عاجل
الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

أسامة الحديدي: لا يجوز الترخص بترك الصوم لضرر موهوم

المدير التنفيذي لفتوى الأزهر الإلكترونية: ترك الحج هذا العام ليس معصيةً بل هو ترك الطاعة لأمر أوجب

كشف الدكتور أسامة الحديدي، المدير التنفيذي لمركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، عن آليات عمل المركز، خلال شهر رمضان الجاري، مؤكدًا أن هناك نحو 30 ألف فتوى متوقع الإجابة عنها، خلال الشهر، عبر التواصل الاجتماعي أو عن طريق الأبلكيشين.



 

وقال الحديدي في حوار أجرته معه "بوابة روزاليوسف"، للوقوف على أبرز الفتاوى التي أثارت جدلًا ومن بينها تلك التي أباحت إفطار رمضان للخوف من الإصابة بفيروس كورونا المستجد، إلى جانب بيان الرأي الشرعي في مسائل تأجيل الحج العام الجاري، في ظل مؤشرات عالمية ترجح صعوبة توفير سبل الوقاية، ودفع خطر انتقال العدوى بين الحجيج، وإلى نص الحوار..

 

 

 

• في البداية.. كيف استقبل المركز شهر رمضان؟

 

كعادته منذ أربع سنوات هي عمر مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، عاشها كلَّها في خدمة البشرية جمَّع فيها الناس ولم يفرق، نصح وجادل بالحسنى، قوَّم الأخلاق، وبيَّن للناس أمور الدين والدنيا، ولاستكمال هذه المسيرة الحافلة بالعطاء، فإنه يستعد لأكبر وأطول موسم ديني إسلامي يُطِلُّ على البشرية كل عام.

 

فقدم المركز برنامجًا متكاملًا ومتميزًا على مدار الشهر، فضاعف أعضاؤه جهودهم، وواصلوا الليل بالنهار لتقديم أفضل خدمة لجماهير المستفتيين والمتابعين له، من خلال تلقي اتصالات المستفتيين، وبرامج البث المباشر مع العديد من الصحف الإلكترونية، وعلى صفحته على "فيس بوك"، وتواصله مع الجمهور من خلال تطبيقات التواصل الاجتماعي أو تطبيق مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية.

 

 كما قام بتوزيع كتيب دليل الصائم مجانًا بدون مقابل، هذا بالإضافة لإصدارة الدليل لشامل، والذي يحتوي على جميع الفتاوى التي تهم الإنسانية في مواجهة الأمراض والأوبئة، خاصة كورونا.

 

ونظرًا هذه لظروف الاستثنائية التي يمر بها العالم سيحاول المركز جاهدًا إيصال رسالته، بما يحقق له التواجد والتواصل مع متابعيه والجمهور، واتخذ المركز خطواته طبقًا لما ستسفر عنه الإجراءات الاحترازية، التي اتخذتها الدولة لتقليل العدوى بفيروس كورونا.

 

• ما أبرز تلك البرامج التي قدمها المركز؟

 

المركز أصدر دليل رمضان، وهو دليل يومي يمنح القارئ الكريم برنامجًا كاملًا لكل يوم في رمضان يتضمن آيةً قرآنية، وحديثًا نبويًّا، وسؤالًا وجوابًا، ودعاءً، إلى جانب دليل الزكاة يتضمن أهميتها وثمرتها، وفضلها، وأحكامها الشرعية، والأموال التي تجب فيها، والمستحقين لها، وأبرز الأسئلة التي يسألها المستفتون.

 

أيضًا أحكام الصيام الخاصة بالمرأة بالاشتراك مع قسم فتاوى النساء، إضافة إلى نشر60 فيديو لبرنامجي: علمنا الصيام، وفتاوى الصيام على صفحة "فيس بوك"، وبرنامج إرشادات يتضمن الفقهية والدعوية والإيمانية منها، وأطلق عدد 12 حملة رمضانية، ومن المتوقع أن تصل أعداد الفتاوى لـ 30,000 ألف فتوى في شهر رمضان، وذلك من خلال الأسئلة الواردة على صفحاته عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وعبر تطبيق (الأبليكيشن).

 

 

 

• ما أبرز الأسئلة والفتاوى التي تلقَّاها المركز مع قدوم الشهر الفضيل؟

 

تلقى المركز خلال الشهر الكريم عن المفطِّرات، وما يفطِّر وما لا يفطِّر، مثل الحقن واستخدام كريمات الشعر وأدوات الزينة بالنسبة للمرأة وصلاة التراويح، إن كانت تصح في المنزل أم لا؟ ثم زكاة الفطر وأحكامها، لكن هذا العام برزت نوعية جديدة من الأسئلة نظرًا لما نعيشه حاليًا من ظهور جائحة كورونا، مثل: هل يُباح لي الفطر عند الخوف من العدوى؟ وهكذا.

 

• هناك بعض الأصوات من داخل العمائم الأزهرية نادت بالفطر في رمضان بسبب كورونا... فما ردكم؟

 

قد دأب بعض من يتَّشح بعمامة الأزهر التغريد خارج السرب، والسباحة ضد التيار، وافتعال حرب في غير معترك، فتراه يُرغي ويزبد؛ زاعمًا أنه قد أوتي من العلم والفهم ما لم يؤته أحد، وليته اكتفى بمخالفة سواد الأمة الأعظم وجمهور علمائها وحسب، ولكنه طفق يشكك العوام، ويوحي للبسطاء بزخرف القول والتدليس الذي يتقن أساليبه لا لشيء إلا ليثبت أن الأزهر على خطأ، وأنه يفرض وصاية دينية على الناس، وهيهات!

 

ونحن في الأزهر ما أن ابتليت البشرية بجائحة كورونا، حتى قمنا ببيان وجه الحق في المسائل الشرعية المتعلقة بهذا الوباء، من خلال لقاءات تضمنت المتخصصين في المجال الطبي وممثلين عن منظمة الصحة العالمية، وانتهى الرأي إلى أنه لا يجوز الإفطار في نهار رمضان خشية الإصابة بفيروس كورونا (كوفيد19)؛ إذ الثابت طبيا أن الصوم يرفع من جهاز المناعة الذي يطلب رفع كفاءته لمقاومة هذا الفيروس.

 

• ولكن هل يجوز الفطر لخشية الإصابة؟

 

لا.. وهذا القول تدليس وإلباس الباطل ثوب الحق، وذلك أن الفقهاء الذين عرفوا فروع الشريعة وأدركوا مقاصدها قرروا أن العبادات مراتب بعضها فوق بعض، وكلما كانت رتبة العبادة عظيمة فلا يترخص فيها بأدنى مشقة، والصيام عبادة عظيمة، وركن من أركان الإسلام، ولا يجوز الترخص بترك الصوم لضرر موهوم، بل معدوم.

 

 

 

•العالم الآن يعاني من جائحة كورونا... ويعد الأطباء والتمريض خط الدفاع الأول لمواجهة الفيروس، فهل من يتوفى من رجال الجيش الأبيض بكورونا يُعَدُّ شهيدًا؟

 

من المعلوم أن لكل معركة فرسانها وأبطالها، وفرسان معركة هذا الوباء هم الأطباء ومعاونوهم من أطقم التمريض، الذين يطلق عليهم الناس لقب: (الجيش الأبيض) نظرًا لأرديتهم البيضاء -كقلوبهم- والتي أصبحت صبغةً لازمةً لهم وعلامة مميزة لهذه الفئة عن غيرها من الناس، وبين الحين والآخر نسمع عن الإصابات، التي يتعرض لها الطاقم الطبي بأكمله من أطباء وممرضين وطبيبات وممرضات، قد تودي بحياة البعض منهم، وقد حدث فعلا أن توفي البعض من الأطباء من جراء إصاباتهم بهذا الوباء، كما ذكر الموقع الرسمي لنقابة الأطباء.

 وقد تساءل بعض الناس عن إطلاق وصف الشهادة لهؤلاء الأطباء، والجواب عليهم: أن الشهادة درجة عالية من الدرجات، ومنزلة من منازل المقربين في الآخرة، قرنها الله تعالى بدرجة الأنبياء والصديقين والصالحين، فقال تعالى: "وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسولَ فَأُولٰئِكَ مَعَ الَّذينَ أَنعَمَ اللَّهُ عَلَيهِم مِنَ النَّبِيّينَ وَالصِّدّيقينَ وَالشُّهَداءِ وَالصّالِحينَۚ وَحَسُنَ أُولٰئِكَ رَفيقًا".

