انطلاق فعالية "إحياء ذاكرة الإسكندرية" بحضور دبلوماسي رفيع
شهدت مكتبة الإسكندرية انطلاق فعالية "إحياء ذاكرة الإسكندرية - التراث والتأمل" التي يعقدها المكتب الإقليمي لليونسكو في مصر والسودان، بالتعاون مع مكتبة الإسكندرية، ومحافظة الإسكندرية، والأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري، ومركز الدراسات السكندرية “CEAlex”،.
شهد الافتتاح السفير نبيل حبشي نائب وزير الخارجية للهجرة وشئون المصريين بالخارج والسفير نيكولاوس باباجورجيو سفير اليونان في مصر، والسفيرة بولي إيوانو سفيرة قبرص لدى مصر، والدكتور محمد سليمان القائم بأعمال نائب مدير مكتبة الإسكندرية نيابة عن الدكتور أحمد زايد، والدكتورة نوريا سانز مديرة المكتب الإقليمي لليونسكو في مصر والسودان، وأحمد خالد محافظ الإسكندرية، والدكتورة أميرة سنبل عميد كلية الصيدلة بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا.
وشارك في افتتاح الفعالية التي تستمر لمدة يومين الدكتور عبد العزيز قنصوة رئيس جامعة الإسكندرية، والدكتور محمد الجوهري رئيس جامعة برج العرب، وعدد من القناصل والأكاديميين وأعضاء الجالية اليونانية بالإسكندرية.
من جانبه، أعرب سفير اليونان في مصر، عن سعادته للتواجد في مكتبة الإسكندرية مرة أخرى بعد افتتاح معرض "الإسكندر الأكبر: العودة إلى مصر" مؤكدا أن الإسكندرية هي المدينة الأقرب لليونان بدءًا من الإسكندر الأكبر وحتى تواجد اليونانيين في الإسكندرية في العصور الحديثة.
وقال إن مدينة الإسكندرية طالما كانت ملتقى للثقافات والتنوع والانفتاح على العالم، ومن هنا تأتي أهمية هذه الفعالية للاحتفاء بإرث الإسكندرية وإعادة إحيائه وإتاحته للأجيال القادمة، لافتًا إلى أهمية دور مشروع ذاكرة العالم التابع لليونسكو في هذا الإطار.
بدورها، شددت سفيرة جمهورية قبرص لدى مصر، على أهمية حفظ تراث مدينة الإسكندرية الثري والمتنوع، لافتة إلى أن العلاقات المصرية القبرصية تاريخية وممتدة على مر العصور وفي مجالات عدة كالسياسة والثقافة والاقتصاد.
ولفتت أيضًا إلى دور مبادرة "إحياء الجذور – نوستوس" التي أطلقها السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي لمد جسور التعاون بين شعوب دول المتوسط، وخاصة مصر واليونان وقبرص، والتي تبرز التواجد التاريخي لليونان وقبرص في الإسكندرية.
وفي كلمتها، أكدت مديرة المكتب الإقليمي لليونسكو في مصر والسودان، أن مدينة الإسكندرية تتمتع بطابع فريد وإرث غني وتنوع جدير بالحفظ والإتاحة للأجيال القادمة. وأضافت أن المدينة طالما كانت نقطة تلاقي للحضارات المختلفة، وعاصمة للفكر والثقافة على مر العصور.
وتحدثت عن الدور الذي تضطلع به اليونسكو في مجال الحفاظ على تراث الإسكندرية، والتعاون الوثيق مع عدد من الجهات في هذا المجال ومنها محافظة الإسكندرية، لافتة إلى الجهود المبذولة لرفع موقع دير أبو مينا الأثري بالإسكندرية من قائمة التراث العالمي المعرض للخطر، إلى جانب جهود الحفاظ على التراث الثقافي المغمور بالمياه، والحفاظ على الإرث الوثائقي من خلال مبادرة ذاكرة العالم، وأيضًا مبادرة "إحياء الجذور – نوستوس".
وفي كلمته، نقل الدكتور محمد سليمان تحيات الدكتور أحمد زايد مدير مكتبة الإسكندرية، ورحب بالحضور في مكتبة الإسكندرية، هذا الصرح الثقافي الذي نعتز بتاريخه العريق ودوره الفعال في تعزيز التراث الثقافي والحفاظ عليه.
وأضاف: "يسعدنا اليوم أن تستضيف المكتبة هذا الحدث الدولي المهم، ونشرُف أن نلتقي عبر يومين متتاليين مجموعةً من الخبراء والمتخصصين والمهتمين بالشأن التراثي؛ لندرس ونتباحث ونوثق وندون تراث الإسكندرية".
وأكد سليمان أن الإسكندرية هي مدينة الحلم التي شيدت لتكون عاصمة المعرفة، وصانعة الثقافة الكونية قبل أن نعرف مصطلح العولمة، فمكتبتها التي أبهرت العالم القديم لم تكن مجرد خزانةٍ للكتب، بل كانت أول مشروع إنساني أكاديمي علمي ثقافي يجمع العالم داخل أروقتها.
