
ذكرى وفاة قيثارة الغناء العربي.. ليلى مراد صاحبة 1200 أغنية

كتبت - هبة جلال
من الغناء للتمثيل، من الصوت الدافئ والأكثر إبداعًا في "قلبي دليلي" للإطلالة المتميزة والمختلفة في" ليلي بنت الفقراء"، نجحت في إثبات نفسها كفنانة لنوعيات مختلفة من الفن، بأعمال جعلت المشاهد والمستمع لا يعرف كيف تتألق في كل عمل يسند إليها، لتضع بصمة لها بريق خاص، ويظل محفورًا في قلوب وعقول جماهيرها، فاستولت على قطاع كبير منهم بسبب حرصها الدائم على الإبداع والتميز.
تسلحت باجتهادها وتميزها المنفرد حتى انطلقت في المجال وبقوة فنبت بريق الصدق في تجسيدها لأعمالها رصيدًا من الصدق والاحترام، وكان القبول يرافق اسمها كلما ذكر، وهذا إن دل على شيء إنما يدل على مدى المحبة التي يكنها الجمهور العريض لها ومدى تفاعل الوسط الفني مع أعمالها الفنية المتميزة.
فمهما قلت عنها يبقى لديك المزيد والمزيد، لذلك تقرر الاكتفاء بذكر اسمها فقط.. إنها صاحبة الحضور الواثق، إنها الفنانة "ليلي مراد"، بكل ما يحمل هذا الاسم من صفات.
نشأتها:
ولدت الفنانة ليلى مراد في 17 فبراير1918 بمحافظة الإسكندرية لأسرة يهودية الأصل، وكان اسمها الحقيقي "ليليان"، وهي ابنة المغني والملحن إبراهيم زكي موردخاي "زكي مراد"، الذي قام بأداء أوبريت "العشرة الطيبة"، وكان من تلحين الموسيقار سيد درويش.
وأمها جميلة سالومون، يهودية من أصل بولندي، سافر والدها ليبحث عن عمل بالخارج وانقطعت أخباره لسنوات طويلة، فاضطرت ليلى للدراسة بالقسم المجاني برهبانية "نوتردام ديزابوتر- الزيتون"، كما تعرضت أسرتها للطرد من المنزل بسبب نفاد أموالهم وتخرجت بعد ذلك في المدرسة.
مشوارها الفني:
بدأت ليلى مشوارها مع الغناء في سن الرابعة عشرة، حيث تعلمت على يد والدها زكي مراد والملحن المعروف داود حسني، وبدأت الغناء في الحفلات الخاصة ثم العامة، ثم تقدمت للإذاعة كمطربة في عام 1934 ونجحت.
ثم بعد ذلك سجلت أسطوانات بصوتها، وخاضت التمثيل الفني في عام1937 حيث وقفت أمام الموسيقار محمد عبد الوهاب والمخرج محمد كريم في فيلم "يحيا الحب"، وفي هذا الوقت كانت قد غيرت اسمها إلى ليلى مراد.
ورغم أدائها التمثيلي الضعيف، إلا أنها جذبت أنظار الفنان يوسف وهبي فقدمت معه فيلمها الثاني "ليلة ممطرة" عام 1939.
وعندما أنشئت دار الإذاعة المصرية تعاقدوا على الغناء مرة أسبوعيًا، وكانت أولى حفلاتها الغنائية التي قدمتها للإذاعة في 6 يوليو عام1934 وغنت بها موشح "يا غزالا زان عينه الكحل"، وبعد ذلك انقطعت عن حفلات الإذاعة بسبب انشغالها بالسينما، ثم عادت إليها مره أخرى عام 1974 بأغنية "أنا قلبي دليلي".
أعمالها الفنية:
قدمت ليلى مراد للسينما 27 فيلما سينمائيا أولها "يحيا الحب"، مع الموسيقار محمد عبد الوهاب عام 1937 وآخر أفلامها "الحبيب المجهول"، عام1955 مع الفنان حسين صدقي واعتزلت بعده العمل الفني.
وكان من أشهر أفلامها "قلبي دليلي، ليلى، ليلى بنت الفقراء، ليلى بنت الأغنياء، ليلى في الظلام، بنت الأكابر، حبيب الروح، عنبر، الهوى والشباب، سيدة القطار، الماضي المجهول، المجنونة، من القلب للقلب، غزل البنات، شاطئ الغرام، ليلة ممطرة، ليلى بنت المدارس، والحياة الحب".
كما ارتبط اسمها باسم الفنان أنور وجدي، بعد أول فيلم لها معه، وكان من إخراجه وهو فيلم "ليلى بنت الفقراء" وتزوجا عام 1945.
ووصلت الأغاني التي قدمتها 1200 أغنية، ولحن لها كبار الملحنين من أمثال رياض السنباطي، زكريا أحمد، القصبجي، محمد عبد الوهاب ومحمد فوزي، ومن أبرز أغانيها الأغنية الوطنية "الاتحاد والنظام والعمل" عام 1953.
إسلامها:
في عام 1946 وتحديدًا بشهر رمضان المبارك، حيث كانت الزينة والفوانيس تطل على شرفة ليلى مراد فتأملتها بشكل طفولي متسائلة عن الحكمة في كل هذه الاحتفالات بهذا الشهر؟!
كما أنها استيقظت ذات يوم على صوت مؤذن المسجد المجاور لعمارة الإيموبيليا بشارع شريف وسط القاهرة يؤذن لصلاة الفجر، وكانت في هذا الوقت متزوجة من الفنان أنور وجدي، وشعرت وكأن هذا الأذان هاتف دعاها لشيء ما، فأيقظت زوجها وأخبرته بأن صوت المؤذن هذا اليوم جميل وأحلى من أي يوم.
قبل ذلك كان يزعجني كل فجر، ولكن اليوم صوته في أذني أحلى من صوت الكروان، ثم أبلغته بأنها تريد إشهار إسلامها فأبلغها بأن تقول أشهد أن لا إله إلا الله، وتصبح بعد ذلك مسلمة، ولكن لم تفعل، وظلت مستيقظة حتى التاسعة مساء، وبعد ذلك ذهبت إلى الأزهر واستقبلها الشيخ محمود أبو العيون، وأشهرت إسلامها على يده.
وبعد خروجها من الأزهر نحرت الذبائح ووزعتها على الفقراء والباعة الجائلين، وأقامت أول مائدة للرحمن في شارع المدابغ "شريف حاليا"، ثم اختار لها الشيخ محمود مكي اسمها الذي اشتهرت به "ليلى مراد"، بدلا من "ليلى زكي مردخاي أصولين".
زواجها:
تزوجت الفنانة ليلى مراد من الفنان أنور وجدي أثناء مشاركتهما معا بفيلم "ليلى بنت الفقراء"، واستمر زواجهما ثمانية أعوام، ثم انتهت علاقتهما بالانفصال والطلاق، بعد ذلك تزوجت من وجيه أباظة سرا، بسبب عدم موافقة عائلته من زواجهما، وأنجبت منه ابنها أشرف، ثم انفصلت عنه بعد ذلك لتتزوج من فطين عبد الوهاب، وأنجبت منه طفلها زكي.
مرضها ووفاتها:
لحق بليلى مراد العديد من الشائعات المغرضة بعد ثورة يوليو، وتحديدا بعد عام 1956 حيث اتهمت بأنها تبرعت ماديا لإسرائيل وتم التحقيق معها وثبتت أنها لم تزر إسرائيل طيلة حياتها كما ثبت براءتها من كل ما نسب إليها.
وعانت ليلى من أنيميا حادة تجعلها غير قادرة على الوقوف على قدميها وملازمة الفراش دائما حتى وافتها المنية في شقتها بالقاهرة في 21 نوفمبر عام1995 بعد مشوار فني طويل وناجح.