 

والشهيد فعيل بمعنى مفعول، أي: مشهود له، وهو ثلاث درجات "شهيد الدنيا والآخرة، شهيد الآخرة فقط، شهيد الدنيا فقط"، وشهيد الآخرة كما جاء في تحفة المحتاج: "أما شهيد الآخرة فقط كغريق ومبطون وحريق وألحق به من مات بصاعقة وميت زمن طاعون"، فالميت بالوباء والطاعون من الذين نسأل الله تعالى أن يجعلهم من شهداء الآخرة.

 

• المسجد الحرام مغلق الآن بسبب جائحة كورونا... فهل يجوز شرعًا تأجيل موسم الحج؟

 

الحج مفروض على المستطيع من المسلمين بنص قوله تعالى: "وَلِلَّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ البَيتِ مَنِ استطاعَ إِلَيهِ سَبيلًا"، ومن المقرر والمعلوم شرعًا أن أحكام الشريعة الإسلامية وتكاليفها تميزت بالتيسير ورفع الحرج "وَما جَعَلَ عَلَيكُم فِي الدّينِ مِن حَرَجٍ"، ودرء المفاسد ودفع المشقات ورعاية المصالح، كما قال الشاطبي -رحمه الله-: "إن أحكام الشريعة موضوعةٌ لمصالح العباد في الدنيا والآخرة معًا".

 

 فإذا وجد في العبادات ما يشق فعله ووصل الأمر إلى درجة المشقة التي لا تطاق، فقد شرع الله تعالى رخصًا تبيح للمكلفين ما حرم عليهم، وتسقط عنهم ما وجب عليهم فعله حتى تزول الضرورة، أو ترفع المشقة، وذلك تخفيف ورحمة من الله القائل: "لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفسًا إِلّا وُسعَها"، فقد قعَّد الفقهاء قواعد مهمة حاكمة، من أهمها: قاعدة المشقة تجلب التيسير، وقاعدة: رفع الحرج والسماحة، وقاعدة: إذا ضاق الأمر اتسع، وقاعدة: لا ضرر ولا ضرار، وقاعدة: درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، وغيرها.

 

ونحن نلاحظ في هذه الآونة من سرعة انتشار هذا المرض -كورونا المستجد- واستفحال خطره، وخوف الإصابة به، وتأكيد الأطباء والمنظمات الصحية المختصة بأن التجمعات تؤدى إلى الإصابة بفيروس كورونا؛ يجب علينا عملًا بقوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا خُذوا حِذرَكُم".الأخذ بالأسباب، والابتعاد عن التجمعات بجميع أشكالها وصورها، ويشمل ذلك ترك فريضة الحج هذا العام –إذا ما رأت الهيئات والمؤسسات المختصة بقاء هذا الخطر في أشهر الحج- لا سيما وأن هذه الفريضة قد تعلق وجوبها على شرط الاستطاعة؛ ومن هذه الاستطاعة كما قال بعض الفقهاء الأمن وعدم الخوف، فقد صرَّحَ علماء الحنفية بأن من شروط وجوب الحج أمن الطريق وقت خروج أهل البلد، وإني أرى أن ترك الحج هذا العام ليس معصيةً، بل هو ترك الطاعة لأمر أوجب وطاعة أخرى أولى، وهي التي يشملها قوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا خُذوا حِذرَكُم"، وقوله تعالى: "وَلا تُلقوا بِأَيديكُم إلى التَّهلُكَةِ"، وعملًا بالقاعدة الفقهية التي تقول: "درء المفاسد مقدم على جلب المصالح".

