عاجل
الخميس 16 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
الصحافة القومية

الصحافة القومية

كثر الجدال واللغط هذه الأيام حول الصحافة القومية وضرورة إصلاح المؤسسات الصحفية القومية، في البداية تجدر الإشارة إلى أن الصحافة القومية أحد أهم أدوات الدولة المصرية فقد كانت وما زالت في مقدمة المدافعين عن الدولة في أزمات مختلفة وعبر أزمنة مختلفة، لم تختر الصحافة القومية إلا أن تنحاز للدولة بكل مكوناتها تدافع عن وحدتها وعن مستقبلها وعن مسارها وعن مؤسساتها تحفظ لها كرامتها وكبريائها، انحياز الصحافة القومية كان دائما وأبدا مع الدولة وما ترتضيه مؤسساتها الشرعية والموقف من ثورة 30 يونيو 2013 خير دليل على ذلك، فقد كانت الصحافة القومية في مقدمة المدافعين عن الدولة وفي مقدمة المتصدين لأعدائها تفضح خططهم ومخططاتهم وتكشف من يمولهم ويدعمهم، كانت لجماعة الإخوان الإرهابية بالمرصاد تكشف عن كل ألاعيبها ودائرة علاقاتها ومخططاتها وتحركاتها في الداخل والخارج تفضح أكاذيبهم وتدلل على فساد منطقهم وزيف دعواهم، كانت للدولة المصرية خير معين بل منبرها الأول الذي تخاطب من خلاله الشعب المصري، تشرح خططها وتوجهاتها في هذه المرحلة الدقيقة والحاسمة من تاريخ مصر وتلقي الضوء على ما تشهده البلاد من نهضة عمرانية وحركة تنويرية، تنقل للنور هذا التحديث الشامل في مختلف المجالات وفي كل مؤسسات الدولة مؤكدة على أهمية المشروعات العملاقة التي تنشئها لبناء دولة عصرية قوية تدخل إلى المستقبل من أوسع أبوابه.



 

 

كما كانت الصحافة القومية دائما وأبدا مع الشعب الذي أولاها ثقته فكانت هي المعبر عن أحلامه وطموحاته وآلامه ومتاعبه، هي المتنفس له فيها يجد ضالته ومن خلالها يعبر إلى المسؤولين يبثهم همومه وشكواه من خلال أحد أمهر فنون الكتابة الصحفية وهو فن التحقيق الصحفي وباب بريد القراء، كانت الصحافة القومية نافذة المصريين للعالم وبابا واسعا للعلم والمعرفة والتعرف على كل ما هو جديد في الحياة، في كل الفترات التي مرت بمصر منذ تأميم الصحف في ستينات القرن الماضي، لم تنهار الصحافة كما انهارت حاليا لم تتعرض لنكسة كالتي تتعرض لها حاليا لم تشهد هذه الانتكاسة التي تعبر عنها بكل صدق أرقام توزيع الصحف المصرية والتي تكشف بكل أسف عن انصراف الشعب المصري عن الصحافة لتراجع دورها وأهميتها، في وقت كان توزيع صحيفة يومية واحدة يتخطى المليون نسخة وذلك لأنه ببساطة لم يتراجع مضمون الصحف القومية كما تراجع حاليا بعد أن فقد تنوعه وثراءه فتراجع معه دور الصحف وضعف تأثيرها، وللحقيقة فإن الإعلام الإلكتروني ووسائل التواصل الاجتماعي بريئة من كل ذلك.

 

 

تراجع دور ومكانة وأهمية الصحافة القومية خسارة كبيرة ليس للصحفيين فحسب بل وللدولة المصرية ذاتها باعتبار الصحافة القومية أحد أهم أدوات قوتها الناعمة، وبذلك مصر تخسر كثيرا فقد كانت مصر حتى وقت قريب تباهي، ليس المنطقة فحسب بل العالم كله، بصحافتها الحرة المستقلة ومدى تميزها وقوة انطلاقها ومهنيتها، كنا نباهي أن مصر بها صحف مثل الأهرام وأخبار اليوم والجمهورية صحيفة الثورة المصرية ثورة 23 يوليو، كنا نباهي أن مصر تشهد هذا الكم من الصحف التي تتعدد انتماءاتها ويتنوع مضمونها بين صحف قومية وحزبية ومستقلة، كانت صحفنا تزخر بأقلام كبار الكتاب الذين يندر أن تجد مثيل لهم في العالم العربي كله، كتاب علموا دول المشرق العربي ودول المغرب العربي الصحافة وأنشأوا لها كليات وأقسام لتدريسها في جامعات نشأت أيضا على أيدى علماء مصريين، كتيبة من الكتاب والصحفيين المصريين الذين أسسوا عشرات الصحف اليومية والأسبوعية وعشرات الدوريات العامة والمتخصصة في مختلف دول العالم العربي تتباهى بها هذه الدول حاليا.

 

 

إصلاح حال وأوضاع الصحافة القومية أصبح بالفعل ضرورة قصوى يجب البدء بها الآن ودون تأجيل اليوم قبل الغد، إصلاح حال الصحافة القومية لن يكون بالتصفية والدمج بل بأن يؤمن الجميع بأهمية وقدسية الدور الذي تلعبه الصحافة والصحافة القومية على وجه التحديد، وهو ما يفرض أن تتحمل الدولة المصرية كافة تبعات وتكلفة هذا الإصلاح وأن تختار لقيادة الصحف القومية كرؤساء تحرير كتيبة من الصحفيين الشرفاء الذين يشهد لهم تاريخهم المهني بالمهنية والموهبة التي تمكنهم من قيادة السفينة والعودة بالصحافة المصرية إلى سابق عهدها، كتيبة من الصحفيين الشرفاء الذين يؤمنون بقيمة العمل الصحفي وأن الصحافة مهنة ذات رسالة وليست مهنة للارتزاق وكسب الأموال، صحفيون يؤمنون بأن المضمون الصحفي يجب أن يتمتع بالتنوع والثراء وأن يلبي جميع احتياجات القارئ، رؤساء تحرير يؤمنون بأن الصحافة حلقة وصل بين الدولة بكل مؤسساتها وأجهزتها والشعب بكل طوائفه وفئاته، كما يجب البدء وفورا في إصلاح المؤسسات القومية ورفع الديون التي تكبلها واختيار مجموعة من الإداريين الأكفاء المشهود لهم بالعلم لتولي منصب رئاسة مجالسها الإدارية مع تحقيق مبدأ الفصل التام بين التحرير والإدارة لتجنب الخلط واستغلال النفوذ بحيث يمكن لهؤلاء حسن استغلال واستثمار أصول هذه المؤسسات مع التنسيق مع الجهات الخاضعة لها سواء الهيئة الوطنية للصحافة أو مجلس النواب أو مجلس الوزراء.

 

 

ولعل أحد أهم الحلول أيضا للدفع بالصحافة القومية إلى الأمام هو أن تنظر الدولة نظرة إيجابية للصحفي وأهمية الدور الذي يقوم به وتوفر له المناخ الذي يساعده على القيام بعمله على أكمل وجه، من ذلك توفير حياة كريمة له بزيادة رواتب الصحفيين والتي أصبحت في مؤخرة رواتب العاملين بالدولة وأيضا عمل دورات تدريبية مستمرة لرفع مستواه المهني، وأيضا التأكيد على حق الصحفي في الحصول على المعلومات التي يحتاجها.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز