

طارق الشناوى
كلمة و 1 / 2..
قليل من المنطق كثير من الخزعبلات !!
كلما واجهنا نجاحًا استثنائيًا لفيلم أو مسلسل أو أغنية أو حتى (إيفيه)، حاولنا العثور على سبب منطقى، عندما نعجز عن الإمساك به، نبدأ فى التحليل السياسى والاجتماعى والاقتصادى والنفسى.
مثلا فى مطلع سنة 70 انتشرت أغنيات المطربة ليلى نظمى، التي درست الفن الشعبى أكاديميا وحصلت على درجة (الدكتوراة)، اشتهرت لها أغنيات مثل (أما نعيمة) و(ما خدش العجوز أنا) و(ادلع يا عريس) وغيرها.
شركة (صوت القاهرة) التابعة للدولة والتي توزع أغنيات أم كلثوم، كان قد تسرب منها تقرير مطلع عام 1970 يشير إلى أن أغنية ليلى نظمى (ما أشربش الشاى / أشرب أزوزة أنا) حققت أرقامًا فى التوزيع أكثر من (سيدة الغناء) أم كلثوم فى (اسأل روحك)، وتلقت ليلى العديد من الضربات تحت الحزام بسبب هذا التقرير، رغم صدقه، ومع الزمن تحجبت ولم تكتف بهذا القدر، اعتزلت الغناء بل التواجد الإعلامى، إلا أن تفسير نجاح (الأزوزة) لا يزال يثير الأسئلة وهو ما حدث أيضا قبلها مع (الطشت قاللى) لعايدة الشاعر، قالوا إن انتشار تلك الأغنيات، منطقى لأنه من توابع هزيمة 67.
المطرب حمدى باتشان ألذى اشتهرت له أغنية (الأساتوك) فى نهاية الثمانينيات، قال إن (الأساتوك) باعت أكثر من محمد عبدالوهاب الذي طرح فى نفس التوقيت بصوته أغنية (من غير ليه).
البعض بدأ يتشكك فى صدق المعلومة، رغم أنها حقيقة وكاتب هذا العمود شاهد عليها، (باتشان) لم يشتهر له قبل نحو 37 عامًا سوى تلك الأغنية، وأيضا إعلان ترويجى لأحد مساحيق الغسيل (سافو)، وبعدها اختفى تماما، ليعود مجددا إلى البؤرة قبل عامين بعد هذا الانتشار المدوى لأغنية (سطلانة)، عندما انتزع فريق النادى الأهلى كأس الأمم الأفريقية من نادى الوداد المغربى وبعدها احتلت المقدمة للأغانى الأكثر تداولا.
كثيرا ما نفاجئ برقم يتصدر قائمة مبيعات الأشرطة أو الأفلام أوالكتب، نعجز عن التحليل المباشر، نحاول أن نعثر على سبب حتى ولو كان عابرًا وغير منطقى، مثلما حدث قبلها مع أحمد عدوية، بعد أن ألقى بقنبلة عنقودية اسمها (السح الدح إمبوه)، انتشرت خلال لحظات فى الوطن العربى، وقالوا أيضا أنها واحدة من توابع هزيمة 67، دفعت الناس لترديد أى كلمات عبثية، لأنهم لا يستطيعون انتقاد مباشرة جمال عبدالناصر، ثم بعدها غنى عدوية (حبة فوق وحبة تحت) قالوا إنه ينتقد سياسة الانفتاح الاقتصادى التي أنتهجها أنور السادات، ثم (زحمة يا دنيا/ مولد وصاحبة غايب) وجاء التفسير أنه يقصد الهجوم على حسنى مبارك فى بداية عهده باعتباره (صاحب المولد)، وتمت مصادرة الأغنية رسميا.
لا تجهدوا أنفسكم فى البحث عن أسباب لقراءة أخرى خارج النص، من (السح الدح إمبوه) إلى (الأزوزة) إلى (سطلانة) ، سيظل هناك سر خفى، وكلما أعتقدنا أننا أمسكنا بالسر، نكتشف أننا نقبض بأيدينا على الهواء ولا نملك سوى الكثير من (الخزعبلات)!!
نقلًا عن مجلة روزاليوسف