ارتفاع حاد في أسعار الغاز يفاقم أزمة قدرة الأمريكيين على تحمل التكاليف
أ.ش.أ
تصاعدت أسعار الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة بصورة حادة في وقت شحنت فيه البلاد كميات قياسية من الوقود عبر البحار، ما فاقم من أزمة قدرة الأمريكيين على تحمل التكاليف ويتسبب في مشاكل سياسية لإدارة الرئيس دونالد ترامب.
وقفزت أسعار الجملة بأكثر من 70 في المئة في الأشهر الـ12 الماضية، حيث سجل خام "هنري هاب" القياسي الأمريكي 5.29 دولار يوم الجمعة، وهو أعلى مستوى له منذ 21 ديسمبر 2022 أثناء أزمة الطاقة التي اندلعت بسبب العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.
وذكرت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية أن زيادة الأسعار أسهمت في تعميق الشعور بأن التكاليف باتت باهظة في الولايات المتحدة؛ الأمر الذي يتناقض مع ادعاءات ترامب بأنه نجح في خفض أسعار الطاقة خلال عامه الأول في البيت الأبيض.
يأتي ذلك في ظل موجة برد قارس ودرجات حرارة جليدية في أرجاء الولايات المتحدة، تسببت في حدوث قفزة في الطلب على توليد الطاقة من أجل تدفئة المنازل والشركات.
وقد أعطى ترامب أولويته لتعزيز صادرات الغاز الطبيعي المسال عبر الحدود وزيادة إنتاجه في الداخل لتزويد الانتعاش الكبير في قطاع الذكاء الاصطناعي، وذلك كجزء من استراتيجية تستهدف إطلاق العنان لـ"هيمنة الطاقة الأمريكية".
ويرى المحلل في "معهد اقتصادات الطاقة" البحثي المدعوم من مؤسسات بيئية، كلارك- ويليام ديري، أنه "بينما تصدر أمريكا الشمالية المزيد من الغاز الطبيعي، فإنها تستورد أسعار غاز أعلى وأكثر تقلبا نتيجة لذلك"، لافتا إلى أن تلك أنباء عظيمة بالنسبة لصناعة الغاز، التي شهدت قفزة كبيرة في إيراداتها، لكنها ليست عظيمة إذا كنت من بين المستهلكين الأمريكيين الذين يعتمدون على الغاز سواء بالنسبة للتدفئة أو للطاقة".
وقال محللون إن ذلك قد يعكس أيضا حدوث تحول هيكلي في أسعار الغاز، مع ذهاب حصة متصاعدة من الإنتاج إلى الانتعاش في صادرات الغاز الطبيعي المسال والزيادة المتوقعة في الطلب على الكهرباء بالنسبة لمراكز بيانات الذكاء الاصطناعي المتعطشة للطاقة.
وقال المحلل في شركة استشارات الطاقة "وود ماكينزي"، إريك ماكجاير، "أثناء أبرد أيام الشتاء، تتنافس صادرات الغاز الطبيعي المسال مع المستهلكين المحليين من أجل الحصول على إمدادات، وفي ظل سيناريوهات البرد القارسة، ربما لا تتوافر إمدادات غاز كافية لإرضاء الجانبين".
ويؤكد الرئيس التنفيذي لـ"رابطة المستهلكين الصناعيين للطاقة في أمريكا"، بول سيسيو، أنه "مع تنامي أحجام الصادرات، تتصاعد مخاطر الأسعار والموثوقية بالنسبة للمستهلكين الأمريكيين وتؤثر بصورة مباشرة على القدرة التنافسية للتصنيع"، مضيفا "ليس لدينا البديل.. إذ أننا عالقون في نهاية النفق".
وكشف استطلاع رأي لمؤسسة "ياهو/ يوجوف" نُشر الأسبوع الماضي أن نسبة 49 في المائة ممن شملهم الاستطلاع يعتقدون أن ترامب بذل جهودا أكبر لرفع الأسعار، مقارنة بنسبة 24 اعتقدوا أنه خفضها، وخلال هذا الأسبوع، وصف الرئيس مخاوف ارتفاع تكلفة المعيشة في الولايات المتحدة بأنها "خدعة من الديمقراطيين".
وأثناء الحملة الانتخابية في العام الماضي، وعد ترامب بخفض أسعار الطاقة إلى النصف خلال الأشهر الـ12 الأولى من عهدته الرئاسية- وهي الرسالة التي لاقت أصداء واسعة بين الناخبين.
لكن منذ إعادة انتخابه تواصل تكلفة الكهرباء والغاز الذين يزود بهما المنازل، قفزاتها السعرية بمعدلات زيادة بلغت 5.1 في المئة و11.7 في المئة على التوالي في سبتمبر، مقارنة بالشهر ذاته من العام الماضي، وفق بيانات أصدرها "مكتب إحصاءات العمل".
وتوقعت "إدارة معلومات الطاقة"، الذراع الإحصائي للحكومة الأمريكية، أن يرتفع متوسط سعر الغاز الطبيعي الذي تدفعه محطات توليد الطاقة الكهربائية بنسبة 37 في المئة، وأن يزيد متوسط السعر المدفوع لعملاء القطاع الصناعي بنسبة 21 في المئة مقارنة بمتوسطات العام الماضي.
كما من المتوقع أن يدفع المستهلكون السكنيون والتجاريون بنسبة 4 في المئة هذا العام في المتوسط، مقارنة بالعام الماضي.




















