وأنها لن تقترب من الأراضي الليبية، إلا أن من يريد أن يكتب شهادة وفاته فليقترب من حدود مصر. 

 

واعتبر اللواء ناجي شهود أن ما تقوم به تركيا داخل الأراضي الليبية وكذلك تجنيدها وتدريبها ونقلها للمرتزقة إلى ليبيا يتم بعلم وموافقة عدد من الدول، مشيرا إلى أن أردوغان لم يكن ليجرؤ على هذا الفعل إلا إذا كان لديه الضوء الأخضر لتنفيذ هذه المهام. 

 

وبدوره، وصف الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، مبادرة القاهرة بانها "خريطة طريق كاملة" سياسية واستراتيجية وأمنية" للملف الليبي، حيث حددت كل أسس الحل سواء كان في المرحلة الانتقالية أو في التعامل مع المليشيات والفصائل الإرهابية أو فيما يتعلق بتشكيل المجلس الرئاسي وكذلك تحديد المهام والصلاحيات لنظام الحكم خلال الفترة المقبلة.

 

واعتبر أن المبادرة جاءت في توقيت له دلالاته للتأكيد على أهمية تبني الخيار السياسي والسلمي وليس أي خيار آخر، مشددا على ضرورة أن يضغط المجتمع الدولي على حكومة الوفاق لتنفيذ ما طرحته المبادرة الليبية-الليبية في القاهرة.

 

وأوضح أن المبادرة ليست نظرية، بل جاءت وفقا لخارطة طريق وحددت الآليات والأدوات للتعامل مع الأزمة بصرف النظر عن قبول أو ورفض أو تحفظ الطرف الآخر، إنما ستصلح لتكون مسارا للتفاوض بشأن ليبيا، سواء كانت بالأمم المتحدة (صيغة ٥+٥) أو خارجها لكنها بالنهاية حددت إطارا ملزما وتفاوضيا متميزا، يمكن البناء عليه في الفترة المقبلة.

 

وأوضح أن المبادرة حددت شروطا لإنجاحها، وأهمها توفر الإرادة السياسية لأنها لم تطرح للقاهرة فقط، ولكن أيضا للأطراف الإقليمية والدولية، كما أنه لم يسبق لأي طرف آخر بطرح مبادرات شاملة لهذا الملف، مما يؤكد على محورية الدور المصري في الإقليم لاعتبارات متعلقة بالأمن القومي، ونظرًا لان الملف عربي، فكان لا بد أن تطرح مصر مبادرة بهذه الصورة الشاملة، وعدم التركيز على البعد الأمني فقط إنما أيضا على السياسي والاستراتيجي. 

 

وأبرز تأييد دول عربية "إعلان القاهرة "، مما يعني أن هناك ظهيرا عربيا جيدا للمبادرة، فضلا عن وجود إطار أوروبي داعم ممثل في الجانب الفرنسي وقد اتضح ذلك من الاتصال الذي جرى بين الرئيسين السيسي وماكرون قبل الإعلان عن المبادرة بأيام، والتنسيق مع دولة الإمارات في هذا الشأن، مما يثبت أن القاهرة تتحرك في مسارات متعددة ما بين عربية ودولية وأن هذه التحركات هي شرط جيد لنجاح المبادرة.

 

ورأى أن الإشكالية المتبقية هي السياسة التركية التي تعد أكبر معوقا، مطالبا بضرورة أن يكون هناك موقف رادع لها من الأطراف الإقليمية والدولية لاسيما من الجانب الروسي والأمريكي خاصة أن المبادرة دعت بصورة مباشرة للعب دور للتأثير على مثل تلك المواقف لهذه الدولة أو لغيرها.

 

وأعرب المحلل السياسي عن اعتقاده بأن هذه المبادرة العملية سيعقبها اتصالات مع الأطراف المعنية ما بين عربي وإقليمي ودولي، لافتا إلى أن القاهرة تدفع بقوة لتأكيد حضورها السياسي والاستراتيجي في الملف الليبي، وهو أمر طبيعي لاعتبارات الأمن القومي المصري، ولأن ليبيا قضية عربية بالأساس.

 

ومن ناحيته، أكد الدكتور معتز بالله عبدالفتاح، أستاذ العلوم السياسية، أن "إعلان القاهرة"، حول الأزمة الليبية كان ضرورة ملحة ويعد ردا من الدولة المصرية على المحاولة التركية لأن تفرض وجودها في جنوب البحر المتوسط وكذلك على محاولتها لأن تكون جارة لمصر تهدد أمنها من الحدود الغربية، وذلك بعد أن فشلت في أن تحتفظ لنفسها بقاعدة عسكرية بجزيرة "سواكن" السودانية المطلة على البحر الأحمر.

