الإثنين 22 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

"أحمد ناجي: الذكاء الاصطناعي يعيد هيكلة عالم البرمجة.. ومن لا يواكب التطور خارج المنافسة"

بوابة روز اليوسف

في عالم يسير بسرعة الضوء نحو رقمنة كل شيء، يطل علينا من قلب قطاع التكنولوجيا المصري رجل أثبت أن الطموح والكفاءة قادران على أن يضعا مصر في مكانة متقدمة بين الأمم... إنه المهندس أحمد ناجي، المدير التنفيذي لشركة إنزوكس لتكنولوجيا المعلومات، وأحد الأسماء البارزة في عالم البرمجة والذكاء الاصطناعي، والذي تمكن من أن يجعل اسمه يتردد في شركات وتجمعات تقنية متعددة حول العالم.

في هذا اللقاء، يفتح لنا مهندس ناجي نافذة واسعة على المستقبل، ويرسم بخبرة واقعية خارطة طريق للجيل القادم من المبرمجين والشركات. يتناول خلال حديثه حقائق وتجارب أوصلته إلى يقين: الذكاء الاصطناعي ليس مجرد أداة، بل هو ثورة كبرى ستعيد تشكيل مستقبل العمل كما نعرفه.

الذكاء الاصطناعي… تقليل وقت وإعادة تعريف للوظائف

"ما كان يستغرق منا 7 ساعات من العمل أصبح اليوم يُنجز في ساعة – بل أقل – بنفس الجودة أو أعلى..." هكذا يبدأ المهندس ناجي حديثه، ليضع أمامنا حقيقة صادمة، ولكنها واقعية.

فالذكاء الاصطناعي – كما يصفه – هو أداة ثورية استطاعت أن تخفض ساعات العمل بنسبة تتراوح بين 60% و70%، وهي نسبة لم تكن في مخيلة أي قائد شركه منذ سنوات قليلة.

ورغم ذلك، فإن هذه الثورة التقنية لا تزال تواجه مقاومة من البعض، خاصةً من فئة تخشى التغيير، أو لا تدرك أن التاريخ لم يرحم من وقف في وجه التطور – كما تؤكد تجارب العصور السابقة.

 "اليوم هناك أكثر من 10 آلاف أداة ذكاء اصطناعي يمكن للمبرمجين والشركات الاستفادة منها. من لم يستخدمها بعد لن يكون فقط متأخرًا، بل سيخرج تمامًا من سباق الوظائف قريبًا."

هل تهدد أدوات البرمجة الذكية وظائف المبرمجين؟

حين سُئل المهندس ناجي عن الشائع حول تهديد روبوتات مثل ChatGPT لمهنة البرمجة، أجاب بثقة:

"هذه الأدوات اليوم هي بمثابة مساعد للمبرمج الذكي، لكنها في المستقبل ستصبح العامل الأساسي. من لم يتعامل معها ويسخّرها، سيفقد قيمته في السوق."

وبحسب رؤيته، فإن أدوات الذكاء الاصطناعي ستندمج خلال السنوات القادمة داخل الأجهزة وأنظمة التشغيل، بحيث تصبح قادرة على العمل ذاتيًا اعتمادًا على أفكار المستخدم، وتطوير نفسها باستمرار... وعند هذا الحد، ستبدأ حقيقة “تفوق التقنية على الإنسان” في مجالات معينة بالظهور.

خارطة مستقبل الذكاء الاصطناعي: ثلاث مراحل تتغير فيها قواعد المنافسة

يقدم المهندس ناجي تفسيرًا عمليًا لدورة تحول الشركات باتجاه الذكاء الاصطناعي:

المرحلة الأولى – حتى مارس 2026: مرحلة البحث والتطوير

 على الشركات – مهما كان نشاطها – أن تدرس الأدوات المتاحة، و تختبرها، وتستعد للمرحلة القادمة، وإلا تبتلعها المنافسة.

المرحلة الثانية – من مارس 2026 حتى مارس 2028: التفعيل وتمكين العنصر البشري

 دمج أدوات الذكاء الاصطناعي داخل الهيكل الوظيفي وتدريب الموظفين على استخدامها، مع تقليل وقت العمل وزيادة الإنتاجية.

المرحلة الثالثة – من 2028 حتى 2030: سيادة الذكاء الاصطناعي

 تصبح الأدوات مسؤولة عن 70-80% من المهام، بينما ينخفض الاعتماد على العنصر البشري بشكل حاد، وعلى الدول والمجتمعات وضع خطة لدعم العمالة المتضررة قبل أن تتحول إلى عبء.

ورغم ذلك، يؤكد المهندس ناجي أن الذكاء الاصطناعي – مهما تطور – لن يستطيع الوصول إلى “القيمة الإنسانية” في التواصل والعاطفة والإبداع الحواري.

رسالة إلى الشباب المصري: اصنعوا أسماءكم… ولا تنتظروا

لا يخفي المهندس ناجي فخره بما حققته مصر في مجال تكنولوجيا المعلومات، ويقول:

 "مجال البرمجة عالميًا يتخطى 500 مليار دولار سنويًا، ومصر اليوم في مكان مختلف تمامًا... بنينا مدنًا ذكية، وأنشأنا بنية تحتية قوية، ونحن من الدول الرائدة في السوق العالمي لصناعة البرمجيات ."

وينصح الشباب الطموح:

لا تنتظر وظيفة؛ ابدأ مشروعك بنفسك.

اعتمد على الأدوات الحديثة، ولا تخشى التجربة.

تعلم لغات جديدة، فالعالم لم يعد محدودًا بحدود جغرافية.

كن صادقًا وأمينًا في عملك... فأنت تمثل بلدك، وليس نفسك فقط.

بين الدولة والشركات… ضرورة الحوار والتنظيم

يرى المهندس أحمد ناجي أن مستقبل التكنولوجيا في مصر لن يكتمل بدون ثلاث ركائز:

الدولة: عبر تحديث مناهج التعليم، وتطوير البنية التكنولوجية، وتشجيع البحث والابتكار.

الشركات: عليها أن تستثمر في تدريب موظفيها، وتجنب الاعتماد الكلي على العقول الخارجية.

الإعلام: دوره الآن مهم في التوعية بخطورة وتحديات الاعتماد المطلق على الذكاء الاصطناعي، وضرورة تطوير مهارات الإنسان.

ويضيف بحزم:

 "نحتاج إلى جهة مركزية تنظم عمل المبرمجين، وضوابط مهنية واضحة، ورسائل توعية للشباب حتى لا يقعوا ضحية الفوضى أو الاستغلال."

الذكاء الاصطناعي… تقدم أم خطورة؟

يقول ناجي:

 "الخطر الحقيقي للذكاء الاصطناعي ليس في تطوره… بل في أن يتحول الإنسان إلى كائن معتمد عليه بالكامل، فيتوقف عقلُه عن التفكير، ويصبح هو نفسه أداة."

ويستشهد بأن أهم ما نملكه – كعقل بشري – هو القدرة على الابتكار والتطوير، وهي الفروق التي تميزنا عن الآلة، طالما لم نتخلَّ عنها.

مصر 2030… مستقبل يستحق الانتظار

بإيمان وحماس، يختتم المهندس أحمد ناجي حديثه قائلاً:

"مصر في 2030 ستكون البلاد التي يتطلع إليها الجميع – دولة اكتملت بنيتها التكنولوجية، جذبت استثمارات عالمية، ووفرت بيئة جاذبة للكفاءات. نحن في طريق لا رجعة فيه... والمستقبل بيد من يعملون، لا من يتفرجون."

في النهاية، لا يبدو الذكاء الاصطناعي خطرًا في ذاته، بل في كيفية إدارتنا له. وكما يقول خبراء التكنولوجيا: "لن يحل الذكاء الاصطناعي مكانك، بل سيحل مكان من لا يستخدمه". فهل نستعد؟ أم ننتظر… حتى نصبح الأثر بعد عين؟

تسجيلي 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

تم نسخ الرابط