عاجل
الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

إلى ابنتي: اخطئي فهذا حقك 

حدثتني صديقة في يوم ما، تشكي لي شرود حلا ابنتي عن صديقاتها واكتفاءها بصديقة واحدة فقط دونهن وأنها تفرق ما بين الجميع وأن ما يحدث سوف يكون له أسوأ العواقب عليها وسيكرهها الكل استمعت بهدوء كعادتي في استقبال تلك المكالمات ووعدت بأني سأرى الأمر واتخذ اللازم.



 

أغلقت سماعه التليفون وأنا اعلم أن حلا لديها ما تحكيه فابنتي صاحبة العشرة أعوام لها وجهة نظر دائما في أفعالها فهي لا تدع شخصا يحركها كدمية وأنه إذا كانت وجهة نظرها خاطئة فسوف يكون أمامي يوم طويل جدا لاقناعها بالمناسب والصحيح. 

سألتها عن قصة أصدقائها ولماذا الكل يغضب منها وأنها تتركهم وتذهب مع واحدة دون الأخريات وهي وجودها مهم بالنسبة للكل لماذا اختارت هذه البنت وتركت الجميع.  

قالت ان واحدة من هؤلاء تغضب صديقتها كثيرا وطوال الوقت تضربها أو تنظر لها نظرة غير لائقه وأنها تتعامل مع الجميع والكل يحبها لكن في وقت البريك تحزن أن تكون هذه الصديقة بمفردها فتذهب معها والباقي يلعب كيفما يشاء. 

نظرت لها ولم استطع الرد عليها في حينها فكل يوم اتعلم منها أو من الحياة عموما أن القصة لا تحكي من وجهة نظر واحدة فهناك ألف طريقة للحكي وكل لديه سبب خاص ليحكيه الكل صادق وفي صواب في روايته ومن وجهة نظره.

افتخرت بأنها لم تترك صديقتها بمفردها ووقفت معها في وقت هي تحتاجها فيه بل كانت تتحدث بلسانها لأن تلك الصديقه خجوله وكانت نصيحتي أنا ووالدتها أن كل شخص يتحدث بلسان نفسه وانها لابد أن تعترض بشكل محترم عن ما يحدث وان ابنتي لها أن تختار السير واللعب معها دون أن تغضب باقي الأصدقاء.

لم تكن هذه المشكلة التي تمر على فحسب فأنا وأمهات صديقاتها نلقبها بالمحامي العام تدافع باستماته عن اي شخص تعرض لمشكلة حتى لو كان على حساب الأخريات.  

إلى هنا لم تنته مشكلة ابنتى بعد ففي الواقع فكرة الخطأ والصواب منذ فترة كانت بالنسبة لي شيئا غريبا فأنا أعيش في مدينة فاضلة ولا أفضل أن أخطئ واظل اجلد نفسي على الكلمة والحرف والموقف لكن بعد كل هذه السنوات اكتشف أني انسان لابد وأن يخطئ ولابد أن تكون بداخلى مساحة سلام أكثر من هذا فالكل ليسوا أنبياء فلماذا اعيش بمفردي في عالم خيالي بعيدا عن فكرة الغلط!

لذلك دائما أتحدث مع صديقاتي ادعوهن أن يتركن بناتهن للتجربه من حقهن أن يشعرن بقوة وان يشعرن بأن ظهورهن قوية بآبائهن حتى وقت الخطأ لماذا تكون ابنتي نسخة مصغرة منى مرة أخرى لماذا تصبح نسخة من والدها أو جداتها حتى لو كنا منزلين من السماء. 

نصيحتي لها مهمة لكن أفعالها أهم وكيفية السير على تلك النصيحة بطريقتها واسلوبها هي وكيفما تبلورها هي وليس كربونا نكتب وننسخ به.

طوال الوقت أصبحت أنا من تتعلم وليست هي أتعجب من مواقفهن وشخصياتهن وقراراتهن في سن صغيرة كهذا لكن اقف وافكر دائما أين كانت عقولنا وفرصنا للرفض والقبول لماذا عشنا حياة نحياها مثالية بعيدة تماما عن واقع يؤلمنا ولا نتحمل آلامه، لماذا فصلنا أهلينا عن الواقع لماذا كان الخطأ بالتبريقة والجز على الشفايف، لماذا لم يكن لدينا فرص للخطأ حتى نتعلم ما هو الصواب فالكل مثالي ونحن آليات متحركة ننفذ فقط.

إلى ابنتي والى كل مثيلاتها اقدر دائما هذه العقول الواعية العقول المفكرة  صاحبة القرارات، الخطأ الوحيد الذي لا يسمح به هو الخطأ في حقوق البشر والظلم أي أخطاء أخرى مردودة أي أخطاء أخرى مباحة وسوف تتعلمن منها الكثير.  

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز