الثلاثاء 23 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

أدباء وشعراء على خط النار.. قراءة في أدب "الجبهة"

أدباء وشعراء على
أدباء وشعراء على خط النار.. قراءة في أدب "الجبهة"
كتب - خالد بيومي

الأدب وثيقة تسجيلية للأحداث، بجانب التاريخ، هناك أدباء عايشوا الأحداث، انتصار أكتوبر أحد أهم الانجازات التاريخية، التي آرخ لها الأدب، عب كتاب وأدباء وشعراء شاركوا في هذه الحرب، قاموا بدورهم على جبهة القتال نرصد في هذا التقرير شذرات من إبداعات عدد منهم نصر أكتوبر المجيد.

 

"الرفاعي" جمال الغيطاني

كان الروائي جمال الغيطاني مراسلا حربيا على الجبهة أثناء حرب أكتوبر، ونجا من الموت بأعجوبة عندما انفجرت شظية على بعد سنتيمترات قليلة منه راح ضحيتها زميل له كان يقف بجواره، وكتب روايته "الرفاعي" والعنوان مستوحى من اسم العميد إبراهيم أركان حرب إبراهيم الرفاعي قائد الفرقة "39" قتال، وترصد الرواية إنجازات الرفاعي مع رفاقه خلال الحرب حيث قاموا بـ39 عملية قتالية، محققين إنجازا استثنائيا في تاريخ العسكرية المصرية، وقد كان أفراد المجموعة يعتبرون الرفاعي أباً لهم.

نقرأ في الرواية عبارات مؤثرة تستدر الدموع حين كتب "الرفاعي" رسالة مختصرة لزوجته يقول فيها: "قولي لمن تلتقين به إن في مصر رجالاً قادرين على هزيمة العدو".  وقد خرج الرفاعي من بيته يوم السادس من أكتوبر 1973 واستشهد يوم 19 أكتوبر 1973 عقب اختراق شظية لقلبه مباشرة.

وعندما أعلن أحد ضباط الفرقة عن ندمه لتخلفه عن بعثة خارجية إلى أوربا، أقنعه الرفاعي أنه في مهمة وطنية للحفاظ على الأرض والعرض، وأشار الرفاعي إلى الشرق وسأله من يطرد هؤلاء؟  ثم قال: وهل نستورد رجالا ليحاربوا لنا؟ ثم قال: لو تركنا العدو فلن يظل مكانه، إنما سيجيء لأنه يطمع في هذا الفول الأخضر، ومد يده واقتلع عودا من النبات الأخضر.  سأله الرفاعي: هل نمشي كلنا ونتركه يمضي إلى بيتك وبيتي وأختك وأختي؟ قال الشاب: لا. قال الرفاعي: أنت قلتها بنفسك..

 

 

"الحرب في بر مصر" يوسف القعيد

وكذلك رفيق الدرب وصديق العمر للغيطاني، أعني الروائي يوسف القعيد الذي كتب رواية "الحرب في بر مصر" التي تحولت إلى فيلم سينمائي بعنوان "المواطن مصري" بطولة عمر الشريف وصفية العمري.

والرواية عموماً جاءت أفضل من الفيلم وأعمق منه، تطرح فكرة أن من استفاد من نصر أكتوبر ليس صناعه الحقيقيون ولكن أصحاب النفوذ، يأتي هذا التلميح واضحا وصريحاً في هذه الفقرة: "قد يكون مهماً أن نسأل الآن: من الذي حارب؟ ومن الذي استشهد؟ ومن الذي صنع النصر؟ ولكن السؤال الأكثر أهمية هو: من الذي حصل على الغنيمة والمستحقات المالية؟. إن السؤال ملح وهام".

 

 

"الرصاصة لا تزال في جيبي" إحسان عبد القدوس

وهناك رواية "الرصاصة لا تزال في جيبي" لإحسان عبد القدوس التي تحولت لفيلم سينمائي بطولة محمود ياسين ونجوى إبراهيم وإخراج حسام الدين مصطفى وتم إخراجه عام 1978.

فيقول إحسان عبد القدوس على لسان محمد بطل الرواية: "هل هذا كلام يا رجل إنى اجلس أمامك مرتدياً بدلة الجندى وفى يدى سلاحى ورغم ذلك فان أول ما تسألنى عنه هو قصتى مع فاطمة .. لم يخطر ببالك أن تسألنى أولاً عن قصتى مع اليهود ..قصتى في الحرب .. أنت تسألنى عن فاطمة لأنك تعرف فاطمة وعشت في قصتها .. ولم تسألنى عن الحرب لأنك لم تعش الحرب ولم تعرف اليهود كما عرفتهم أنا".

محمد الذي اضطر لحمل السلاح للانتقام عباس رئيس الجمعية التعاونية الذي اعتدى على شرف حبيبته وابنة عمه "فاطمة"، وأمسك لأول مرة بندقية في حياته وخطفته من عالم الأدب، وانضم إلى أحد الفرق الفدائية وشارك في حرب السادس من أكتوبر، وعندما رجع إلى القرية يلغي فكرة الزواج من فاطمة فيقول إحسان على لسان الراوي: "لن أتزوج الآن فاطمة .. إن الزواج حياه كاملة والحياة لا تكمل مادمت احتفظ برصاصة في جيبي .. مادام هناك يهود على أرضى .. فكل أملى معلق في هذه الرصاصة التي لا تزال في جيبي".

