

جمال عبدالصمد
هؤلاء أسرار حياتهم مباحة
تحقيق الشهرة وجني الأموال ليس أمرا يسيرا بل يحتاج إلى تعب وبذل مجهود ومثابرة، وقبل كل هذا توفيق الله والتمتع بالقبول لدى الناس، ولكن الأن أصبحت المعايير مختلفة، حيث أصبح الطريق إلى الشهرة وجني المال من أسهل الطرق، ولا يحتاج إلى إمكانيات مادية، أو وظيفية، أو شهادة علمية، الحكاية ببساطة تكمن في بيزنس جديد لا يحتاج سوى امتلاكك لجهاز موبايل، بالإضافة إلى محتوى يحقق انتشار واسع لكي يحصد أعلى نسب مشاهدة.
تحولت مواقع "اليوتيوب، والتيك توك" إلى مصدر لجني الأموال من خلال زيادة نسبة مشاهدي المحتوى الرقمي المنشور، الأمر الذي ساهم في استقطاب أسَر صناع المحتوى، الذين اجتذبهم عالم منصات الإنترنت والمحتوى الرقمي، وأصبح الشغل الشاغل لديهم هو البحث عن محتوى شيق وجديد من نوعه يستطيع حصد نسبة مشاهدة عالية، حتى ولو كان هذا المحتوى ينتهك الخصوصية، ويخترق الأمور الحياتية، ويكشف الأسرار، وضد العادات والتقاليد، ولعل الفكرة السائدة والطاغية على اليوتيوبر والتيكتوكر وأسرهم، تكمن في اسكتشات تمثيلية تجسد مواقف حقيقية او مصطنعة، ثم تحولت الأسرة بقدرة قادر إلى نجوم وممثلين بالفطرة، خاصة بعد استغلالهم من قبل صناع المحتوى.
بعد نجاح صانع المحتوى وأصبح لديه عدد لابأس به من المشاهدين والمتابعين، قام باستقطاب أفراد أسرته لكي يملئون وعاء المحتوى الرقمي بأمورهم الحياتية والخاصة أمام الناس، ضاربين ببند الخصوصية عرض الحائط، رافعين شعار "جني المال غايتنا ولو على حساب أسرار حياتنا"، مما أسفر عن انتشار أساليب ملتوية لفبركة قصص وهمية عن الأمور الحياتية للبلوجر وأسرته، بهدف تفاعل المشاهدين معهم، حيث تجد الأحداث منها الحزينة والدرامية والماساوية لاستجداء العطف بأساليب ترويجية، وذلك بهدف تحقيق التأثير النفسي والوجداني على المتابعين، بالإضافة إلى بعض الفيديوهات لمواقف كوميدية ومسلية بغرض الترفيه وبث روح الدعابة، من خلال المواقف المفبركة بين البلوجر وزوجته أو أولاده ، والمهم في الموضوع هو جذب المشاهد فقط.
وقد اسفرت موجة المحتوى الرقمي عن ظهور فيديوهات تتنافى مع عادات المجتمع وتقاليده وأخلاقياته، حيث تصدرت عناوين الصحف والمواقع الإخبارية عدد كبير من قضايا نشر محتوى مسيء عبر القنوات الرقمية "تيك توك، اليوتيوب "، خاصة بعد قيام الكثيرين بتقديم العديد من البلاغات ضد هؤلاء البلوجرز بعدة اتهامات منها : التحريض على الفجور والفسوق وإثارة الغرائز، والتعدي على قيم ومبادئ مجتمعنا المصري، وذلك عن طريق بث مقاطع فيديوهات تخدش الحياء العام، وكل ذلك بهدف جني أرباح مادية كبيرة في وقت سريع.
ختامًا، نعم من حقك السعي نحو تحقيق طموحاتك، وأن تحلم بتحقيق الشهرة والثراء، ولكن من الأفضل لك أن يتم ذلك بفضل مجهودك وإمكاناتك المتاحة، ولكن دون إيذاء أحد، و دون اللجوء إلى الطرق الملتوية التي لا تناسبك بصفة خاصةً، ومجتمعك بصفة عامةً، وأعلم جيدًا أن نجاحك ليس فى وصولك لهدفك فقط بل في تحقيق المزيد من النجاح.
أخيرا، عليك التأكد بأن الله عز وجل هو الحكم العدل، الذي يأمر عباده بالسعي في الأرض، وابتغاء الرزق، فمنهم من يجد ويجتهد وينجح، ومنهم من يلجأ إلى الطرق القصيرة دون النظر إلى كونها تتم عبر الطريق الصحيح أو الخطأ، فعليك أن ترضى بنصيبك وما قسمه الله لك، ولا تنظر إلى ما تملُكه يد غيرك، فلا تجعل أسرار بيتك مباحة للغير، حتى ولو كان المقابل مغريا.