عاجل
الأربعاء 12 نوفمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
البنك الاهلي

تحول صحي في شرق المتوسط:

قرار إقليمي لإدماج الرعاية التلطيفية في النظم الصحية الوطنية

منظمة الصحة العالمية
منظمة الصحة العالمية

في خطوة تُعد تحولًا محوريًا في مسار الرعاية الصحية بإقليم شرق المتوسط، أقرت الدول الأعضاء في منظمة الصحة العالمية القرار رقم (ش م/ل إ72/ق-4) بشأن النهوض بالرعاية التلطيفية، خلال الدورة الثانية والسبعين للجنة الإقليمية لشرق المتوسط، وذلك بعد عرض ورقة تقنية شاملة حول هذا المجال الحيوي.



وقدمت الورقة الدكتورة لمياء محمود، المستشارة الإقليمية للوقاية من الأمراض غير السارية، مشيرة إلى أن نحو 2.4 مليون شخص في الإقليم يحتاجون إلى الرعاية التلطيفية سنويًا، بينما لا يحصل عليها فعليًا أقل من 1%. وأرجعت هذا العجز الكبير إلى الأزمات الإنسانية، ونقص الأدوية الأساسية، والتصور الخاطئ بأن الرعاية التلطيفية تقتصر على حالات نهاية الحياة فقط.

مضامين القرار الجديد

استعرض القرار الأبعاد الأخلاقية والعلمية والاقتصادية لتوسيع نطاق الرعاية التلطيفية، ودعا الدول الأعضاء إلى:

إدماج الرعاية التلطيفية في الاستراتيجيات الصحية الوطنية وحزم المنافع.

ضمان إتاحة الأدوية الأساسية، بما في ذلك الأدوية الأفيونية الفموية.

إلزام التدريب الأساسي لجميع المهنيين الصحيين في مجال الرعاية التلطيفية.

الاعتراف بالتدريب المتقدم والخبرة التخصصية في هذا المجال.

إعطاء الأولوية للرعاية المنزلية والمشاركة المجتمعية.

وضع أطر للرصد والتقييم باستخدام مؤشرات أداء واضحة وبحوث مستمرة.

وأكدت الورقة أن الرعاية التلطيفية لا تقتصر على تخفيف المعاناة فحسب، بل تحسن نتائج العلاجات المستهدفة وتعزز رضا المرضى وأسرهم. كما أن إدماجها المبكر في العلاج يساعد الأطباء على تنمية مهارات التواصل والتعامل الإنساني، ويكرس قيم العدالة والإنصاف وإشراك المريض في اتخاذ القرار الطبي.

نظام صحي شامل

وشددت الورقة على أن نجاح الرعاية التلطيفية يتطلب نهجًا شاملاً يشمل جميع مستويات النظام الصحي، من المستشفيات المتخصصة إلى عيادات الرعاية الأولية والمنزلية. كما دعت إلى تغيير المفاهيم الخاطئة وتأهيل الأسر ودعمها في رعاية أحبائها، مع تعزيز وعي العاملين الصحيين بأهمية الإحالة المبكرة إلى خدمات الرعاية التلطيفية.

وأوضحت الدراسات أن الإدماج المبكر للرعاية التلطيفية يمكن أن يخفض نفقات الرعاية الصحية بنسبة تصل إلى 30%، من خلال تقليل فترات الإقامة بالمستشفيات وتحسين جودة الخدمات.

التزام إقليمي واسع

جاء القرار ثمرة مشاورات مكثفة مع 22 دولة عضوًا، شملت ملاحظات حول ستة مجالات رئيسية: الحوكمة، تقديم الخدمات، المشاركة المجتمعية، الأدوية، التعليم، والرصد. ويستند القرار إلى مرجعيات دولية مهمة، منها قرار جمعية الصحة العالمية رقم (67-19) لعام 2014، وعدد خاص من المجلة الصحية لشرق المتوسط (2022)، وتقرير قمة الابتكار في الرعاية الصحية (2024).

وخلال الجلسة، عرضت الدول جهودها الوطنية لتعزيز الرعاية التلطيفية:

الأردن شدد على الصمود في مواجهة الأزمات وخاصة بالنسبة للاجئين.

الإمارات أكدت أن الرعاية التلطيفية حق إنساني وتسعى لتوسيعها في الرعاية الأولية.

العراق أعلن التحول من التركيز على العلاج فقط إلى تقديم الرعاية والتدريب.

الكويت أبرزت برنامج الرعاية المنزلية للأطفال ودعت إلى تعاون إقليمي أوسع.

مصر طالبت بتمويل مستدام وشراكات مجتمعية رحيمة.

باكستان أدرجت الرعاية التلطيفية ضمن خطتها الصحية الوطنية رغم التحديات.

عُمان أكدت أهمية الإصلاحات التشريعية ودعم المنظمة في التنفيذ.

البحرين، السعودية، المغرب، وإيران عرضت تطورات في الأطر التنظيمية والتحول الرقمي والتطبيب عن بُعد.

السودان ولبنان دعا إلى تفعيل التنفيذ الميداني وتعزيز الرعاية المنزلية.

كما ساهمت منظمات وشبكات دولية في دعم القرار، منها الاتحاد الدولي لمكافحة السرطان، والشبكة الشرق أوسطية للصحة المجتمعية (إمفنت)، وتحالف مكافحة الأمراض غير السارية، إضافة إلى مجلس الشباب التابع لمنظمة الصحة العالمية الذي شدد على دمج الرعاية التلطيفية في الصحة النفسية وبناء قدرات الشباب.

رؤية منظمة الصحة العالمية

وأكدت الدكتورة حنان حسن بلخي، المديرة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، أن "الرعاية التلطيفية ليست تحديًا بل حلًا. يجب أن نضمن حصول جميع المحتاجين إليها في الإقليم على الرعاية التي يستحقونها."

وأضافت أن المكتب الإقليمي على أهبة الاستعداد لدعم الدول في بناء القدرات، وتحديث اللوائح التنظيمية، وضمان ألا يعاني أي مريض دون داعٍ، مؤكدة أن "الوقت قد حان للعمل".

 

 

 

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز