الثلاثاء 23 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

نص كلمة رئيس الأعلى للإعلام بمؤتمر التنمية المستدامة 2030

نص كلمة رئيس الأعلى
نص كلمة رئيس الأعلى للإعلام بمؤتمر التنمية المستدامة 2030
كتب - عبد الوكيل أبو القاسم

عقد اليوم بمقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية مؤتمر لمناقشة دور الإعلام في إحداث التنمية بالبلدان العربية، ومتابعة تنفيذ أهداف خطة التنمية المستدامة 2030 في مجال الثقافة؛ للوقوف على المعوقات وإيجاد الحلول لمواجهة التحديات.

وألقى الكاتب الصحفي مكرم محمد أحمد، رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، كلمة بالمؤتمر ننشر نصها في الآتي:

معالي السيد/ أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية

الدكتور/ عباس شومان وكيل شيخ الأزهر، نائبا عن الإمام الأكبر الشيخ/ أحمد الطيب

السادة الأجلاء وزراء الثقافة والشباب والآثار والتربية والتعليم في جمهورية مصر العربية

السادة السفراء رؤساء الوفود جامعة الدول العربية

الحضور الكرام

لا يملك الإنسان سوى تحية هذا الجهد الإنساني العظيم الذي يبذله الإنسان على مستوى العالم أجمع، ربما للمرة الأولى في التاريخ، وعلى امتداد 15 عاما متصلة، من أجل تنفيذ خطة تنمية مستدامة تهدف في الأساس إلى إنهاء مشكلات الفقر والجوع والجهل والمرض وجميع صور التمييز السلبي، وحماية كوكبنا، الأرض، من التدهور والتصحر وتغيرات المناخ، وتأكيد أن الازدهار والرخاء والتقدم في كل صوره حق أصيل ينبغي أن يتمتع به جميع الناس دون تمييز، وأن من حق المجتمعات الإنسانية أن يسودها السلام والاستقرار، ويجد الجميع فيها متسعا لحياة كريمة تخلو من الخوف والعنف وجميع صور الاحتلال والقهر، بحيث يتشارك الجميع في بناء مستقبل أفضل للإنسان والكون.

وبرغم أن أهداف التنمية المستدامة ليست ملزمة قانونًا، إلا أن ما يدعو إلى التفاؤل أن جميع حكومات العالم دون استثناء تضع أُطرًا وطنية لتحقيقها وفي المقدمة عالمنا العربي الذي فُرض عليه التأخر والتخلف وغياب الحكم الرشيد طويلًا، لكنه استطاع أن يحقق عن طريق التنمية المستدامة الكثير من الإنجازات.

وإذا كانت مهمة مؤتمرنا هذا متابعة تنفيذ خطة التنمية المستدامة في مجال الثقافة، فإن علينا أن نسأل أنفسنا: ما الذي حققناه، من أجل الترويج لثقافة السلام واللاعنف وقبول الآخر وتبني الحوار أساسًا للتعايش والعيش المشترك والمشاركة البناءة في حماية أنفسنا من الإرهاب والكراهية وحماية كوكبنا من أخطار البيئة والمناخ، وتكتيل جهود الإنسان من أجل بناء التقدم.

وما الذي أنجزناه من أجل إقرار حقوق المواطنة أساسًا قويًا لبناء أوطان موحدة قوية لا تنفصم عراها أو تمزقها الصراعات والنزاعات العنصرية والطائفية والعرقية، وهل حقا نؤمن بالتعدد والتنوع بدلا من العزلة والإقصاء، لأن في التنوع إثراء لحضارتنا وتعزيزًا لوجودنا الإنساني، وهل استطعنا أن ننقذ أدباءنا من براثن التطرف والتعصب والفهم المغلوط الذي يحض على العنف ويقضي على السماحة واليسر؟

إذا كانت مهمة مؤتمرنا أن نجيب عن هذه الأسئلة ونفتش عن إجاباتها الصحيحة في واقعنا الراهن، فإن علينا أن نفتش أولًا عن الإعلام، لأن الإعلام هو الشريك الأساسي الذي يمكننا من الوصول إلى الناس ويلعب دورا أساسيا في تشكيل الرأي العام، وهو الذي يروج لهذه المفاهيم صحيحها وعاطلها لا يعيق دوره قيود الجغرافيا وحواجز اللغة، وهو الذي يسلط الضوء على المشكلات وحلولها المتاحة ويصل صاحب القرار بقواعده العريضة ويضيء لنا عقبات الطريق، من دونه يقل المشترك في حياتنا وتضعف الروابط في عالم أصبح بالفعل قرية صغيرة متشابكة المصالح والاتجاهات.

