
قدمت أبحاث عن إنتاج محاصيل زراعية مقاومة للتغيرات المناخية
د. كلارا عزام حفرت مكانتها بين أهم علماء مصر في مجال الزراعة

علياء أبوشهبة
تُمثل الدكتورة كلارا عزام الأستاذ في مركز البحوث الزراعية نموذجًا بارزًا للباحث المصري الذي يوظّف العلم لمواجهة التحديات المعاصرة في الأمن الغذائي وتغير المناخ. فمن خلال خبرتها في التقنيات الحيوية والجزيئية، كرّست أبحاثها لتطوير محاصيل زراعية أكثر قدرة على تحمّل الإجهادات البيئية مثل الملوحة والجفاف وارتفاع درجات الحرارة، إضافة إلى مقاومتها للأمراض الفطرية والحشرية.
وقد أسهمت مشروعاتها العلمية في إدخال محاصيل جديدة مثل الشيا وإنتاج تراكيب وراثية آمنة من الفول السوداني، مما يعكس دورها الفعّال في تعزيز التنمية الزراعية المستدامة ومواكبة التحديات البيئية العالمية.
تعتبر دكتورة كلارا عزام نفسها محظوظة، فهي ابنة اثنين من أكبر علماء مصر دكتور رضا عزام أستاذ الكمياء النووية بهيئة الطاقة الذرية، وزوج والدتها بعد وفاة والدها وهو الدكتور محمود حافظ دنيا أستاذ الحشرات في جامعة القاهرة ويوجد مبنى يحمل اسمه في الجامعة، وكليهما سبب حبها للعلم والأكثر تأثيرا في حياتها، واختار لها دكتور محمود حافظ الدراسة في قسم المحاصيل.
وتقول الدكتورة كلارا عزام: عملت في مركز البحوث النووية بعد تخرجي ولم يكن لي نصيب الاستقرار فيه، ثم عملت في معهد بحوث المحاصيل التابع لمعهد البحوث الزراعية وفيه ركزت على الاستخدامات السلمية للطاقة النووية لتحسين المحاصيل والتراكيب الوراثية ولمواجهة التغيرات المناخية وزيادة الإنتاجية وكنت رئيسة مشروع عام 2010 عن استنباط تراكيب وراثية من الفول السوداني متحملة للإصابة بالفطريات "الأفلاطوكسين" ومتحملة للحشرات الاقتصادية؛ وهو من أسوأ المواد التي يمكن أن تصيب الغذاء ويصيب الذرة الشامية أيضًا، وقد يؤدي إلى الوفاة في مراحل متقدمة إذا زادت نسبته في الجسم وبالفعل أنتجنا بذور لا تصاب بهذا الفطر.
كما عملت على مشروع آخر لإنتاج بذور الشيا محليًا وهو مشروع دولي يضم 6 دول هي كينيا وألمانيا والمجر والجزائر والمغرب ومصر، حيث أنها تستورد ولا يوجد منها أصناف محلية ومن خلال المشروع تم زراعتها، وهو نظام مدمج لبذور الشيا وعيش الغراب المحاري واستخدامهم في إنتاج أنواع مختلفة من الغذاء بما يشمله من عناصر غذائية مهمة بصفة خاصة للأطفال تحقق لهم استفادة أعلى من منتجات دقيق القمح فقط، كما تم إطلاق تطبيق على الهاتف المحمول اسمه "شيا" يشمل كل ما يتعلق ببذور الشيا وفوائدها واستخدماتها ومعلومات عن زراعتها والأسمدة اللازمة لها.
والمشروع الهدف منه عدم وجود أي مخلفات زراعية حيث يتم زراعة الشيا وبعد ذلك تستخدم المخلفات في زراعة عيش الغراب المحاري، وكليهما له قيمة غذائية عالية، والشيا تساعد على إنقاص الوزن وبه عنصر اوميجا 3 يمكن أن يساعد على محاربة التقزم بالنسبة للأطفال ويقلل خطر الإصابة بأمراض القلب ويقلل من مستويات السكر في الدم ويقلل من الالتهابات المزمنة، وتستخدم المخلفات الزراعية في المشروع أيضًا كسماد حيوي ووقود حيوي.
تغير المناخ يزيد من درجة الحرارة التي بدورها تزيد من ملوحة التربة ويزيد احتياجها للمياه ويزداد الجفاف، ولدى دكتورة كلارا عزام مجموعة من الأبحاث للعمل على تحمل البذور للملوحة حتى في القمح، وكذلك تحمل الجفاف، ويتم العمل على نبات الشعير، ويوجد بحوث في نطاق التسجيل حول هذا الأمر.
وتقول عزام:"لقد انطلقت أبحاثي من إيمان عميق بأن البحث العلمي هو الركيزة الأساسية لتحقيق الأمن الغذائي والتنمية المستدامة. تركّزت أعمالي على تحسين المحاصيل الحقلية من خلال التوظيف المتكامل للتربية التقليدية والتقنيات الحيوية والجزيئية الحديثة، بما يضمن إنتاج أصناف أكثر تحملاً للإجهادات البيئية مثل الملوحة والجفاف والحرارة، وتقاوم الاجهاد الحيوي (الامراض) وأكثر قدرة على مواجهة التغيرات المناخية".
حصدت عزام عدة تكريمات منها جائزة المرأة التقديرية في الزراعة والعلوم الغذائية عام 2021 والتي تعتز بها وحصلت على وسام سيدة الوطن العربي ومصنفة من أفضل الباحثين عالميًا في Scientific index، وعضوة في اللجنة الوطنية للكمياء الحيوية والبيولوجيا الجزئية، ونشرت ما يقرب من 100 بحث ومقال علمي، وترأست قسم بحوث الخلية في مركز البحوث الزراعية.
حرصت دكتورة كلارا عزام على الموازنة بين حبها للعلم وبين رعاية أبنائها ومهامها تجاه أسرتها، وتعتبر السر هو شريك حياتها لاسيما وأنه زميل لها في العمل يشاركها نفس الاهتمامات البحثية.
تحرص دكتورة كلارا على نقل خبراتها للجيل الأصغر من الباحثين وتحثهم على خدمة وطنهم من خلال العلم وهو السلاح الأهم لبناء الأوطان.