المناضل الفلسطيني "عبد الناصر فروانة": يوم الأسير هذا العام استثنائي
ماجي حامد
في عام 1974 قام المجلس الوطني الفلسطيني باقرار يوم 17 إبريل من كل عام يوما لنصرة الاسرى و المعتقلين الفلسطينيين و اعترافا من دولة فلسطين بتضحيات هؤلاء الاسرى و امتنان بايمانهم الشديد بالقضية الفلسطينية و في هذا الصدد صرح عبد الناصر فروانة - رئيس وحدة الدراسات والتوثيق في هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية قائلا :" منذ ذاك التاريخ والشعب الفلسطيني في الوطن والشتات يحيي هذا اليوم بما يليق بالأسرى وتضحياتهم . فيما تحل الذكرى هذا العام في ظروف استثنائية وتحديات كبيرة وأوضاع خطيرة جراء تصاعد الانتهاكات الإسرائيلية بحق الأسرى وخطورة جائحة "كورونا ، فمنذ بدايات الاحتلال والأسرى يعانون أشكالاً متعددة من الأذى الجسدي والمعنوي. فلقد قُمع الأسرى الفلسطينيين طويلا . و لكن من المؤكد ان قضيتهم ستظل القضية ذات الصدارة على أجندة الحكومة الفلسطينية واصرار " الكل الفلسطيني" بالدفاع عن الأسرى وعدالة قضيتهم ومشروعية نضالهم ومكانتهم القانونية."
اما فيما يخص واقع خمسة الاف اسير فلسطيني لا يزالون يقبعون في سجون الاحتلال الاسرائيلي فقد صرح فروانة :" الجدير بالذكر ان الغالبية العظمى من هؤلاء الاسرى هم من سكان الضفة الغربية ويشكلون قرابة 84% من إجمالي الأسرى، و10% هم من سكان القدس والأراضي المحتلة عام 1948، اما الباقية يشكلون قرابة 6% ، وهم من قطاع غزة، موزعين على (22) سجناً ومعتقلاً ومركز توقيف.
هذا و يوجد من بين الأسرى (180) طفلا، و(41) فتاة وسيدة، من بينهن 16 أماً. وهناك في السجون (430) معتقلا اداريا دون تهمة أو محاكمة. بالإضافة إلى (5) نواب سابقين في المجـلس التشـريعي الفلسـطيني، و(17) صحافيا، ومئات السياسيين والأكاديميين والطلاب والإعلاميين والرياضيين.
كما اشار فروانة :" من بين الأسرى الفلسطينيين يوجد قرابة (700) أسير يعانون من أمراض مختلفة، بينهم نحو (200) اسير يعانون من أمراض خطيرة ومزمنة كأمراض القلب والفشل الكلوي والسرطان والضغط والسكري والشلل، بالإضافة إلى عشرات ممن يعانون إعاقات جسدية وذهنية ونفسية، أو من الإعاقة الحسية (السمعية أو البصرية)، بعضهم فقد القدرة على أداء الأنشطة اليومية الاعتيادية بنفس الكفاءة، ومن لم يعد يستطيع قضاء حاجته الشخصية، دون مساعدة رفاقه في السجن ،هذا الى جانب وجود عشرات من الأسرى كبار السن ممن تجاوزوا ال60 عاما، ويقف في مقدمتهم الأسير فؤاد الشوبكي والذي يُعتبر أكبرهم سنا حيث تجاوز الـ (80) عاما من عمره وهو معتقل منذ 14سنة ويعاني من أمراض عدة ويقضي حكما بالسجن 17عام .
و اضاف فروانة :" اما فيما يخص واقع الاسرى الفلسطينيين منذ أن انتشر فيروس "كورونا" و الذي داهم السجون و اصاب الكثير من الاسرائيليين والفلسطينيين، فالجدير بالذكر ان ادارة السجون الاسرائيلية لم تُقدم على اتخاذ أية إجراءات أو تدابير خاصة لحماية الأسرى الفلسطينيين من خطر الإصابة بالفيروس القاتل.