وحسنًا أن توافق وزراء الإعلام العرب في دورهم السابع والأربعين عام 2016 على ضرورة وضع خارطة طريق إعلامية عربية لتنفيذ أجندة للتنمية المستدامة 2030 تحدد مسار السياسات الإعلامية لتنفيذ أهدافها السبعة عشر التي توافق عليها المجتمع الدولي ابتداء من الفقر والجوع إلى المناخ واللاعنف، وأظن أن الواجب يلزمنا أن نوجه جزيل الشكر إلى الأمانة الفنية للمؤتمر، وعلى رأسها السفيرة هيفاء أبو غزالة الأمين العام المساعد، التي بذلت جهدًا مشكورًا من أجل إعداد مسودة هذه الخريطة بحيث تكون أكثر اتساعًا وشمولًا، تشمل الناس والأرض وتعمل على ازدهارهما معًا في إطار مبادئ العدالة والسلام وتحفز الجميع على المشاركة وتبث الشعور بالمسؤولية وتسهم في تغيير كثير من المفاهيم والاتجاهات السائدة إلى الأفضل والأحسن.

 

الإخوة الأعزاء

لست أشك في قدرة أمتنا العربية على أن تحقق غالبية أهداف التنمية المستدامة على امتداد الخمسة عشر عامًا القادمة، خاصة مع التقدم الذي حدث خلال العقود الأخيرة في مجال التعليم والصحة ومياه الشرب والكهرباء، بما زاد من فرص تحسين مستويات الحياة، لكننا لا نزال نعاني من تدني مستويات تعليم المرأة وإسهامها المحدود في قضية الإنتاج فضلًا على أن نسبة تتقرب من 15 في المائة يتزوجن في سن تتراوح بين 12 و15 عامًا، بما يزيد من مشكلاتنا الاجتماعية كما نعاني من ارتفاع معدلات النمو السكاني بوتيرة عالية، كما يشكل ضعف خصائصنا السكانية أهم نقاط ضعفنا، لأننا لم نحقق حتى الآن المستويات المطلوبة من جودة التعليم والتدريب، ومع ذلك يظل الإرهاب والعنف والحروب الطائفية هي أخطر مشكلاتنا فضلًا على الترحال والهجرة وطول أمد التسويات السياسية بسبب النزاعات والحروب الأهلية التي جعلت العرب يشكلون النسبة الأكبر من اللاجئين في العالم، وقبل عدة عقود كان الفلسطيني وحده هو اللاجئ العربي، لكن اللاجئين العرب يشملون الآن السوريين والعراقيين والليبيين والسودانيين الذين يشكلون الآن غالبية اللاجئين في العالم، ومع الأسف لم نستورد هذه الأمراض من الخارج فجميعها صناعة عربية خالصة لأن الذين يمولون الإرهاب ويشيعون الحروب الأهلية ويروجون للنعرات الطائفية ويكرسون الانقسامات الدينية، هم في الأغلب عرب، يتصورون وهمًا أنهم قادرون على التأثير في مجريات عالمنا، لكنهم في الحقيقة مجرد أدوات لقوى وجماعات يهمها أن يقتتل العرب ويزدادوا انقسامًا وتشرذمًا كي يسهل لهم السيطرة على مقدرات عالمنا العربي ومواقعه وممراته الاستراتيجية ومنافذه التي تتوسط العالم في الغرب والشرق والشمال والجنوب.

وبرغم أن المجتمع الدولي يدين الإرهاب ويدين الدول التي تدعمه وتعطيه ملاذا آمنًا، إلا أن النفاق الدولي والمعايير المزدوجة والمصالح المالية الضيقة لا تزال عناصر مهمة تطيل أمد الإرهاب وتعطيه فرصة الإفلات من العقوبات الدولية وتقلل من قوة ردع القانون الدولي، وتظهر نقاط الضعف في مؤسساتنا الدولية لأنه لا معنى على وجه الإطلاق لأن تفقد دول عديدة المزيد من ضحايا الإرهاب ويتواصل الخراب يهدم حواضر عربية مهمة، بينما تُواصل دول أخرى دعم الإرهاب وإعطاءه ملاذات آمنة، إذا كان خروج داعش من العراق وسوريا مهزومًا مطرودًا بعد أن كان يحتل مساحات هائلة من أرض البلدين يؤكد حتمية هزيمة الإرهاب فإن استمرار هجمات الإرهاب بسبب المعايير المزدوجة والنفاق الدولي يمثل قصورا مرفوضا من المجتمع الدولي لا بد من وضع نهاية له، لأن الإرهاب يهدد الجميع بما في ذلك هؤلاء الذين يرعون مؤسساته وتشكيلاته، ومع الأسف فإن أكثر ضحايا الإرهاب هم في عالمنا العربي والإسلامي.

ولن نستطيع بناء حائط صد قوي يمنع الإرهاب ويساعد على انحساره واجتثاث جذوره ويمكننا من إعادة تعمير ما خربه الإرهاب دون جهود التنمية المستدامة التي تقضي على العوز والجوع وكل صور القهر والتمييز يرافقها إعلام عربي قوي يفضح الإرهاب ويكشف النفاق الدولي ويبطل المعايير المزدوجة ويضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته الحقيقية.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،

 

تم نسخ الرابط