هنا مدرسة «روزاليوسف»
تتسابق الذكريات وتصارعك الأفكار والأحداث والمواقف حينما تبدأ بقلمك كتابةً تتعلق بتاريخ عريق وطريق طويل حافل بالنجاحات والإنجازات وعبور المحن والتحديات لواحدة من أعرق المؤسَّسات الصحفية وأهمها فى مصر والمنطقة، أمواج من الحنين والمَشاعر والتقدير والاحترام والإجلال حينما أكتب عن بيتى «روزااليوسف»، الدار الكبيرة التي احتضنت الجميع وعلّمت الكثيرَ «الكثير»، قرنٌ كاملٌ من الزمان على إصدار المَجلة الأعرق والأضخم والأشرس، نافذة الفنون الصحفية الشقية المتنوعة وصاحبة الفكر والإبداع والتجديد.
100 عام على إصدار «روزاليوسف»، المؤسَّسة والمَجلة، فى أكتوبر 1925، بيت كبير وأسرة واحدة يسودها الودُّ والتقديرُ والاحترامُ، شرفتُ بأن أكون أحدَ أبنائها وشاهدًا على فترات مهمة فى تاريخها، مَدرسة صحفية متميزة على مدار تاريخها انطلاقًا من السيدة العظيمة «فاطمة اليوسف»؛ مرورًا بسلسلة من الكُتَّاب العظام أمثال أمير الصحافة المصرية محمد التابعى، محمد حسنين هيكل، مصطفى وعلى أمين، إحسان عبد القدوس وغيرهم كثير.
عمالقة فى عالم الصحافة فكرًا وإبداعًا وتميزًا، كُتَّابٌ كبارٌ، أسَّسوا مَدرسة «روزاليوسف» العريقة، وبخبراتهم خرَّجوا أجيالاً من المتميزين الذين أثروا مهنة الصحافة فى مصر، وباتوا نجومًا لامعة أضافت بلمساتها الكثير للعديد من المؤسَّسات الصحفية فى مصر والوطن العربى، أجيال صنعت تاريخًا مُلهمًا لـ«روزاليوسف» فى مِحراب صاحبة الجلالة، سجّلت بحروف من نور أقوَى المعارك الصحفية والحملات دفاعًا عن الوطن ومَصالح الشعب، مارست دورَها التنويرى والتثقيفى والتوعوى على أفضل ما يكون، وكانت فى الموعد والتوقيت المناسب سلاحًا فتاكًا ضد أعداء الوطن وأهل الشر تكشف مؤامراتِهم وألاعيبَهم ومخططاتِهم المشبوهة لاستهداف الوطن وشعبه وأمنه.
قرنٌ كاملٌ من الزمان على إصدار «روزاليوسف»، المؤسَّسة التي علّمتنا ولا تزال كيف يكون الصبرُ على التحديات، وكيف تكون الإرادةُ حتى يتحقق النجاح، مَسيرة حافلة بالنجاحات حققتها المؤسَّسة على مدار تاريخها العريق بتكاتف جميع أبنائها؛ صحفيين وإداريين وعمالاً، الجميع يعمل نحو هدف واحد، تاريخٌ من النضال يحكى كيف كان الصمود وامتصاص الصدمات ومواجهة العراقيل والصعاب والتحديات والمعارك على اختلاف أشكالها.
«روزاليوسف» مَدرسة صحفية وطنية عريقة، وعلى مدار تاريخها المشرف كان للوطن وقضاياه الأولوية، وللشعب حقه فى المعرفة، مَدرسة صحفية تعى أصول المهنة وقواعدها، مَدرسة أتقنت فنونَ العمل الصحفى على اختلاف أشكالها وتنوعها خدمة للوطن والشعب، صحافة إبداع وتنوع وثراء، صحافة تُشبِع رغبات جمهور القراء على اختلاف توجهاتهم واهتماماتهم، صحافة تدرك أبعادَ الأمن القومى وقضايا الوطن والأمَّة، تدافع عن مَصالح مصر وشعبها وأمنها واستقرارها، صحافة تُعلى من قدر إنجازات ومشروعات عملاقة تحققت بسواعد المصريين، صحافة تواجه الشائعات والأكاذيب وأهل الشر، صحافة تنشر الوعى وتنير العقول.
ثرية مصر بصحافتها القومية القوية ومَدارسها المهنية الاحترافية، مؤسَّسات أثبتت على مدار تاريخها العريق، أنها بحق أحد أبرز مفردات القوَى الناعمة للدولة المصرية، أدوات فاعلة أثرًا وتأثيرًا.. مؤخرًا احتفلنا بمرور قرن ونصف القرن من الزمان على صدور «الأهرام» العريقة، والآن نحتفل بمئوية «بيتى» وعزيزتى «روزاليوسف»، سنوات قضيتها بين أركانها تعلّمتُ خلالها الكثيرَ، الإرادة وحُسْن الإدارة والصبر على التحدى والمواجهة الأساس لكل نجاح.
المسؤولية لا شك تتضاعف، ومع عالم تخنقه الصراعات والأزمات وتملؤه المؤامرات والفتن والشائعات ومنطقة تغلى وشرق أوسط مضطرب؛ فإن تكثيف الجهود لتأمين بلادنا لم يَعد خيارًا؛ وهنا نتحدث عن صحافتنا القومية مؤسَّسات وإصدارات لتحصين بلادنا من الهجمات الضارية الصريح منها والمُبطن والرسائل المُغلفة المسمومة التي تستهدف عقولَ أبنائنا وشعبنا.. المسؤولية تتضاعف لمواجهة فضاء إعلامى مفتوح بات مسرحًا لأبواق مغرضة تستهدف بلادَنا وأمنَها ليلاً ونهارًا، وسوشيال ميديا على اختلاف منصّاتها باتت تتصارع نشرًا لأكاذيب، لا تراعى أخلاقيات ولا مواثيق شرف.
المسؤولية تتضاعف وصحافة مصر القومية قوية وقادرة على المواجهة وتفنيد الأكاذيب ونشر الحقائق وتحصين العقول.. تكثيف الجهود لم يعد خيارًا وحماية الأوطان مسؤولية الجميع.. وصحافتنا القومية على قدر المسؤولية.
التهنئة لأبنائى وزملائى وشيوخ المهنة بمئوية «روزاليوسف».. كل عام وأنتم بخير ودائمًا فى تقدُّم ورُقى وازدهار.. كل عام وأنتم متحدون متكاتفون وناجحون؛ صحفيين وإداريين وعمالاً.. كل عام وأنتم بخير.. كل عام ومصر بخير.. تحيا مصر.
نقلاً عن مجلة روزاليوسف (العدد المئوي)
















