"عظيمات مصر".. "رحاب" تتحدى الصعاب وتصبح مأذونة الدقهلية
الدقهلية - مي الكناني
في شتاء العام الماضي، كانت قرية كفر شرف التابعة لمركز ميت غمر، بمحافظة الدقهلية، تضج بالأنوار استعدادًا لعقد قران عروسين من ابنائها، وبينما يتأهب الجميع لاستقبال المأذون لإتمام مراسم الزواج، حضرت سيدة ثلاثينية ممسكة بدفتر كبير وعلى وجها ابتسامة عريضة تخفي شعورها بالخجل، وبالكاد تلتقط أنفاسها، لتعلن أنها مأذونة القرية الجديدة.
المأذونة رحاب صبري خلال عقد قران عروسين
المأذونة في مكتبها
تولت رحاب صبري محمد، صاحبة الـ 34 عامًا، مأذون قرية ميت شرف رسميًا بقرار وزير العدل في عام 2018، وذلك بعد خلو المنصب لأكثر من 4 سنوات عقب استقالة المأذون الرسمي، وعقدت أول قران في فبراير 2019.
اقرأ أيضا.. تكريم 3 نماذج متميزة بالدقهلية في يوم المرأة العالمي
المأذونة رحاب صبري خلال عقد قران عروسين
تخرجت صبري في كلية الحقوق جامعة المنصورة، وهي من مواليد قرية الترزي التابعة لمركز بيلا بمحافظة كفر الشيخ، وتزوجت منذ 15 عامًا، وانتقلت للإقامة بمركز ميت غمر، ورزقت بـ 3 ابناء، إيمان بالصف الثاني الإعدادي، ورامي 10 سنوات من ذوي الهمم، وإياد 3 سنوات.
تشجيع الزوج
تروي مأذونة الدقهلية قصتها وتقول، إنها تقدمت لشغل الوظيفة بتشجيع من زوجها، لخوض تجربة جديدة غير مرهقة ولا تستنزف وقتها، وتراجعت أكثر من مرة خوفًا من طبيعة العمل الذكوري، لكنه كان يساندها، قائلة "كان بيقولي هنزل معاكي أي مكان، وعقد المساجد هنجيب شيخ يلقي الخطبة، وكان مسهل كل حاجة قدامي".
وتضيف أنها كانت تشعر بالخجل في بداية عملها، خاصة وأنه وفقًا لتقاليد القرى، فإن عقد القران يقتصر على رجال العائلتين فقط، وكانت تجلس بينهم وتنظر في الأرض، وأحيانًا تستعين بنجلتها لمساعدتها.
اقرأ أيضا… رئيس جامعة المنصورة يستقبل السفير الفرنسي بالقاهرة
المأذونة والمتشددين
مواقف كثيرة تعرضت لها "رحاب" جعلتها أكثر صلابة، منها رفض بعض المتشددين من ابناء القرية عملها بحجة أنها امرأة وصوتها عورة، كما أن السيدات لا تدخل المساجد وقت العقد، وتغلبت على ذلك مع زوجها، وحددت عملها في منزلها أو منزل العروس، وفي حال تطلب الأمر الإشهار في المسجد تستعين بأحد شيوخ القرية، وتجري هي الإجراءات الكتابية فقط..
أول عقد قران
بداية كسر حاجز الخجل كانت مع أول صيغة قران نطقتها، حيث تلعثمت في الإلقاء وأخطأت الترتيب، وهنا قررت الصمت لمدة ثوانٍ لاستجماع تركيزها، وأعادت التلاوة على الحضور بكل ثقة، وعقدت 20 عقد زواج وعقد طلاق واحد على مدار عام.
لم تحصل مأذونة الدقهلية على دورات تدريبية في مجال عملها، لكنها اعتمدت على اقتناء الكتب وقرائتها بمنزلها وتثقيف وتطوير نفسها بنفسها، أملًا في تحقيق حلم أسرتها في الوصول لأعلى المناصب، كما حاولت استغلال شهرتها وثقة أهالي القرية بها، وعقدت ندوات لتوعيتهم بمخاطر الزواج المبكر، بحضور متخصصين ودعاة، لمواجهة تلك العادة التي تضر بالفتاة وتقضي على مستقبلها.
اقرأ أيضا… رسم وشعر وموسيقى بقرية دنديط بثقافة الدقهلية
خلافات عقد القران
الخلاف حول قائمة المنقولات يعد أبرز الأزمات التي حضرتها "رحاب" خلال عملها، وقد يتسبب في عدم إتمام الزيجة، حيث تتذكر أنها حاولت التوفيق بين عروسين لمدة ساعتين، وبعدما فشلت تركتهما وذهبت، وبعد ساعات استدعوها لعقد القران بعد اتفاقهما.
وعلى الجانب الآخر، لم تؤثر تلك المهنة التي ظلت لقرون حكرًا على الرجال على حياتها الشخصية، وتحرص "رحاب" على حضور جلسات العلاج الطبيعي والتخاطب وتنمية المهارات الخاصة بنجلها الأوسط، ومتابعة حالته الصحية أولًا بأول، قائلة "الشغل مش كتير علشان احنا قرية صغيرة، وعندي 3 أيام في الاسبوع خاصين بابني بيروح مركز علاج، وفي البيت بشتغل معاه خطوة بخطوة، وحياتي كلها لولادي وبيتي وشغلي".
اقرأ أيضا… صرف المستحقات المالية لضحايات "لقمة العيش" بالدقهلية
المأذونة رحاب صبري مع أسرتها
وتؤكد مأذونة الدقهلية، أن المرأة المصرية قادرة على تقلد أي منصب مهما كان، واقتحمت كافة المجالات السهلة والصعبة وحققت نجاحات فاقت الرجال، وأثبتت مقولة "ست بميت راجل".
اقرأ أيضا
"ياسمين" تحارب الظلام بالموسيقى والمشغولات اليدوية
إطلاق اسم شهيد "ميت دمسيس" على المدرسة الابتدائية
18 مليون جنيه لتطوير قرية "أبو صبور" بالدقهلية