 

وشدد على أن مصر لن تقبل بأن تعيد تركيا في ليبيا ما فعلته بشمال سوريا وشمال العراق، معتبرا أن ذلك يعد واجبا وطنيا مصريا وقوميا عربيا لا يمكن أن نتقاعس عنه.

 

ورأى أنه سواء استجاب الطرف الآخر للمبادرة السياسية الشاملة للتسوية أم لا، فإن مصر قد أقامت الحجة القانونية والدبلوماسية على حكومة فايز السراج. 

 

وبدوره، أكد السفير حسين هريدي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن "إعلان القاهرة " يعطي زخما للجهود الدولية والإقليمية والعربية الرامية إلى إعادة الأمن والاستقرار لليبيا وللتأكيد مجددا على سيادتها ووحدتها الإقليمية.

 

ونوه بأن المبادرة المصرية تتفق في مجملها مع الإعلان الصادر في 19 يناير الماضي عن "قمة برلين " والتي شارك فيها الرئيس عبد الفتاح السيسي، مضيفا أن "إعلان القاهرة " يأتي في توقيت مهم، حيث إن الأمم المتحدة من جانب والقوى الكبرى من جانب آخر دعت الأطراف الليبية المتحاربة إلى استئناف المفاوضات في إطار مخرجات "قمة برلين". 

 

ولفت إلى أن المبادرة الليبية-الليبية، التي أشار إليها "إعلان القاهرة" تعطي دفعة لهذه الجهود، مؤكدا ضرورة أن تقبل كل الأطراف المعنية بتلك المبادرة كأحد المبادرات العربية والدولية الرامية إلى تكريس الحل السياسي في القضية الليبية.

 

وتابع مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن النقطة المهمة المرتبطة بأهمية "إعلان القاهرة" تأكيده أنه لا حل عسكري للصراع الليبي-الليبي. 

 

كما ذكر السفير حسين هريدي أن الرئيس عبد الفتاح السيسي أوضح أن مصر تتابع عن كثب التطورات الميدانية في ليبيا، محذرا من التصعيد، لافتا إلى أن هذا التحذير من الرئيس السيسي قد جاء في وقته ليضع كل الأطراف التي تتدخل في الشأن الليبي أمام مسؤوليتها، والى احترام مصر لميثاق الأمم المتحدة وحقها المشروع في الدفاع عن أمنها وعن حدودها.

 

وفي السياق ذاته، أكد السفير محمد العرابي، وزير الخارجية الأسبق، أن المبادرة المصرية - الليبية قدمت عناصر استراتيجية جديدة ولم تكتفي بالتعامل التكتيكي، مشيرا إلى أنه يمكن اعتبار ردود الفعل الدولية حول "إعلان القاهرة " أمرًا مشجعًا للغاية ، خاصة لأن تركيا استطاعت تمرير عملها المنفرد ولم تقابل بأي ردود فعل صارمة من جانب المجتمع الدولي.

 

 

 

ونوه السفير العربي بأن مصر حريصة على دعوة سفراء بعض الدول، وأمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، للإعلان عن تلك المبادرة المهمة، وذلك من أجل وضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته.

 

وأوضح أن أي مبادرة سياسية تحتاج إلى ثلاث ركائز، حتى يمكن اعتبارها قابلة للتنفيذ، أولا: تأييد دولي يصاحبه إرادة سياسية للتنفيذ، ثانيا: آلية واضحة محكمة تتعامل مع كل الاحتمالات، وثالثا: تأثير على الأرض ومجريات الأمور.

 

وذكر أن تركيا قد ضربت بعرض الحائط مخرجات "مؤتمر برلين"، واستطاعت خلال ستة أشهر تعديل الموقف لصالحها على الأرض، ولم تحاول الانصياع للإرادة الدولية؛ متوقعا أن يستمر النظام التركي علي نفس النهج.

 

وشدد وزير الخارجية الأسبق على أن مصر تبذل منذ سنوات جهودا مضنية من أجل تسوية الأزمة الليبية، وأنها حريصة على تحرير الأراضي الليبية من الإرهاب الدولي الذي يهدد أمن شمال إفريقيا ودول الساحل والصحراء، بالإضافة إلى تأثير الوضع في ليبيا علي الأمن القومي المصري.

 

 

 

وتوقع أن تشهد الفترة المقبلة نشاطا مكثفا للدبلوماسية المصرية لإدخال "إعلان القاهرة"، حيذ التنفيذ بحيث لا تسمح بأي مراوغة محتملة من جانب تركيا، منبها في الوقت ذاته بضرورة توقع نشاط عسكري للميلشيا المدعومة من تركيا خلال الأيام المقبلة، لتعطيل المبادرة.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز