
تحت رعاية وزارة الثقافة:
المجلس الأعلى للثقافة يناقش رواية "البدوية وعبود" لجيهان الحلواني

محمد خضير
ضمن خطة أنشطة وزارة الثقافة، وتحت رعاية الدكتور أحمد فؤاد هنو وزير الثقافة، والدكتور أشرف العزازي الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة، نظّمت الإدارة المركزية للشؤون الأدبية والمسابقات ندوة لمناقشة رواية "البدوية وعبود" للكاتبة السكندرية جيهان الحلواني، الحاصلة على منحة التفرغ.
أدار النقاش الناقد والروائي صابر الجنزوري، وشارك فيه الناقد والأديب السيد جمعة، والكاتب الصحفي والناقد حمدي البصير.
سيرة استثنائية وإبداع يوازي الإنسانية
استهل الناقد صابر الجنزوري الندوة بالتوقف عند سيرة الكاتبة جيهان الحلواني، معتبرًا أنها شخصية استثنائية لم يحدها مجال واحد، إذ جمعت بين الرواية والعمل الصحفي.
وأضاف أنها لم تكتفِ بالكتابة الأدبية، بل تركت أثرًا واضحًا في الصحافة من خلال تقارير ومقالات عكست هموم المجتمع.
وأكد أن قيمتها الحقيقية لا تقف عند حدود الأدب فقط، بل في الجانب الإنساني والوطني؛ فهي قريبة من الناس، منشغلة بقضايا الشباب، مساندة للأسر البسيطة، وفي المواقف الوطنية وقفت بصلابة لتقول "لا" حين كان الصمت أسهل.
رمزية النص بين القصر والخيمة
من جانبه، أوضح الناقد السيد جمعة أن الرواية تنتمي إلى الأدب الاجتماعي الرمزي، حيث جسّدت الكاتبة عبر قصة حب ورحلة معاناة أزمات المجتمع وصراع طبقاته. فـ"عبود" يمثل الإنسان البسيط المهمّش الباحث عن معنى لوجوده، بينما ترمز شخصية "البدوية" إلى النقاء والأصالة.
وبهذا التناقض تضع الرواية القارئ أمام ثنائيات حادة: القصر في مقابل الخيمة، الزيف في مواجهة الحقيقة، الترف في مقابل الفقر، والسلطة في مواجهة الحرية.
وأشار إلى أن الرواية واعدة في طرحها الاجتماعي والرمزي، لكنها عانت في بعض الفصول من تسرّع في الانتقال بين الواقعية والرمزية، ما أثّر على إيقاع النص، إضافة إلى أن بعض الشخصيات الثانوية لم تُمنح العمق الكافي.
ومع ذلك، اعتبرها تجربة لافتة ذات دلالة مهمة في قراءة الواقع الاجتماعي والطبقي.
بين الصحافة والإبداع
أما الكاتب الصحفي حمدي البصير فقدّم شهادة شخصية عن معرفته بالكاتبة منذ سنوات طويلة، مؤكدًا أنها واحدة من الأصوات الصحفية المهمة في الإسكندرية، عُرفت بكفاحها وإصرارها، ونقلها نبض الناس البسطاء للرأي العام.
وأضاف: أن الحلواني كانت مثالًا على الصحفي الميداني الذي يوثق قضايا المجتمع بدقة ومصداقية، مشيرًا إلى أهمية "الديسك المركزي" في عملها الصحفي بوصفه العقل التحليلي الذي يضمن دقة المادة وصحتها.
وسجّل "البصير" ملاحظتين نقديتين على الرواية: الأولى تتعلق بتباين لغة السرد بين الفصحى والعامية، والثانية حول الجرأة المفرطة في الطرح، سواء باستخدام لغة صادمة أو كلمات هجائية حادة. لكنه أكد أن هذه الجرأة جزء أصيل من شخصية الكاتبة وأسلوبها الأدبي.
صوت الكاتبة وشغف الكتابة
من جانبها، عبّرت الكاتبة جيهان الحلواني عن امتنانها لكل من ساندها في مسيرتها، مؤكدة أن التحديات التي واجهتها زادت من صلابتها وفهمها للحياة.
وأشارت إلى أن الفضل يعود إلى ما غرسه والداها فيها من قيم، وأن الكتابة ستظل حبها الأول وبوابة صمودها وإبداعها.
وأضافت أن رصيدها الأدبي يضم عدة مجموعات قصصية منها: "شهرزاد تشتكي" و"لغة سرية" و"ألوان من النساء"، غير أن صدور رواية "البدوية وعبود" له مكانة خاصة لديها، نظرًا لأنها جاءت في إطار منح التفرغ التي يشرف عليها المجلس الأعلى للثقافة.
دلالة اللقاء ورسالة المجلس
اختُتمت الندوة بإجماع النقاد على أن رواية "البدوية وعبود" تحمل تجربة إبداعية جادة، وأنها تمثل إضافة لمسيرة الكاتبة جيهان الحلواني التي جمعت بين الصحافة والرواية في مسار متكامل، يمزج بين التعبير الأدبي والالتزام الإنساني والوطني.
وتبرز هذه الفعالية دلالة مهمة لدور المجلس الأعلى للثقافة، الذي لا يكتفي بدعم الإبداع عبر منح التفرغ، وإنما يحرص على إتاحة منصات حوارية تتيح للنقاد والقراء التفاعل مع النصوص الجديدة. وهو ما يعزز من قيمة المشهد الثقافي المصري، ويؤكد أن مثل هذه اللقاءات ليست مجرد مناسبات عابرة، بل محطات حقيقية لاكتشاف الأصوات الأدبية الواعدة، ودفعها إلى صدارة المشهد الثقافي.