
هل يتكرر سيناريو "كورونا"؟ فيروس غامض ينتشر في الصين.. ما هو "شيكونجونيا"؟

شيماء حلمي
يواجه جنوب الصين أزمةً متفاقمة مع هطول أمطار غزيرة على عدة مقاطعات، وخاصةً قوانجدونج، في واحدة من أسوأ الظواهر الجوية منذ مطلع القرن.
تزامنت الأمطار الغزيرة مع ذروة موسم الرياح الموسمية في شرق آسيا، مما أدى إلى شلل شبه تام للبنية التحتية الحيوية، وهدد بتفاقم الوضع الصحي مع انتشار الأمراض المنقولة بالمياه.
شهدت مدينة قوانجتشو، عاصمة مقاطعة قوانجدونج، ثاني أعلى معدل هطول للأمطار في شهر أغسطس هذا القرن، مما أجبر مطار باييون الدولي، أحد أكثر مطارات العالم ازدحاما، على إلغاء أكثر من 360 رحلة وتأخير أكثر من 300 رحلة أخرى.
ولم تسلم هونج كونج من الفيضانات، حيث تسببت الأمطار الغزيرة التي هطلت عليها وهي الأشد منذ عام 1884 في حدوث فيضانات غير مسبوقة في منطقة دلتا نهر اللؤلؤ، أحد أهم مراكز التكنولوجيا والتجارة في آسيا.
بينما كانت فرق الإنقاذ تعمل على إزالة الأنقاض وفتح مجاري الصرف الصحي، حذّرت هيئة الأرصاد الجوية من عواصف رعدية جديدة واحتمال هبوب إعصارين أو ثلاثة أعاصير في أغسطس الجاري.
وشهدت المنطقة انهيارات طينية، وتصدّع الطرق، وانكشاف البنية التحتية، بينما ارتفعت منسوب المياه إلى مستويات تُهدد بفيضان 16 نهرًا، وفقًا لهيئة إدارة الطوارئ الصينية.
التهديد الصحي: تفشي حمى شيكونجونيا
ومع تدهور الوضع البيئي، برز تهديد صحي خطير: تفشي محتمل لمرض شيكونجونيا، وهو مرض فيروسي ينتقل عن طريق البعوض وينتشر في المياه الراكدة المتبقية بعد الفيضانات.
ووفقا للتقارير الإقليمية، تم تسجيل أكثر من 7 آلاف حالة في مقاطعة قوانجدونج، وسط مخاوف من أن ينتشر المرض على نطاق أوسع بسبب الظروف البيئية المواتية.
وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، يُسبب داء شيكونجونيا فيروسًا ينتقل إلى البشر عن طريق البعوض، وخاصةً بعوضتي الزاعجة المصرية والزاعجة البيضاء. تتشابه أعراضه مع أعراض حمى الضنك وزيكا، مما يُصعّب تشخيصه وتحديد عدد المصابين بدقة.
تشمل أبرز أعراضه الحمى، وآلام المفاصل الشديدة، وتورم المفاصل، وآلام العضلات، والصداع، والتعب، والقيء، والطفح الجلدي.
لا يوجد حاليًا علاج محدد للفيروس، ولكن تُستخدم أدوية خافضة للحرارة، مثل الأسيتامينوفين، لتخفيف الأعراض. ورغم حصول لقاحين على موافقة تنظيمية محدودة، إلا أنهما لم يُستخدَما على نطاق واسع بعد، ويجري اختبار فعاليتهما حاليًا في مكافحة الأوبئة.
الآثار الاقتصادية والزراعية
لم تقتصر آثار الفيضانات على البنية التحتية والصحة العامة فحسب، بل طالت القطاع الزراعي أيضًا، مما دفع الحكومة المركزية إلى تخصيص أكثر من 139 مليون دولار أمريكي "مليار يوان" لدعم المناطق المتضررة، وخاصةً تلك التي تُعتبر سلالًا غذائية مهمة، مثل مقاطعتي قوانغدونغ وخبي.
ويتوقع الخبير الاقتصادي دان وانج من مجموعة أوراسيا أن يؤدي ذلك إلى ارتفاع أسعار الفواكه والخضراوات الطازجة، في وقت تسعى فيه الصين إلى الحفاظ على أمنها الغذائي في ظل الاضطرابات المناخية المتكررة.
ما تشهده جنوب الصين اليوم يعكس الصلة الوثيقة بين الظواهر الجوية المتطرفة والتحديات الصحية والاقتصادية التي تُسببها. ويتجاوز خطر هطول الأمطار الغزيرة الفيضانات المدمرة ليشمل تفشي الأمراض وتفاقم أزمات سبل العيش.
وهذا يتطلب استجابة حكومية ومجتمعية شاملة وطويلة الأمد للحد من آثارها ومعالجة أسبابها الجذرية، لا سيما في ظل تسارع تغير المناخ العالمي.