وأشار إلى أن الإسكندرية استمرت عبر قرون وقرون ملتقًى للحضارات، ومختبرًا للأفكار، وأضاف: "وقد كان طبيعيا أن أُهِّلتْ هذه المدينة لصناعة حضارة مستقلة وهي الحضارة الهلنستية، حيث اختلطت الحضارات واللغات والديانات والعادات والثقافات، وتعانقت فيها الموسيقى مع الآداب، والتاريخ مع الحياة اليومية، فصارت الإسكندرية هي الذاكرة ... مدينة نعيش فيها وتعيش فينا".
وفي كلمتها، أعربت عميد كلية الصيدلة بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا، عن سعادتها بمساهمة الأكاديمية في هذا التعاون المهم، لافتة إلى أن الأكاديمية تتعاون مع منظمة اليونسكو ومحافظة الإسكندرية لخدمة مدينة الإسكندرية، حيث تتخصص في التعليم والتدريب والاستشارات في مجالات متعددة منها الحفاظ على التراث
وخلال كلمته، أكد محافظ الإسكندرية أن الإسكندرية تُعد واحدة من أهم المدن الكوزموبوليتانية في العالم، بما تمتلكه من رصيد حضاري وثقافي وإنساني فريد، جعلها عبر تاريخها الطويل ملتقى للحضارات وبيئة حاضنة للتعدد والتعايش والحوار المعرفي، مشيرا إلى أن المدينة لم تكن يومًا مدينة آثار فقط، بل مدينة أفكار أسهمت في بناء أسس العلوم والفلسفة والبحث العلمي، منذ نشأة مكتبتها القديمة وحتى دورها المعاصر كمركز ثقافي عالمي.
وأوضح أن الفعالية تتسق مع أهداف برنامج "ذاكرة العالم" التابع لليونسكو الهادف إلى صون التراث الوثائقي ذي القيمة الإنسانية، مؤكدًا حرص المحافظة على دعم جهود التوثيق والحفظ والرقمنة، وتعزيز التعاون مع المؤسسات الوطنية والدولية لتسجيل تراث الإسكندرية ضمن الذاكرة العالمية.
كما استعرض المحافظ جهود الدولة المصرية في حماية التراث الثقافي، في ضوء رؤية مصر 2030، مشيرًا إلى مشروعات صون التراث الساحلي والآثار الغارقة، والتعامل مع تحديات التغيرات المناخية، ونجاحات التعاون مع اليونسكو، ومنها رفع منطقة أبو مينا الأثرية من قائمة التراث العالمي المعرض للخطر.
وأكد أن ربط الذاكرة المحلية للإسكندرية بالإطار العالمي لبرنامج "ذاكرة العالم" يمثل خطوة مهمة لتعزيز استمرارية الثقافة وترسيخ الحوار وبناء مجتمع قادر على مواجهة التغيّرات المتسارعة، فالتراث ليس مجرد محفوظات من الماضي بل هو قوة حية تمنحنا البصيرة لنصنع مستقبلًا أفضل، مؤكدًا أن محافظة الإسكندرية ستظل دائما ملتزمة بدعم كل الجهود التي تصون هويتها، وتحفظ تراثها، وتُبرز مكانتها كمدينة رائدة عالميًا في المعرفة والثقافة.
وتضمن الافتتاح عرض فيلم "الإسكندرية عبر عدسة الزمن"، كما تم افتتاح معرض "الإسكندرية في الذاكرة: من المخطوطة إلى الصورة الفوتوغرافية"، بقاعة المعارض الغربية في مركز مؤتمرات مكتبة الإسكندرية.. ويقدم المعرض مواد أرشيفية نادرة، وصورًا فوتوغرافية، ووثائق أكاديمية تُوثق تاريخ الإسكندرية.
وستشهد جلسات الفعالية مناقشات حول عدد من المحاور الرئيسية؛ منها: الأرشيف كركيزة للهويات الجماعية والتعددية، والحفاظ على التراث العالمي للإسكندرية في السياقات المعاصرة، والتحول الرقمي، الوصول المفتوح، ومستقبل توثيق التراث. ويركز اليوم الثاني للفعالية على الكوزموبوليتانية والتراث الحي، حيث سيجمع علماء آثار وشعراء وفنانين ومهندسين معماريين تعكس أعمالهم حيوية الإسكندرية الثقافية.
ويُختتم الحدث بحفل موسيقي على مسرح مكتبة الإسكندرية، يتضمن تكريمًا موسيقيًا لذكرى قسطنطين كفافيس، إلى جانب عرض تقديمي حول ذاكرة الإسكندرية، وسيلقي ممثلون عن اليونسكو ومحافظة الإسكندرية ومكتبة الإسكندرية كلمات ختامية.