 

 

"نوبة رجوع" محمود الورداني

أما الروائي محمود الورداني فكتب روايته "نوبة رجوع" عقب انتهاء حرب أكتوبر بسبع سنوات حيث كان يعمل في المنطقة المركزية قبل الحرب في قسم خاص بالشؤون الشخصية والخدمة الاجتماعية، لافتا إلى أنه مهمته فصل ممتلكات الشهداء وتقديمها للقوات العسكرية، موضحا أن من ضمنها خطابات شخصية لم تبعث إلي أسر الجنود، وعلقت في ذهنه رسالة من جندي يحكي أسرته فيها، أن الجنود عندما عبروا ووصلوا سيناء تركوا أسلحتهم وسجدوا يقبلون الأرض، وفجأة ظهرت غارة لطائرات العدو واستشهد العديد من الجنود في لحظة، مشددا على أنه وثق كل هذا في روايته.

وكان أول جندي يسقط شهيدا أمامه مسيحي الديانة واسمه " ثروت محروس عطية".

 

 

ولم يختلف الأمر بالنسبة للشعراء من حيث الانفعال بالحدث، لكن كان الفارق أن الشعر تميز بالتفاعل الفوري مع أحداث الحرب، عكس الرواية التي تحتاج إلى وقت طويل لكي يتأمل الأديب الحرب وتداعياتها.

 

"إلى أول جندي رفع العلم في سيناء" صلاح عبد الصبور

كتب الشاعر الكبير صلاح عبد الصبور قصيدته تحت عنوان "إلى أول جندي رفع العلم في سيناء" يقول فيها:

 

تمليناك حين أهل فوق الشاشة البيضاء

وجها يلثم العلما

وترفعه يداك لكي يلحق مدار الشمس

حر الخفق مقتحماً

وكان الوجه مبتسما

لكن هذا الوجه يظهر ثم يستخفي

ولم ألمح سوى بسمتك الزهراء

ولم تعلن الشاشة لنا نعتا لك أو اسما

ولكن كيف كان يسعك اسم لك يحتويك

وأنت في لحظتك العظمى

تحولت إلى معنى، كمعنى الخير

معنى الحب،معنى المجد، معنى النور

معنى القدرة الأسمى

تراك وأنت في ساح الخلود

وبين ظل الله والأملاك

تراك وأنت تصنع آية وتخط تاريخا

تراك وأنت أقرب ما تكون إلى مدار الشمس والأفلاك

تراك ذكرتني، وذكرت أمثالي من الفانين البسطاء

وكان عذابهم هو حب هذا العلم الهائم في الأنواء

وخوف أن يمر العمر، لم يرجع إلى وكره

وها هو عاد يخفق في مدى الأجواء.

 

"وخرجت مصر عن صمتها" فاروق جويدة

أما الشاعر فاروق جويدة فكتب قصيدته الشهيرة "وخرجت مصر عن صمتها" يقول فيها:

 

الآن أكتب قصتي

ما عاد هذا الصمت يحنق

في الحنايا.. عبرتي

اليوم تلتئم الجراح

وتطمئن كرامتي

...............

أنا مصر يا تاريخ منطلق الحضارة

أنا مصر يا تاريخ في الدنيا منارة

أنا قلعة الأمجاد

في كل العصور

العزم في الأحشاء عاش

وظل في روحي يثور

في كل جزء من ترابي

تنبت الأرض النسور

في كل جزء من ترابي

تنبت الأرض الزهور

أنا ثورة الإنسان

تعشقها الجنادل والطيور

أنا مصر يا تاريخ في كل العصور

 

"خفقة العلم" محمد إبراهيم أبوسنة

كتب الشاعر محمد إبراهيم أبوسنة قصيدته "خفقة العلم" يقول فيها:

 

أفديك يا سيناء

وزغردت في قلبها السماء

وانهمر الجنود

يسابقون الريح والأحلام

يقبلون كل ذرة من الرمال

وترسم الدماء

خرائط النهار والمساء

على صحائف التاريخ والجبال

في الماء كانت النجوم تعبر القناة

وفي الرمال قالت المدرعات لا

وفي ذؤابات الشجر

ابتسم الحمام ثم فك قيده وطار للسحاب

وفوق صخرة عالية الآباء

رفرف أيها العلم

يا قلبنا المليء بالأشواق والغضب

في كل خفقة تقول مصر

حكاية نسيجها الضياء والظفر

في كل خفقة ميلاد طفل غنوة زفاف.

 

"أم البطل" روحية القليني

أما الشاعرة روحية القليني فكتبت قصيدتها الشهيرة "أم البطل" تقول فيها:

 

أحضن المذياع يا ابني طول يومي كي يجيب

بدموع القلب أدعو لك بالنصر القريب

اسأل المذياع هل من بيان عاجل

يعلن الأنباء عن نصر مبين لا يغيب

وعن الأبطال أبنائي بساحات الوغى

لا يهابون المنايا لا يخافون الخطوب

قد رواك النيل من صفو المعاني عزة

وحبتك الأرض أقداما بواديك الخصيب

عبر الماء جريئا في اقتحام جارف

وأذاب الوهم " بارليف" وآكام الكثيب

وسعى للنصر في سيناء مزهو الخطى.

يصرع الأعداء بالحرب ولا يخشى اللهيب.

 
تم نسخ الرابط