الأحد 21 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
بوابة روز اليوسف

تخطو مصر بثبات نحو توطين صناعة الطاقة الشمسية باعتبارها أحد مفاتيح المستقبل في مجال الطاقة النظيفة والاعتماد على المصادر المستدامة، فبعد أن أثبتت التجارب الميدانية نجاح المحطات الكبرى مثل بنبان في أسوان بدأت الدولة تتجه إلى بناء قاعدة صناعية حقيقية لتصنيع مكونات المنظومة داخل مصر وتقليل الاعتماد على الخارج.

 

تعتمد صناعة الطاقة الشمسية على مجموعة رئيسية من المكونات تبدأ بالخلايا الضوئية التي تحول ضوء الشمس إلى كهرباء مرورا بالألواح الزجاجية التي تحمي الخلايا وتسمح بمرور الضوء وانتهاء بالعواكس الكهربائية والبطاريات وأنظمة التثبيت والكابلات والهيكل المعدني ومواد العزل والتغليف وكل عنصر من هذه المكونات يمثل حلقة أساسية في السلسلة الإنتاجية

أما عنصر السيليكون فهو القلب الحقيقي لهذه الصناعة إذ يدخل في صناعة الخلايا الشمسية عالية الكفاءة، وتعد مصر من الدول القليلة في المنطقة التي تمتلك خام الكوارتز النقي، وهو المادة الخام الأساسية لإنتاج السيليكون، حيث توجد احتياطيات كبيرة منه في صحراء البحر الأحمر وخاصة في منطقة الزعفرانة وجبل الجلالة، وتمتلك مصر مقومات تؤهلها لإقامة مجمعات صناعية متكاملة لتحويل الكوارتز إلى سيليكون ومنه إلى خلايا ضوئية، وهو ما يمثل خطوة استراتيجية لتقليل فاتورة الاستيراد ورفع نسبة المكون المحلي.

ورغم توافر الخامات الطبيعية فإن الصناعة المصرية لا تزال في مراحلها الأولى إذ تتركز الجهود حاليا على تصنيع وتجميع الألواح والأنظمة.. النقطة المضئية ايضا تظهر في أن عددا من الشركات المحلية بدأ فعليا في إقامة خطوط إنتاج محدودة للخلايا الضوئية بطاقة متوسطة تمثل نواة للتوسع الصناعي خلال السنوات المقبلة.

في قلب هذه التقنية والصناعة المهمة تأتي صناعة البطاريات كأحد العناصر المكملة لتكنولوجيا الطاقة الشمسية لتخزين الكهرباء والاستفادة منها ليلا، ورغم عدم وجود عدد كافٕ من هذه المصانع حتى الآن لإنتاج بطاريات الليثيوم أيون على المستوى الصناعي الكبير فإن هناك مشروعات جادة بدأت تظهر وأخرى قيد التنفيذ في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، بالتعاون مع شركات صينية بطاقة مبدئية 20 ألف بطارية سنويا إلى جانب مشروع آخر في مدينة العاشر من رمضان لإنتاج بطاريات صغيرة الاستخدام، وبذلك تقف مصر الآن على أعتاب مرحلة التصنيع الكامل لهذه الصناعة الحيوية.

أما على صعيد الكوادر والخبرة البشرية، فقد أصبحت مصر تمتلك قاعدة علمية وهندسية في مجال الطاقة الجديدة والمتجددة، ففي الجامعات الحكومية والخاصة تنتشر أقسام وبرامج هندسة الطاقة الشمسية، كما أن مراكز البحوث الوطنية بالتعاون مع هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة ومدينة زويل ومركز بحوث الكهرباء تطور أبحاثا تطبيقية لتحسين كفاءة الخلايا وتطوير نظم التخزين، واستخدام المواد المحلية في التصنيع،

وقد أسهمت التجارب الكبرى مثل مشروع بنبان في تدريب مهندسين وفنيين مصريين على تصميم وتشغيل المنظومات الشمسية، مما خلق جيلا يمتلك خبرة تنفيذية حقيقية كانت غائبة لسنوات رغم أنها مطلوبة إقليميا.. برامج التدريب التي تنفذها وزارة الكهرباء بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي وجايكا وبنك التنمية الأفريقي تسهم في إعداد كوادر فنية متخصصة قادرة على دعم انتشار التطبيقات الشمسية على مستوى المنازل والمشروعات الصناعية.

الآن لم تعد فكرة توطين صناعة الطاقة الشمسية في مصر حلما بعيد المنال، فالمقومات الطبيعية والبشرية باتت متاحة وما تحتاجه المرحلة المقبلة هو تسريع الاستثمار الصناعي والبحث التطبيقي، وربط الجامعات بمصانع الإنتاج الفعلي حتى تتحول مصر من مستورد للتكنولوجيا إلى منتج ومصدر لها.

 

تم نسخ الرابط