و مشيرا الى ان عدم وجود اصابات مؤكدة – وفقا للرواية الإسرائيلية-، لا يعني أن الأسرى يتمتعون بالحصانة من خطر الإصابة بـ "كورونا". وان كنا نتمنى ذلك، ولكن الأوضاع في السجون مقلقة للغاية في ظل الازدحام وتردي الأوضاع الصحية و استمرار الاستهتار الإسرائيلي وعدم توفير اجراءات الحماية والسلامة وغياب الفحوصات الطبية والرقابة الدولية. الأمر الذي يعني احتمالية اصابة أحد الأسرى أو بعضهم بالفيروس هو مسألة وقت. وان أصيب بعضهم فسرعان ما ستفشى وينتشر وسيشكل كارثة.
اما فيما يخص موقف القيادة الفلسطينية في ضوء الدعوات و الجهود المبذولة عربيا و دوليا للاسراع من اجراء الافراج عن هؤلاء الاسرى فقد اكد فروانة :" لقد تعرضت الحكومة الفلسطينية منذ سنوات لكثير من الضغط والابتزاز الاسرائيلي والأمريكي ، و بالفعل أوقفت أمريكا بعض المساعدات، فيما حجزت اسرائيل ملايين الدولارات من أموال الشعب الفلسطيني واشترطت وقف صرف المعونات لعوائل الشهداء والأسرى مقابل الافراج عن هذه الأموال. فجاء الرد الفلسطيني حاسما على لسان السيد الرئيس محمود عباس "أبو مازن" حينما قال: الشهداء والأسرى خطر أحمر، ومنذ بدء أزمة "كورونا" دعا السيد الرئيس ورئيس الحكومة ورئيس هيئة شؤون الأسرى بضرورة الافراج عن الأسرى والأسيرات، وتمت مخاطبة العديد من الجهات الرسمية وكافة المؤسسات الدولية، الحقوقية والإنسانية، لاطلاعهم على خطورة الأوضاع في السجون، وتمت مطالبتهم بالتدخل العاجل لتوفير الحماية للأسرى ووسائل الوقاية والإفراج عن الفئات الأكثر عرضة للإصابة بفيروس "كورونا". وما زال العمل مستمرا على كافة الاصعدة . ولقد شاركنا كهيئة شؤون الأسرى في العديد من الحملات الاعلامية والدولية نصرة للأسرى، ومنها الحملة التي أطلقها التحالف الأوروبي لمناصرة أسرى فلسطين تحت عنوان: معا لإنقاذ الأسرى من خطر "كورونا"، وقد حظي النداء الخاص بالحملة، التي ما زالت مستمرة، على توقيع قرابة مئات المؤسسات والجمعيات والاتحادات والشخصيات المجتمعية وأعضاء البرلمانات في أوروبا وأمريكا اللاتينية. كما ان ما صدر عن جامعة الدول العربية من موقف يدعو مؤسسات المجتمع الدولي لممارسة المزيد من الضغوط على سلطات الاحتلال الإسرائيلي لإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين، وتوفير الحماية الضرورية لهم في هذه الظروف."
واخيرا تعقيبا على ما صدر عن جامعة الدول العربية من موقف يدعو مؤسسات المجتمع الدولي ممارسة المزيد من الضغوط على سلطات الاحتلال الإسرائيلي لإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين، وتوفير الحماية الضرورية لهم في هذه الظروف خاصة مع انتشار فيروس “كورونا" أمر طبيعي وليس بجديد على الجامعة العربية، لكنه يعكس المتابعة الدائمة والمستمرة من قبل قطاع فلسطين لقضية الأسرى، فقد اكد فروانة :" يأتي هذا الموقف في سياق مواقف جامعة الدول العربية التاريخية تجاه القضية الفلسطينية ودعمها الدائم للشعب الفلسطيني وحرصها المعهود على قضية الأسرى والمعتقلين، ولقد اعتدنا على المواقف المشرفة لجامعة الدول العربية وقطاع فلسطين والأراضي العربية المحتلة، وسبق وأن اصدرت الجامعة كتابا عام 2015 يتناول قضية الأسرى وكان لي الفخر بتأليفه. فيما أحييت الجامعة العام الماضي ذكرى "يوم الأسير" الذي يصادف في 17 نيسان ، بحضور الأمين العام لجامعة الدول د. أحمد أبو غيظ والأمين العام المساعد د. سعيد أبو علي والسفير الفلسطيني د. دياب اللوح ووزير الأسرى قدري أبو بكر.