جمال عبدالصمد
حلاوة ذكرى مولد الرسول
تزخر حياتنا بالعديد من المناسبات المختلفة التي نحتفل بها سواء كانت شخصية أو اجتماعية، على سبيل المثال لا الحصر "أعياد الميلاد، وأعياد الزواج، والخطوبة والتخرج وغيرها من المناسبات الخاصة، بينما هناك مناسبات أخرى دينية مثل "عيد الأضحى وعيد الفطر، وذكرى المولد النبوي الشريف وغيرها من مناسبات دينية"، ورغم أن الفاعليات "الشخصية والدينية" تندرج تحت فئة المناسبات، فإن هناك فروقاً جوهرية في الدلالة والغرض وكيفية الاحتفال بها.
احتفلت الأمة الإسلامية في شتى بقاع الأرض بذكرى مولد خير الأنام، سيدنا محمد ﷺ يوم الخميس الماضي، حيث يُعد هذا الحدث من المناسبات الغالية على قلوب المسلمين، وإحياء هذه المناسبة ليس مجرد احتفال بل هي بمثابة تجديد لعهد المحبة والوفاء لرسول الإنسانية، واستذكار سيرته العطرة التي شكلت منارة البشرية.
رغم تعدد واختلاف أشكال الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف من بلد لآخر، فإن كل الاحتفالات تصب في بوتقة واحدة وذات هدف محدد، وهو تعظيم هذه الذكرى وتخليدها من خلال إقامة حلقات الذكر والابتهالات لترديد الأناشيد الدينية وقراءة القرآن الكريم، بالإضافة إلى عقد دروس وندوات تستعرض سيرة الرسول التي تتضمن مولده، ونشأته، ومعجزاته، والنواحي الإنسانية في حياته، وغيرها من المحطات المهمة المؤثرة التي لعبت دورًا مهمًا في بناء الدولة الإسلامية.
كما تشمل الاحتفالات أيضا اهتمام محطات الإذاعة والقنوات التليفزيونية والفضائية بعرض المسلسلات والأفلام الدينية التي تتطرق إلى الأحداث المختلفة قبل وبعد مولد الرسول ﷺ وأعمال تسرد قصة حياته، كما يحرص الأهالي على توزيع الشربات المزين بشرائح الموز على المارة وسائقي السيارات، ويزين هذا المشهد الجميل قيام بعض الإخوة الأقباط بالمشاركة في توزيع أكواب الشربات، كنوع من المشاركة المجتمعية والوجدانية لنسيج الوطن الواحد.
فضلا عن حلوى المولد النبوي التي تُعد من العادات العريقة المشتركة بين دول كثيرة، وهذه الظاهرة تحمل في طياتها أبعادًا اجتماعية وثقافية عميقة، حيث تتزين المحلات بأشكال مختلفة من منتجات الحلوى ومنها: "العروسة، الحصان، اللديدة، الملبن، وغيرها من الحلوى التقليدية"، التي تُصنع خصيصًا لهذه المناسبة، تحرص الأفراد والأسر على شراء علب الحلوى كهدايا من أجل تقديمها للأهل والأصدقاء، أو توزيعها على الأطفال كنوع من بث الفرحة والبهجة في نفوس الأخرين، عملية بيع وشراء حلاوة الموسم لا تعد تجارة بشكلها المعروف، بل تحمل في طياتها معاني إنسانية واجتماعية، كونها وسيلة لتعزيز الروابط الاجتماعية، فتبادل الحلويات يجسد قيم المحبة والمشاركة، ويقوي صلة الرحم والصداقة بين أفراد الأسرة خاصة، والمجتمع بشكل عام.
ختامًا.. الاحتفاء بالمولد النبوي الشريف ليس احتفالاً بمناسبة عابرة، بل هي دعوة دائمة ومستمرة تحث على الخير والرحمة، كما أنها تُذكرنا بأننا ننتمي إلى أمة تحمل رسالة خالدة تتجاوز حدود الزمان والمكان، فهي هبة ومنحة ربانية لكل العباد وفرصة لتجديد القيم والمبادئ التي جاء بها الإسلام واتصف بها رسول الله، فعلى الجميع أن يستثمرها ويقوم بتطبيقها في أموره الحياتية.
أخيرًا.. نصيحتي لنفسي قبلكم، أن نُسارع إلى اتباع نهج الحبيب مُحمّد والاقتداء بسيرته العطرة، وأن نحرص على أن نجعل أخلاقه الكريمة منهجاً أساسياً في أمور حياتنا، اجعلوا حلاوة ذكرى المولد النبوي الشريف تحلي أيامكم وتسعد حياتكم وتفرح قلوبكم.. كل عام وأنتم بخير ومصر في أمان وسلام.
















