عاجل
الأحد 7 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
اعلان we
المتحف المصري الكبير مختارات من الاصدارات
البنك الاهلي
الحقيقة والسراب فى استرداد الآثار

الحقيقة والسراب فى استرداد الآثار

 لا خلاف على أن مشاعر فخر قوية سادت بين عموم المصريين تزامنًا مع احتفالات افتتاح المتحف المصري الكبير.. وجاء الاحتفاء والمشاركة الشعبية الكبيرة فى ذلك الحدث بالتفاعل معه عبر وسائل التواصل الاجتماعى أمرًا إيجابيًا لافتًا..



وقد اهتمت صحف دولية عديدة بالدعوات والحملات التي أطلقها نشطاء وشخصيات مصرية بارزة (على رأسهم عالم الآثار الأشهر د. زاهى حواس) تُجدد المطالبات بضرورة استعادة آثار مصر المنهوبة فى الخارج؛ وبالذات «حجر رشيد» من المتحف البريطانى و«رأس نفرتيتى» من متحف برلين و«برج دندرة» من متحف اللوفر؛ خصوصًا أن الأمل قد تجدد مع مبادرة هولندا بأنها ستعيد إلى مصر نهاية العام الجارى رأسًا حجريًا عمره 3500 سنة من سلالة تحتمس الثالث, ومع ما أعلنته وزارة الخارجية من نجاح تسلم وزارة السياحة والآثار 36 قطعة آثار مستردة من نيويورك كانت قد خرجت بطريقة غير مشروعة.

 وحتى لا نجرى وراء سراب أو نُفاجَأ بأشياء تصيبنا بالإحباط فعلينا الانتباه إلى أمرين:

الأول: إن هذه المطالبات إذا انحصرت فى موجة حماس لحظى ستخفت تدريجيًا وتنتهى كسابقاتها إلى لا شىء، ود. زاهى حواس نفسه خاض تلك التجربة أكثر من مرة على مدى ما يقرب من 15 عامًا ولم تصل إلى شىء رغم مكانته الدولية الكبيرة، ليس لخفوت اهتمامه شخصيًا ولكن لأن موجات الاهتمام العام هى التي تخفت، أو لأن وسائل الضغط لم تكن فى الاتجاه الصحيح، أو لأن التنسيق والدعم من جهات عديدة (بينها الحكومة واليونسكو والمستشارون القانونيون المتخصصون) لم يكن موجودًا.

والثانى: علينا إدراك أن استعادة القطع الأثرية الأهم التي يجرى الحديث عنها الآن، مسألة بالغة الصعوبة واحتمالات نجاحها ضئيلة للغاية، فرغم أنها خرجت مسروقة أو منهوبة أو بطرق غير مشروعة؛ فاستعادتها ترتبط بتعقيدات قانونية وتشريعية سواء فى بريطانيا أو ألمانيا أو فرنسا، وترتبط أيضًا بإمكانية وجود ضغوط سياسية رسمية تحتكم إلى مصالح، وهو أمر غير يسير.. أمّا فكرة الضغوط الشعبية أو حتى الحملات الإعلامية المساندة فى الخارج فلا قيمة حقيقية لها.

لقد أتاح لى عملى الصحفى الاقتراب من محاولة جادة فى هذا السياق جرت منذ عامين تقريبًا ومعرفة المشكلات التي واجهتها فأجهضتها، مع العِلم أن نجاح تلك المحاولة لم يكن- إن تحقق- إلا خطوة واحدة فى طريق طويل غير مضمون النتائج إطلاقًا!.. فقد استطاعت المستشارة جيهان الحسينى (وهى بريطانية مصرية تشغل الآن منصب «مدعى عام» بوزارة العدل البريطانية) أن تتخذ خطوات قانونية سليمة سمحت بأن يضع البرلمان البريطانى على موقعه الرسمي صيغة عريضة تطالب بمناقشة إعادة النظر فى القانون الذي يحظر السماح للمتحف البريطانى برد أى قطعة آثار من مجموعته إلى موطنها الأصلى.. وكان الهدف من تلك العريضة أن تكون خطوة أولى سليمة فى طريق المطالبة باستعادة «حجر رشيد»؛ حيث تُمكن مناقشة تعديل القانون حال النجاح فى جمع 100 ألف توقيع على العريضة من مواطنين يحملون الجنسية البريطانية أو الإقامة الدائمة، ورغم أن عدد المصريين فى بريطانيا يتجاوز 250 ألفًا بخلاف الجاليات العربية وعدد ليس قليلاً منهم يحمل الجنسية أو الإقامة الدائمة؛ فإن التوقيعات التي أمكن جمعها خلال المدة المسموح بها لم يتجاوز 10 آلاف توقيع! ليس فقط لأنها كانت مبادرة فردية لم تلقَ اهتمامًا ودعمًا رسميًا مصريًا، ولكن أيضًا لأن التناحر بين 18 جمعية مصرية كل منها تعتبر أنها تمثل المصريين فى بريطانيا حال دون ذلك، فالجميع يريد أن يكون هو الواجهة وأن يُنسَب إليه فضل لم يتحقق أصلاً، وهكذا جاءت النتيجة لا شىء..وحتى الجهد الصادق والمبادرة المتحمسة التي قام بها د. زاهى حواس لم ينجحا فى إنقاذ هذه المحاولة؛ فقد رتبت وقتها تواصلاً بينه وبين المستشارة جيهان، قرر بعده إعادة توجيه الحملة التي كان يقودها بحيث يتم توحيد جمع التوقيعات بالمواصفات السليمة قانونًا على عريضة المستشارة المعتمدة من البرلمان البريطانى، ولكن ذلك لم يأتِ بنتيجة.

من المؤكد أن علينا ألا نتوقف عن المطالبة بحقنا، ولكن علينا أيضًا أن نتلافى- قدر الإمكان- أسبابَ إخفاقاتنا ونعلم أن الطريق صعب وطويل.

وللحديث بقية

 

نقلاً عن مجلة روزاليوسف

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز