
"صنع الله إبراهيم".. صوت الحقيقة وأيقونة الرواية العربية

محمد خضير
وسط أجواء ثقافية حزينة على رحيل الأديب الكبير صنع الله إبراهيم، الذي وافته المنية، صباح اليوم، لكن تظل مسيرته الأدبية والإبداعية علامة فارقة في الأدب المصري والعربي، ليس فقط بما كتبه من روايات شكلت وعي أجيال كاملة، بل بما اتخذه من مواقف مهمه جعلت من اسمه مرادفًا للنزاهة الفكرية والالتزام بالقضايا الكبرى.
يُعد الأديب الكبير صنع الله إبراهيم أحد أبرز الأصوات الروائية في العالم العربي، وأيقونة للأدب الواقعي النقدي، حيث ارتبط اسمه بالصدق الفني والالتزام بالقضايا الوطنية والاجتماعية.
لم يكن صنع الله إبراهيم مجرد كاتب، بل مثقف صاحب موقف، وقد تجلى ذلك في قراره الشهير عام 2003 برفض جائزة الرواية العربية، اعتراضًا على بعض الأوضاع في مصر والعالم العربي، وهو موقف اعتبره النقاد دليلاً على نزاهته الفكرية وشجاعته في التعبير عن قناعاته.
رغم حصوله على جوائز وتكريمات عديدة داخل مصر وخارجها، ظل صنع الله إبراهيم وفيًا لفكرته عن الأدب كأداة للتنوير وكشف الحقائق، مؤمنًا بأن الرواية يمكن أن تكون وثيقة للتاريخ وإظهار الحقائق في العديد من قضايا المجتمع، واليوم، وبعد وفاته تظل أعماله جزءًا أصيلًا من الذاكرة الأدبية العربية، وشهادة على زمن التحولات الكبرى في السياسة والمجتمع.
نشأته
وُلد في القاهرة عام 1937، وتخرّج في كلية الحقوق جامعة القاهرة عام 1959، لكن مساره الإبداعي كان منذ بداياته منحازًا للكلمة الحرة والبحث عن الحقيقة.
عرف صنع الله إبراهيم طريقه إلى الكتابة عبر تجربة حياتية مليئة بالتقلبات؛ وسبق وأن اعتُقل في ستينيات القرن العشرين لسنوات، وهي التجربة التي صاغت وعيه الإبداعي ورسّخت في أعماله النزعة التوثيقية والجرأة في الكتابة عن قضايا المجتمع.
وقد جاءت روايته الأولى "تلك الرائحة" 1966 كصرخة مختلفة في الأدب العربي، بأسلوب مكثف وبنية جديدة كسرت السرد التقليدي.
أسلوبه
كما تميّز الأديب صنع الله إبراهيم، بأسلوبه الذي يمزج بين الوثيقة والتخييل، معتمداً على الأخبار والبيانات والإحصاءات، في بناء عالم روائي شديد الواقعية، كما في أعماله البارزة: "اللجنة" 1981، "وردة" 2000، "شرف" 1997، "أمريكانلي" 2003، و"برلين 69" 2009، وهو في مجمل أعماله ناقد لاذع، كاشف لعلاقات القوة بين الشرق والغرب، ومؤمن بدور الأدب في رفع وعي القارئ.
الجوائز
كما نال صنع الله إبراهيم تقدير القراء والنقاد على السواء، وحصد جوائز أدبية عربية ودولية، لكن موقفه الشجاع برفض جائزة الرواية العربية عام 2003 احتجاجًا على الأوضاع السياسية في مصر والعالم العربي، ظل علامة فارقة في تاريخه، وعنوانًا على استقلاليته ونزاهته الفكرية.
وبالتالى يمثل الأديب الكبير صنع الله إبراهيم نموذجًا للمثقف العضوي الذي يرى في الكتابة مسؤولية، وفي الأدب أداة مقاومة، لذلك ستظل رواياته جزءًا من الذاكرة الأدبية العربية، ومرآة لزمن التحولات الكبرى.