 

• بحكم عالمية المركز فإنه يطلع على ما يحدث من صراعات وفتاوى شاذة.. أخبرنا عن سبل التصدي لها؟

 

 

 

 موضوع الفتاوى الشاذة من الأهمية والخطورة بمكان؛ لما له من تأثير شديد على ثقافة الفرد والمجتمع؛ إذ إنها تخرج من مفتين لم يأخذوا العلم الشرعي من أهلِه، فلم يتعلموا على أيدي العلماء الثقات الأثبات، ولم يكلفوا أنفسهم الرجوع إلى مظانِّه الأصيلة الصحيحة المعتبرة، بل إنهم لم يفقهوا منهج الوسطية والاعتدال الذي لطالما نادي به الأزهر الشريفُ على مر العصور والأزمان في فهم نصوص الشريعة ومقاصدها،

 

ولذلك كانت إشارة فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب (شيخ الأزهر) حفظه الله إلى أهمية الفتوى وعظيم منصبها - وذلك أثناء كلمة فضيلته في مؤتمر الفتوى إشكاليات الواقع وآفاق المستقبل، الذي نظمته دار الإفتاء عام 2015، فقال: "منصب الإفتاء في قلوب المسلمين دائمًا له منازل التقدير، ومشاعر التعظيم والإجلال... فالكلمة التي تصدر من فم المفتي لتقطع كل جدل أو خلاف أو تردد في المسائل المستفتي عنها، ولا يزال الناس يستقبلون فتاوى المفتين المعتمدين استقبالهم لصحيح الدين الذي لا معقب عليه، وهذا ما يجعل من الفتوى والإفتاء أمانة شاقة، ومسؤولية ثقيلة يشفق منها كل من يخشى الله، ويتقيه ويخاف حسابه وعقابه".

 

ونحن بدورنا نعتبر الفتوى من أهم الوسائل الموصلة إلى الحكم الشرعي الصحيح بالنسبة لعوام المكلفين بعد وفاة النبي، إذ لا سبيل للمكلف إلا اتباع ما جاءت به الفتوى من أحكام شرعية ترشد المكلف إلى صحيح الدين، وترفع عنه مشقة البحث الذي يفتقر إلى أدواته.

 

كما أن الفتاوى الشاذة، هي رأي فقهي يخالف قائله إجماعًا صريحًا لعلماء الأمة، ولم ينسجم مع مقاصد الشريعة، بل ويستبعده العقل، والواقع المجتمعي، وغالب الفتاوى الشاذة خالفت الإجماع، ولم تراع الواقع والمآل والموازنة بين المصالح والمفاسد، ويستبعدها العقل والطبع السليم، وهو ما يدخل تحت مقاصد الشريعة الإسلامية، لذا نسعى إلى التواجد العالمي باستخدام أحدث وسائل التواصل الاجتماعي والإعلامي لحصر وتفنيد الفتاوى الشاذة التي تقوض أمن المجتمع، وتحدث فيه الاضطرابات، أملًا منه في تحقيق الأمن والاستقرار المجتمعي بإصدار فتاوى منضبطة بعيدة عن التشدد أو الغلو في الدين؛ ونرى أن تلك الفتاوى، التي تخرج عن النسق الديني العام تشويه لوعي المسلمين، ويصح وصف من يتصدرونها بـ (لصوص الدين)، وهم من يفتون بغير علم، وهؤلاء أخطر على المجتمع من لصوص الدنيا، وخطرهم أكبر لأنهم يخدعون الناس بأحب شيء لديهم، ولذلك قام مركز الأزهر بتعريتهم والرد عليهم.

 

وطالبنا مررًا وتكررًا بسنِّ قانون أو تشريع يجرم هذه الفتاوى الشاذة، ويعاقب أصحابها حفاظًا على صحيح الدين، ومنعًا من تزييف وعي المسلمين، أو أن تتدخل الدولة لفرض عقوبات تعزيرية على أصحاب الفتاوى الشاذة، يقدرها القانون لمن يخل بالأمن العام أو الأمن الديني، أو يحدث بلبلة في المجتمع، مع التوصية بضرورة عرض الفتاوى على هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، لتراجع هذه الفتاوى، ويكون لها سلطة إيقاف هؤلاء الذين يتجرؤون على ثوابت الدين، كذلك العمل على توحيد جهة الفتوى على مستوى العالم العربي كله، بأن ينظَّم مؤتمرٌ عربي إسلامي يشارك فيه كل علماء الشريعة والمؤسسات الفقهية في الدول العربية والإسلامية دون استبعاد لأحد، على أن يتم الاتفاق بين العلماء على مؤسسة يعلن عنها -بمسمى يتفق عليه الجميع- تكون مهمتها إصدار الرأي الشرعي في كل النوازل والقضايا المعاصرة المعروضة على الساحة، والأمة العربية لديها الكثير من المؤسسات الدينية المؤهلة لتنفيذ ذلك الأمر وتحمل المسؤولية بجدارة.

