"السداسي".. ليلة وفاء موسيقية تعيد بريق عطية شرارة بالمسرح الصغير.. الأحد
محمد خضير
في أمسية تتوحد فيها الذاكرة مع الفن، وتتعانق الأجيال فوق خشبة المسرح، تنظم دار الأوبرا المصرية برئاسة الدكتور علاء عبد السلام حفلًا لفرقة سداسي شرارة بقيادة الدكتور حسن شرارة في الثامنة من مساء الأحد 30 نوفمبر على المسرح الصغير، في إطار خطط وزارة الثقافة لإحياء تراث كبار الموسيقيين المصريين وإعادة تقديمه للأجيال الجديدة.
يأتي الحفل بوصفه احتفاءً متجددًا بالموسيقار الراحل عطية شرارة، أحد أبرز روّاد التأليف الموسيقي في مصر والوطن العربي، حيث يشهد البرنامج تقديم باقة من أشهر مؤلفاته التي شكّلت حالة فنية خاصة بطابعها الشرقي الأصيل، منها: ليالي القاهرة، توحة، مناجاة، أفراح، رقصة الإسكندراني، لونجا الفراشة، ليالي المنصورة، ليالي النور، وليالي الإسكندرية.
وتقدم الأعمال بمشاركة نخبة من أبناء وأحفاد الفنان الكبير إلى جانب مجموعة من الموسيقيين المتميزين، في مشهد يعكس امتداد الإرث الفني عبر الزمن.
وتضم الفرقة كلًا من: الدكتور محمد شرارة، الدكتور أحمد شرارة، محمد محيي شرارة (كمان)، راجي كمال (قانون)، الدكتور أشرف شرارة (تشيللو)، الدكتور محمود عبد الفتاح (عود)، الدكتورة خلود شرارة (فلوت)، كريم واصف (كونترباص)، وزين العابدين وهاني زين (إيقاع). حضور عائلي يشبه شجرة موسيقية تورق كلما ارتفع صوت الكمان أو انساب نغم العود.
رحلة عطية شرارة..
بدأ عطية شرارة كتابة مؤلفاته عام 1948، حين قدّم مقطوعات ذات لحن واحد سرعان ما وجدت طريقها إلى الجمهور عبر الإذاعة المصرية، قبل أن يتوسع إنتاجه ليصبح أحد أبرز أعمدة التأليف الموسيقي الشرقي. وإلى جانب عمله عازف فيولينة أول في فرقة موسيقى الإذاعة ثم قائدًا لها، ساهم في تأسيس فرق موسيقية بعدة إذاعات عربية في تونس وليبيا والجزائر، وأسهم في إنشاء معهد للموسيقى العربية بالأردن، ما جعل تأثيره يتجاوز حدود الوطن.
وفي عام 1980 أسس فرقة سداسي شرارة التي جمعت أبناءه بهدف تقديم إرثه الموسيقي على المسرح، قبل أن يلتحق بها لاحقًا أحفاده الذين يواصلون اليوم حمل الشعلة ذاتها، مانحين موسيقاه حياة جديدة بلون معاصر وروح وفية للأصول.
نال شرارة خلال مشواره العديد من الجوائز والأوسمة، أبرزها: جائزة الدولة التشجيعية في التأليف الموسيقي عام 1983 عن "الكونشرتو الثاني للفيولينة والأوركسترا"، ووسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى عام 1985، ووسام العلوم والفنون والثقافة من الطبقة الثانية من السلطان قابوس عام 2005. ورحل عن عالمنا في يونيو 2014 بعدما ترك بصمة استثنائية في ذاكرة الموسيقى العربية.
حين يعود الزمن موسيقًى
لا يُعدّ حفل "السداسي" مجرد أمسية موسيقية، بل هو استعادة لزمن جميل جمع بين الرقي والبراعة والهوية. إنها ليلة يتجسد فيها الامتداد الطبيعي للجمال، حيث يمسك الأبناء والأحفاد بخيوط النغم ليعيدوا رسم ملامح موسيقى شرارة، وليقدموا لجمهور الأوبرا تجربة تتجاوز الاستماع إلى الاحتفاء بتاريخ موسيقي يتجدّد كلما عزفت الأيدي المخلصة نغماته.


















