

ناهد إمام
همس الكلمات
دائمًا مصر ولادة .. شهداء وأبطال!
تظهر دائما البطولات ومن يضحون بأرواحهم الغالية لحماية الوطن ومقدراته، مع نشوب الأزمات والكوارث، وبطبيعة الحال لا بد فى بداية الحديث تقديم العزاء لشهداء الواجب، وهم المهندس محمد طلعت، والمهندس أحمد رجب، والمهندس أحمد الدرس، والمهندس وائل مرزوق، وهم شهداء حادث حريق مبنى سنترال رمسيس التابع للشركة المصرية للاتصالات فى وسط القاهرة.. رحمة الله عليهم، والصبر لذويهم.
وأيضا كان هناك عدد من المصابين في الحريق
"أكمل الله شفاءهم على خير"، وبلغ عددهم 39 شخصًا مابين موظفين ورجال شرطة وأفراد أمن، وتمثلت الإصابات في حالات اختناق خلال محاولات إخماد النيران والحريق باليد والوجه وأماكن متفرقة من الجسم.
وشمل المصابين إلى جانب موظفي السنترال، كلٌ
من: عقيد طارق عبد الحميد، العقيد ياسر محمود رجب، الرائد محمد عزت، باهي طارق محمد من رجال الحماية المدنية، أحمد فريد مجند شرطة، معتمد السيد أمين شرطة، عبد الفتاح جمال أمين شرطة، مصطفى عبد المولى فرد أمن بالسنترال.
ولا بد أن نذكر، أن الشهداء المهندسين الأربعة، ضربوا أكبر مثال للشجاعة والبطولة، ففي وسط الحريق وانتظارا للنجدة، كانوا يؤدون عملا بطوليا وهو المحاولة بكل الطرق التي يملكونها في الداخل، أن يمنعوا النار من الوصول لبطاريات المولدات، التي لو وصلت إليها، كان سيكون هناك انفجار كارثي، لا يعلم مداه وآثاره إلا "الله سبحانه وتعالى".
ولم تنحصر البطولات في حريق سنترال رمسيس ما بين شهيد أو مصاب، ولكن من البداية منذ اندلاع الحريق الهائل داخل سنترال رمسيس، وتلقت الأجهزة الأمنية بمديرية أمن القاهرة بلاغًا من غرفة عمليات الإدارة العامة لقوات الحماية المدنية، وعلى الفور تم الدفع بـ40 سيارة إطفاء وتضم 210 رجال إطفاء، من بينهم 150 فرد حماية مدنية، و50 ضابطا، بخلاف حوالي 20 سيارة إسعاف.
وهنا كانت بطولات قوات الحماية المدنية، برئاسة اللواء جمال ياسين مدير الإدارة، الذين تفانوا من خلال خطة محكمة ليتم محاصرة الحريق من كل الاتجاهات وانطلق فرق الإنقاذ والاقتحام واستخدام السلالم الهيدروليكية لمحاصرة الحريق من كل الاتجاهات وحصر النيران داخل المبنى، على مدى 6 ساعات أولية ونجحوا فى السيطرة على النيران، إلا أنه عقب ذلك، وأثناء تنفيذ عمليات التبريد، تجدد الاشتعال مرة أخرى في بعض المناطق بالسنترال، لتصل فترة الحريق إلى حوالي 13 ساعة.. ليعاود قوات الحماية المدنية، بذل جهودًا أخرى للسيطرة الكاملة على بؤر الحريق المتبقية داخل السنترال، لتتم السيطرة عليه.
ولم تنته مهمة قوات الإدارة العامة للحماية المدنية عند ذلك الحد، حيث شهد سنترال رمسيس بعد مرور ثلاثة أيام من احتراقه، تجدد اشتعال النيران بأحد الطوابق داخل المبنى، وتمكن رجال الحماية المدنية مرة ثالثة من القيام بعمليات السيطرة على الحريق باستخدام سلالم هيدروليكية مجهزة للقضاء على النيران المشتعلة فى الطوابق المرتفعة.
والبطولات مستمرة على كل المستويات، حيث تفانى بلا تقصير جميع رجال قوات الحماية المدنية، سواء كانوا أفراد حماية أو ضباط، ونذكر منهم على سبيل المثال، "العقيد إيهاب سمير جريس" من قوة الإدارة العامة للحماية ، فلم تمنعه الرتبة، من الصعود واستقل السلم الهيدروليكي لأقصى ارتفاع وسط كثافة عالية من الدخان ودرجات حرارة مرتفعة منبعثة من داخل طوابق سنترال رمسيس، وقام بالصعود لإنقاذ العالقين من موظفي السنترال، من أعلى سطح السنترال حتى أسهم فى إنزالهم من المكان، إلى جانب الوقوف مع الجميع في عمليات مكافحة الحريق.
أيضا لا بد أن نذكر على سبيل المثال، البطل الملازم أول نور امتياز كامل، الضابط في قوات الحماية المدنية، والذي أعاد إلى الأذهان قصة والده "اللواء الشهيد امتياز كامل"، الذي استشهد في معركة الواحات بالصحراء الغربية ضد الإرهابيين عام 2017.
ففي وسط اشتعال الطوابق العشرة سريعا في مبنى سنترال رمسيس، كما ذكرنا ونؤكد أن جميع رجال قوات الحماية المدنية اندفعوا إلى قلب الخطر دون خوف أو تردد، كان من بين الأسماء "الملازم نور"، حيث اندفع وسط اللهب، قادمًا مسرعًا من أعلى كوبري أكتوبر، وسط الدخان الكثيف والزحام، يتحرك بخطى ثابتة وسريعة، يجهّز معداته ويرتدي بدلة الإنقاذ دون تردد أو ارتباك وتوجه مباشرة إلى قلب الحريق، حيث النيران المشتعلة والدخان الذي غطّى السماء، دون أن يفكر في خطورة الموقف. ولكن كل همه، إنقاذ الأرواح.
لم تنته البطولات بعد انتهاء حريق سنترال رمسيس، ولكن كل فى موقعه يتفانى، حيث افترشت الأرض أمام السنترال، عدد كبير من المهندسين والعمال، يعملون وسط الحرارة الشديدة، لإصلاح ما أفسده الحريق من انقطاع وتعطل الاتصالات والشبكات وغيرها وتوقف السنترال عن العمل، والعمل على إنشاء كابلات بديلة يتم توصيلها بالسنترالات المحيطة، لإيجاد بديل مؤقت لسنترال رمسيس حتى تعود الخدمات إلى ما كانت عليه.
ألستم تتفقون معي، أن رجال قوات الحماية المدنية دائما لا يتأخرون عن أداء الواجب، ويقدمون حياتهم فداء لإنقاذ الآخرين، وأن مصر ستظل على الدوام، تولد الأبطال على جميع المستويات كل في مجاله، ليظلوا فخرا لبلادنا وقدوة لأجيالنا القادمة.