 

• لماذا رفض الأزهر تكفير (داعش) رغم ارتكابها لكل الجرائم من قتل وسفك؟

 

تبنَّى الأزهر الشريف مذهب أهل السنة من الأشاعرة والماتريدية وأهل الحديث، وجعله منهجًا له في العقيدة، وذلك لعدة أسباب منها: أنه يشتمل على علاج لمشكلات فكرية، ومن أهم هذه المشكلات "قضية التكفير"، فقد وضعت العقيدة الأشعرية حلًّا لقضية التكفير قديمًا وحديثًا من خلال التأكيد على أن الخلاف الواقع بين المسلمين لا ينزع عنهم وصف الإسلام، ولا يؤدي بهم إلى تفسيق، أو تكفير، أو تبديع.

 

يقول الإمام الأشعري في مقالات الإسلاميين: "اختلف الناس بعد نبيهم في أشياء ضلل فيها بعضهم بعضًا، وتبرأ بعضهم من بعض، فصاروا فرقًا متباينين، وأحزابًا متشتتين، إلا أن الإسلام يجمعهم، ويشتمل عليهم".

 

ومع نفور الأزهر الشريف من التكفير، إلا أن هذا لا يعني السكوت عن المفسدين المحاربين لله ولرسوله، فقد بيَّن الأزهر الشريف حكم المفسدين وعقوبتهم، وما يجوز لولي الأمر حيال جرائمهم.

 

وبخصوص موقف الأزهر الشريف من الفرق الحادثة -كداعش- وغيرها يتلخص في أمرين:

 1ـ أنهم مفسدون في الأرض، محاربون لله ورسوله؛ وذلك لبشاعة ما يقومون به من قتل للمسلمين، وتعذيب لهم، وتمثيل بجثثهم، وحرق بالنار، وغير ذلك من جرائم تقشعر لها الأبدان، والإسلام منها براء. لهذا يجب التصدي لهم بكل الوسائل الممكنة، ولولي الأمر أن يقاتلهم، وأن يتتبع أوكارهم، وأن يستأصلهم عن آخرهم، وأن يعاقب مَن تمكن منه بما يرى فيه مصلحة للبلاد والعباد، ومن تاب منهم قبل القدرة عليه، وحسنت توبته فإن الله غفور رحيم.

 2 ـ أنهم ليسوا كفارًا، وعدم تكفير الأزهر لداعش يرتكز على عدة أمور منها: عدم تحقق مفهوم الكفر فيهم؛ فالكفر عند أهل السنة هو التكذيب لله ولرسوله، أو فعل ما يناقض الإيمان أو يدل على التكذيب والجحود: كإلقاء المصحف في القاذورات على جهة الاستهزاء به وبمن أنزله ما فيه، أو السجود لصنم على جهة العبادة والتعظيم، وغيرها مما يدل على كفر فاعله دلالة واضحة، كذلك إجماع أهل السنة على عدم تكفير أهل القبلة بالذنب، ودل على صحتها قول النبي: "مَنْ صَلَّى صَلاَتَنَا وَاستقْبَلَ قِبْلَتَنَا، وَأَكَلَ ذَبِيحَتَنَا فَذَلِكَ المُسْلِمُ الَّذِي لَهُ ذِمَّةُ اللَّهِ وَذِمَّةُ رَسُولِهِ، فَلاَ تُخْفِرُوا اللَّهَ فِي ذِمَّتِهِ"، وقوله أيضًا:" ثَلَاثٌ مِنْ أَصْلِ الْإِيمَانِ: الْكَفُّ عَمَّنْ، قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَلَا نُكَفِّرُهُ بِذَنْبٍ، وَلَا نُخْرِجُهُ مِنَ الْإسلام بِعَمَلٍ، وَالْجِهَادُ مَاضٍ مُنْذُ بَعَثَنِي اللَّهُ إلى أَنْ يُقَاتِلَ آخِرُ أُمَّتِي الدَّجَّالَ لَا يُبْطِلُهُ جَوْرُ جَائِرٍ، وَلَا عَدْلُ عَادِلٍ، وَالْإِيمَانُ بِالْأَقْدَار".

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز