سهام ذهنى
افعل ما يريحك
من قال إننا نختار أن نفعل ما يريحنا.
ما يريحنا قد يؤذي عزيز، ففي الغالب لا نختار راحتنا على حساب الأحباب.
ما يريحنا أن نختاره الآن، قد يريحنا لبعض الوقت إنما يترتب عليه ألا نرتاح بعد فترة، فنقرر من البداية ألا نختاره.
ما يريحنا جسديًا أو ماليًا، قد لا يريح ضمائرنا، فلن نختار راحة الجسد أو المادة على حساب الضمير والروح..
فقد يرتاح الإنسان ماديًا من خلال منافقة رؤسائه لكن كرامته لا ترتاح.
قد ترتاح المرأة إلى إظهار جمالها، دون ضوابط شرعية، لكن ضميرها لا يرتاح.
حتى في الأمور التي تبدو بسيطة فليس من المريح للمرأة أن تقف يوميًا في المطبخ لتنظيف أواني الطعام، إنما ترك الأشياء متسخة هو أيضا أمر ليس مريحًا.
قد ترتاح زوجة باختيار الانفصال عن زوجها، لكنها تخشى على أطفالها من ألا يرتاحوا، فتتردد بشدة في اتخاذ القرار الذي يريحها شخصيًا، أو تؤجله لحين عمل الترتيبات اللازمة لراحة الأبناء بقدر المستطاع.
وقد تستشير أحدًا في أمر يتعلق به، أو لا يتعلق به، فيأتيك منه هذا الرد: "افعل ما يريحك".
رد ظاهره فيه الرحمة وباطنه- عند من تلقى الرد فيه- الحيرة وعدم الحصول على إجابة.
هو رد لا يتضمن رفضًا لما ستفعل، إنما هو يحمل بطياته في الوقت نفسه عدم الرغبة في مشاركتك تحمل نتيجة القرار.
يبقى تساؤل حرج: هل من يستشير أحدًا في أمر فإن الاستشارة تعني أنه لم يتخذ قرارًا بعد.
الواقع أن كثيرًا من الناس يتخذون القرار، ثم يريدون أن يسمعوا رأيًا مطابقًا لقرارهم كي يطمئن القلب على صحة القرار، أو ليحصلوا على دعم نفسي مؤيد لما قرروه.
أما إذا جاءهم الرد مخالفا لما رأوه فتجدهم قد دخلوا في جدل طويل، وربما شجار ليحصلوا على رأي مؤيد لموقفهم، خاصة في المواقف التي توجعهم فيها ضمائرهم.
وربما ينتهي الجدل بالرد الذي معناه مطالبة الطرف الآخر له بإنهاء المناقشة: افعل ما يريحك.
فإذا به الرد الذي يفجر السؤال: ما الذي يريحنا؟ خاصة حينما يكون الاختيار بين أمور أحلاها قد يحل الأمر، إنما من تنفيذه ينبع المر.