عادل عبد المحسن
أموت على الجبهة
احتدم الخلاف بين القائد العام للقوات المسلحة، ورئيس الأركان على طريقة التعامل مع ثغرة الدفرسوار التي عبر من خلالها الإسرائيليون إلى غرب قناة السويس.
كان الفريق سعد الشاذلي يرى سحب لواءين من القوات التي عبرت قناة السويس خلال حرب أكتوبر 1973 لمواجهة الثغرة، بينما يرى الفريق أول أحمد إسماعيل- الذي رقي إلى رتبة المشير بعد حرب أكتوبر- أن القوات المتواجدة غرب القناة قادرة على التعامل مع الثغرة وتصفيتها.
واشتد الخلاف واحتدم بين القائدين ولم يجد القائد العام مفرًا سوى طلب القائد الأعلى للقوات المسلحة الرئيس محمد أنور السادات الذي أمر بعقد اجتماع للمجلس الأعلى الذي استمع إلى قادة الأسلحة كل فيما يخصه، ولما جاء الدور على قائد القوات الجوية اللواء محمد حسني مبارك الذي رقى فيما بعد إلى رتبة الفريق، قال: لا توجد خطة انسحاب لدى القوات الجوية وقادرون على التعامل مع الثغرة جويا وأموت في الجبهة لا ننسحب، فكان رد السادات، مبديًا، إعجابه بتقييم اللواء حسني مبارك قائلًا: أنت قائد قاذفات ثقيلة.
وبعدما أستمع الرئيس السادات إلى تقييمات القادة، وجه حديثه إلى الفريق سعد الدين الشاذلي قائلا: كلمة انسحاب شطبت من قاموسنا، ولو رددتها مرة أخرى هحبسك.
وكان الرئيس السادات، قد استشاط غضبًا من الشاذلي، حسب رواية اللواء محيي نوح، الذي كان اليد اليمنى للشهيد العميد إبراهيم الرفاعي في الكتيبة 39صاعقة، عندما أعطى الشاذلي تكليفًا إلى الرفاعي، بأن يعمل على مدفع، ويوجه ضرباته إلى الكوبري الذي أقامه الإسرائيليون في منطقة الدفرسوار، رغم أن الرفاعي غير مدرب على المواجهة المباشرة مع العدو، وكل تدريباته تعتمد على العمليات الخاطفة في عمق العدو، وتحقيق الهدف من الضربة ثم الانسحاب، فعنف السادات، الشاذلي، على الخسارة الكبيرة باستشهاد الرفاعي.
ولما جاء وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسنجر إلى مصر خلال أيام الحرب التقى الرئيس السادات وسأله ماذا ستفعل في الثغرة؟ فكان رد الرئيس، لدينا قوات لواء و150دبابة من الجزائر، وقادرون على تصفيتها، فكان رد الوزير الأمريكي: إن الولايات المتحدة الأمريكية لن تسمح بأن يهزم السلاح الأمريكي أمام السلاح السوفيتي. ومن خلال هذا الحديث أيقن الرئيس السادات أن أمريكا التي تخوض الحرب بطريقة مباشرة مع إسرائيل ضد مصر مستعدة أن تخوضها علنًا.
وبدأت الاستعدادات الأمريكية لهذه المواجهة، ورصد القمر الصناعي الروسي كوزموس هذه التحركات العسكرية الأمريكية وفى المقابل كانت المداولات في مجلس الأمن حتى صدر قرار وقف إطلاق النار يوم 24أكتوبر 1973 وأنقذت المنطقة من انطلاق شرارة الحرب العالمية الثالثة.
في كتاب ألفته الزميلة رباب حسين عن سعد الدين الشاذلي والثغرة والذي تتبنى فيه وجهة نظر الشاذلي عن طريقة التعامل مع ثغرة الدفرسوار لم أقتنع برؤيته بأن نسحب قوات من الشرق لمواجهة القوات الإسرائيلية المتسللة إلى الغرب.
وخلال حوار تليفزيوني للرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك، مع الإعلامي عماد الدين أديب، الذي أجري في غرفة عمليات القوات المسلحة، قال مبارك: إن انسحاب قوات من الشرق خلال الحرب كان يمكن أن يؤدي إلى انهيار القوات على الجبهة عندما ترى قوات ما يجاورها ينسحب فيحدث اضطراب وشائعات.