
"أكسفورد" تطلق أداة ذكاء اصطناعي تقود رحلة اكتشاف الانفجارات الكونية العظمى

سارة هليل
في سبق علمي جديد، أعلنت جامعة أكسفورد عن تطوير أداة ذكاء اصطناعي مبتكرة تُحدث تحولًا جذريًا في طريقة رصد المستعرات العظمى، تلك الانفجارات الكونية المهيبة التي تكشف أسرار نشأة العناصر الكيميائية في الكون.
ويأتي هذا الإنجاز وفقًا لبحث نُشر حديثًا في مجلة الفيزياء الفلكية، ليؤكد أن الذكاء الاصطناعي بات شريكًا محوريًا في استكشاف أعماق السماء.
الأداة الجديدة، التي أطلق عليها اسم "مساعد البحث الافتراضي" «VRA»، نجحت في خفض عبء العمل عن علماء الفلك بنسبة 85%، عبر تصفية ملايين التنبيهات الفلكية الليلية والتقاط الإشارات الحقيقية النادرة للمستعرات العظمى.
وقد أثبتت التجارب أن النظام يحافظ على أكثر من 99.9% من التنبيهات الحقيقية، مع تجاهل أقل من 0.08% فقط من الأحداث الفعلية.
تقول الدكتورة هيلويز ستيفانس، الباحثة الرئيسية من قسم الفيزياء بجامعة أكسفورد: "المثير للدهشة هو قلة البيانات المطلوبة. باستخدام 15 ألف مثال فقط وحاسوبي المحمول، تمكنت من تدريب خوارزميات ذكية لإتمام ما كان يستغرق ساعات طويلة يوميًا. هذا يثبت أن الذكاء الاصطناعي، حين يُوجَّه بخبرة العلماء، قادر على إحداث نقلة نوعية في علم الفلك دون الحاجة إلى موارد هائلة."
ويعتمد النظام على خوارزميات تعتمد أسس القرار بدلاً من أساليب التعلم العميق كثيفة البيانات، ما يمنح الباحثين مرونة أكبر لإدخال خبراتهم مباشرةً في النماذج. وبفضل ذلك، لا يقوم النظام بفرز التنبيهات فحسب، بل يُعيد تقييمها بشكل متكرر عند رصد نفس البقعة السماوية، ما يزيد دقة النتائج ويعزز فرص الاكتشاف.
البروفيسور ستيفن سمارت، المشارك في البحث، أوضح أهمية هذا التطوير قائلًا: "إن سرعة ودقة هذه الأداة ستفتح الباب أمام اكتشافات كونية نادرة، من انفجارات النجوم في المجرات البعيدة إلى الظواهر المرتبطة بموجات الجاذبية. نحن أمام بداية حقبة جديدة في الفيزياء الفلكية."
ويُذكر أن الأداة ارتبطت منذ ديسمبر 2024 بتلسكوب ليسيدي في جنوب أفريقيا، حيث أثبتت بالفعل قدرتها على تأكيد رصد مستعرات عظمى جديدة بشكل آلي.
ويأتي هذا التقدم في توقيت بالغ الأهمية، مع اقتراب إطلاق مسح الفضاء والزمان «LSST» عام 2026، والذي سيولّد أكثر من 10 ملايين تنبيه فلكي كل ليلة. وهنا، بحسب فريق أكسفورد، سيكون "مساعد البحث الافتراضي" عنصرًا حاسمًا في مواجهة هذا السيل من البيانات، وفي دفع علم الفلك إلى حدود غير مسبوقة.
تختتم الدكتورة ستيفانس مؤكدة: "نحن نشهد لحظة تاريخية في علم الفلك، حيث يتحول الذكاء الاصطناعي من مجرد أداة مساعدة إلى شريك حقيقي في اكتشاف أسرار الكون."
بهذا الإنجاز، تُثبت جامعة أكسفورد أن المستقبل سيكون أكثر إشراقًا بفضل الذكاء الاصطناعي، الذي يواصل فتح نوافذ جديدة لفهم أعمق لرحلة الكون منذ لحظة ميلاده.