عاجل
الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
مجلس الشيوخ.. لمن؟!

مجلس الشيوخ.. لمن؟!

آمال عريضة، ورؤى حكيمة، استوجبت استحداث مجلس الشيوخ ليحل شريكًا فاعلًا في الحياة البرلمانية المصرية إلى جانب مجلس النواب. إلا أن الأمنيات تظل عاجزة دائمًا عن بسط نفوذها إن لم تصاحبها خطوات جادة على الطريق الصحيح، بما يضمن بلوغ الأهداف، وتحقيق الآمال.



 

أتذكر في بدايات عمل لجنة الخمسين- التي وضعت دستور مصر الحالي، والتي رأسها السياسي المُخضرم عمرو موسى- أن راجت أقاويل مفادها أن استحداث مجلس للشيوخ فيه مضيعة للمال والجهد فيما لا طائل منه، وبلغت الآراء حدًا مؤلمًا؛ أن رأى أصحابها أن تكلفة انتخابات مجلس الشيوخ لا عائد من ورائها!

 

والحقيقة أن هذه الآراء إنما تعبر بصدق عن الصورة الذهنية، غير المُرضية، التي لحقت بمجلس "الشورى" في عهد نظام مبارك. فحقيقة الأمر، لم يلمس الناس أي أثر إيجابي للمجلس، ولا ترتبت على وجوده مكتسبات حقيقية. وظل المجلس يبحث عن دور فلا يجده، وأغلب الظن أنه لم يكن جادًا في بحثه هذا؛ ذلك أن حياة ديمقراطية حقيقية لم تكن موجودة من الأصل، في الوقت الذي لم تُخلق فيه البرلمانات إلا لتجسيد القيم والمبادئ الديمقراطية، وعليه ضاع بالفعل جهد ومال، وبقيت صورة ذهنية مشوهة ينبغي السعي بحق إلى تغييرها.

 

وواقع الأمر أن مجلس الشيوخ ينبغي أن يكون بصدق، بيت خبرة وطنية، تنطلق منه رؤى حكيمة، تضبط إيقاع العمل العام في مصر، وتنشر روح المشاركة الشعبية في الحكم وإدارة شؤون الدولة. ذلك أن من مهام مجلس الشيوخ توسيع القاعدة الشعبية المشاركة في عملية صناعة القرار، وهي قاعدة تتسع وتضيق وفق ما تملكه الدولة من قناعات ديمقراطية. لكن الأمر يتعلق بالكيفية التي تُدار بها هذه العملية، والتقييم لا شك يستند قطعًا إلى النتائج. ومن ثم كانت قد خيمت على حياتنا السياسية الصورة السلبية على النحو المُشار إليه.

 

وعليه، لست أتصور أن يظل مجلس الشيوخ "رديفًا" لمجلس النواب، يسعى إلى الالتحاق به كل من فشل في الجلوس تحت قبة مجلس النواب! ولا هو أيضًا الباب الواسع لتكريم ومكافأة البعض! ولا هو كذلك الباب الخلفي لتنمية موارد الأحزاب من خلال "التبرعات" التي ستُفرض على الراغبين في خوض غمار السباق! ولا هو أبدًا السبيل الآمن لتحقيق مصالح ذاتية يحتاج أصحابها إلى دعم توفره عضوية المجلس!

 

ولخصوصية عمل مجلس الشيوخ، كبيت خبرة ومجلس حكماء، لزم التنويه إلى ضرورة التثبت من امتلاك سُبل النجاح في المهمة لكل راغب في نيل عضوية المجلس. وهنا أذكر ضرورة تنويع الخبرات التي سيحتويها المجلس، بما يضمن تمثيل مجالات العمل العام كافة.

 

ومع الثقة في دقة الاختيار من جانب الرئيس السيسي لمن سيشملهم التعيين في المجلس، حيث تتوافر لمؤسسة الرئاسة القدرة على الفحص والتدقيق في خبرات وكفاءات يحتاجها الوطن بالفعل؛ فإن المسؤولية ضخمة على عاتق الأحزاب التي سترشح بعضًا من أعضائها، ولا يخفى على أحد كيف تُدار هذه العملية بصورة أثرت بالسلب على مصداقية الأحزاب من جهة، وعلى جدية الدولة في قطع خطوات واسعة على طريق الديمقراطية.

 

كل الأمل أن تُدرك الأحزاب إصرار الدولة على التخلص من التركة الثقيلة الرديئة التي شوهت الصورة الذهنية للاستحقاقات البرلمانية. فبرلمان مصر، بغرفتيه، لا ينبغي أن يكون للمتبرعين بأموالهم للأحزاب، ولا لأصحاب القبلية، ولا لشركاء المصالح، ولا للقادرين على شراء الأصوات بدوائرهم.

 

برلمان مصر، في عهد الرئيس السيسي، لا يمكن أن يتجاهل الشرفاء إن لم يتبرعوا لأحزابهم، ولا يهمل الخبرات انحيازًا لأهل الثقة، ولا يشيع اليأس بين الكفاءات بينما الأمل في المستقبل الواعد جوهر خطاب الرئيس السيسي.

 

ليكن مجلس الشيوخ لمصر، ولمصر وحدها.

 

[email protected]

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز