عاجل
الجمعة 12 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
اعلان we
البنك الاهلي

السمسمية.. آلة التاريخ التي خلدت روح مدن القناة

 في زمن غابت فيه وسائل التوثيق وإثبات براءة الاختراع، برزت آلة السمسمية كأقدم الآلات الموسيقية في التاريخ. ورغم بساطة مكوناتها، تمكنت من أن تحجز لنفسها مكانًا راسخًا في الذاكرة الإنسانية، لا في سجلات الشهر العقاري، بل على جدران التاريخ، حيث خلدها قدماء المصريين ونقشوا صورها على معابدهم بعد أن أصبحت من أحب الآلات إليهم وأكثرها استخدامًا.



 

وتُعد مدن القناة، وعلى رأسها محافظة الإسماعيلية، موطن السمسمية الأول، إذ اشتهر أهلها بالعزف عليها وصناعتها وتطويرها عبر الأجيال. 

وقد رافقت هذه الآلة مسيرة العمل والكفاح في المنطقة، فكانت تصدح أنغامها لتشد من أزر العمال أثناء حفر قناة السويس، وتُلهب حماس الجنود المصريين في معارك الكرامة، وعلى رأسها معركة العاشر من رمضان.

ومع مرور الزمن، تطورت آلة السمسمية حتى غدت رمزًا فنيًا وتراثيًا لمدن القناة، واتخذت محافظة الإسماعيلية من أنغامها لحنًا رسميًا يعبر عن هويتها الثقافية والموسيقية.

وخلال لقاء مع بوابة روزاليوسف، تحدث محمد ميدا، أقدم عازف ومصمم لآلة السمسمية في محافظة الإسماعيلية، عن علاقته الخاصة بهذه الآلة، مؤكدًا أن عشقه لها كان الدافع الأكبر وراء ابتكاره تصميمات جديدة تميزها عن غيرها.

وأوضح ميدا أنه من بين أبرز تصميماته ما يُعرف بـ"حمام السلام"، وهو تصميم فريد من نوعه استوحاه في أوائل تسعينيات القرن الماضي. أضاف أنه اعتاد رؤية السمسمية في شكلها التقليدي، المكون من إطار دائري يضم مثلثًا يثبت عليه عدد من الأوتار الموسيقية، لكنه قرر الخروج عن المألوف. فتوجه إلى إحدى ورش النقش على الخشب، وطلب تنفيذ ضلعين من الخشب الصلب، منقوشين بغصن الزيتون وعلى قمتهما رأس حمامة ترمز إلى السلام.

أثمر هذا الجهد عن آلة مميزة لا يوجد مثيل لها سوى لدى محمد ميدا، الذي احتفظ بها ضمن مجموعته الخاصة.

وفي ختام حديثه، عبّر ميدا عن أسفه لتراجع عدد العازفين على السمسمية في الوقت الحاضر، لكنه أكد عزمه على الاستمرار في صناعتها وتعليم الأجيال الجديدة العزف عليها، حتى تبقى هذه الآلة التاريخية حيّة تنبض بأنغام التراث، وتظل رمزًا خالدًا لروح مدن القناة.  

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز