٢٨ يوليو عرض الفيلم بمركز بساط الثقافي
"المنيل في عيون سكانه".. باحثتان توثقان التراث الترفيهي للحي بفيلم تسجيلي

هبة نافع
"السلام أمانة..رديت السلام.. يالا أخدكم في رحلة مليانة قصص حية منسوجة من روح أصحابهم وذكرياتهم..مش بس الحكاية السياسية والتاريخية هي المفروض تتخلد ونحتفظ بذكراها لكن كمان حكايات الناس وذكرياتهم ازاي كانوا بيلبسوا وبيضحكوا وبيلعبوا وبيخرجوا".
بهذه الكلمات تسرد الباحثة آلاء حمدي ذكريات سكان المنيل عن حيهم خلال الفيلم التسجيلي "الروضة والمنيل في عيون سكانهم"، الذي أعدته بالمشاركة مع الباحثة شيماء بكري، وهو نتاج ورشة نظمتها مدرسة خزانة للتراث على مدار ٦ أشهر في إطار برنامج هنا وسرور لتوثيق التاريخ الترفيهي للحي.
وقد عُرض خلال افتتاح معرض الورشة بمقر الجامعة الأمريكية بالتحرير، ومن المقرر عرضه يوم 28 يوليه الجاري ضمن فعاليات معرض بساط للكتاب بمركز بساط الثقافي بحدائق القبة.
شغف دراسة التراث
آلاء وشيماء تخصصتا في دراسة التراث والانثربولوجيا الثقافية، ودفعهما شغفهما إلى الالتحاق بورشة خزانة للتراث، التي أتاحت لهما فرصة تطبيق ما يدرسانه بشكل عملي، وشكلت حلقة وصل بينهما وبين حي المنيل الذي تزورانه لأول مرة.
تقول آلاء لروزاليوسف إنها تسكن حي السيدة زينب وتخرجت في كلية آداب قسم علم اجتماع بجامعة عين شمس، وكانت مهتمة بالاشتراك في الورش المتعلقة بالتراث.
حكايات المنيل من الياسمين إلى سينما جرين
"المنيل زمان كان حاجة جميلة أوي، كله قصور وجناين، وكنت لما تتمشي على النيل تشم ريحة الياسمين والفل، وكان في جنينة فواكه عند قصر المانسترلي مفتوحة للجميع قبل إنشاء محطة المياه"، هذا ما يتذكره أحد السكان في شهادته بالفيلم، والذي حرصت آلاء وشيماء على أن يتضمن إلى جانب شهادات أهالي الحي مقاطع من بعض الأفلام المصورة بشوارع المنيل وقصر محمد علي وقصر المانسترلي مثل أفلام أمير الدهاء وهمام في امستردام وبائعة الشاي والمصير بالإضافة إلى استعانتهما بأرشيف الصور الشخصي لبعض السكان مثل أرشيف د.عماد أبو غازي وزير الثقافة الأسبق وأرشيف دعاء الشريف إحدى المنظمات للورشة وأرشيف نهى إلهامي.
تتذكر آلاء بدايات الورشة قائلة إن أول محاضرة كانت تعريفية بتاريخ المنيل، وسئلت حينها عن المشروع الذي تود إنتاجه عن المنيل فأجابت فيلم وثائقي، مضيفة أن الجزء النظري من الورشة كان ثريا، ومع بدء مرحلة تنفيذ المشروعات اقترحت على شيماء مشاركتها في إعداد الفيلم، ووافقت.
"يوم السبت كنت بروح سينما جرين وهي سينما صيفي، بتفرج على ٣ أفلام مرة واحدة، الكراسي كانت خشب، وكنت بشتري مشروب سباتس أو الدبانة"، يروي عم هشام ذكرياته مع سينما جرين خلال الفيلم، والتي كانت متنفسا ترفيهيا للسكان.
وفي شارع علي الجارم الذي ألقى الفيلم الضوء عليه، كانت تجلس الست شادية ذائعة الصيت لامتلاكها صوتا رخيما، تغني وتلقى الافيهات وتحكي ذكرياتها عن الصيد والسباحة في النيل والفنانين الذين سكنوا الحي.
كواليس إعداد الفيلم
وتوضح شيماء محمد بكري إنها في السنة النهائية بكلية الآداب قسم علم الاجتماع بجامعة القاهرة، وهي مهتمة بدراسة التراث والتاريخ الشفهي والعادات والتقاليد، قائلة: "إنه بعد التحاقها بورشة خزانة تم تقسيم المشاركين إلى أربع مجموعات، وكل مجموعة مسؤولة عن منطقة معينة، وكنا ننزل إلى الشوارع ونسأل الناس عن الأماكن وتاريخها والممارسات الترفيهية التي يمارسونها، وعندما عرضت علي آلاء مشاركتها في تنفيذ الفيلم الوثائقي، أعدنا مشاهدة جميع مقابلات العمل الميداني والأرشيفي التي تم تجميعها خلال فترة الورشة، وقررنا التركيز على أكثر الروايات المتكررة مثل الطعام والموالد كمولد الأباريقي والمتنزهات والاحتفالات والسينمات، وتم ذلك تحت إشراف منظمي الورشة".
وتشير آلاء إلى أنهما اختارتا أربعة شوارع ليدور الفيلم حولها، شارع المنيل المتميز بتنوع مطاعمه وشارع الملك الصالح لوجود قصر المانسترلي والمقياس وكوبري الخشب وإمكانية الصيد والتنزه على النيل وشارع محمد ذو الفقار الذي يشهد احتفالات مولد الاباريقي وشارع الملك عبد العزيز بما يحتويه من حدائق والكازينوهات.
لبن سيكلام ونداءات البائعين
" لبن سيكلام كان بيتصنع في مصنع بالإسكندرية، وصاحبه سويسري الجنسية وهو أول من عمل اللبن المبستر في زجاج، احنا واخدين المحل سنة ٦٠ وبعد التأميم أصبحت الشركة اللي بتصنعه اسمها مصر للألبان"، كانت تلك رواية أحمد عز مالك بقالة سيكلام خلال الفيلم، كما روى الممثل حسان العربي ذكرياته عن نداءات البائعين في الشوارع.
تضيف شيماء لقد قسمنا العمل بيني وبين آلاء، بحيث تكون آلاء المسؤولة عن إعداد اسكريبت الفيلم والفويس أوفر، وهي المسؤولة عن التصوير والمونتاج وترتيب اللقطات والملف الأرشيفي.
يسدل الفيلم الستار على ذكريات الأهالي من الشارع الذي كانت تسكن فيه المطربة وردة بحي المنيل، وعلى نغمات أغنيتها في يوم وليلة التي غنتها شيماء .
أهمية توثيق القصص الشخصية
وتؤكد آلاء أن ذكريات الناس قادرة على خلق صورة عن عالم لم تكن تتخيله أو تعرف عنه شيء، ومن هنا تأتي أهمية ما تقوم به مدرسة خزانة للتراث من توثيق لتلك الذكريات، قائلة أتمنى أن أكرر التجربة مع الحي الذي أسكنه السيدة زينب.
وعن أبرز الذكريات التي أثارت دهشة شيماء عند سماعها، تقول: "عندما حكى أحد السكان عن علاقته بالنيل وكيف لم تكن هناك أي أسوار تمنع الناس عن التنزه مباشرة على ضفته، وتجمع الأهالي للاحتفال بشم النسيم بحديقة قصر المانسترلي.
وتوضح علياء نصار مؤسسة مدرسة خزانة للتراث أن برنامج هنا وسرور الذي أقيمت في إطاره الورشة التي أنتجت الفيلم إلى جانب عدة مشروعات أخرى، يهدف إلى توثيق تاريخ المدن من منظور الترفيه، الذي يحمل دلالات كثيرة منها العمرانية والاجتماعية والسياسية