ثورة 30 يونيو من ذاكرة الطفولة

بسنت محمد
كنت في التاسعة من عمري، مجرد طفلة صغيرة تقضي وقتها في اللعب مع إخوانها، لا تدرك شيئا عن السياسة أو الأحداث الكبرى.
يوم 30 يونيو كان يبدو يوما عاديا حتى تغير كل شيء فجأة.
بينما كنت مشغولة بلعبي، سمعت صوت أمي يتضرع قائلة: "انصرنا يا رب، انصرنا يا رب." بدا صوتها مليئا بالأمل والتوتر معا، ولم أستوعب وقتها ما الذي يحدث. لكن شيئا ما في نبرة صوتها جعلني أتوقف.
لم تمض لحظات حتى رن هاتفها كانت المكالمة مع إحدى صديقاتها سمعتها تقول بحماس: "أخيرا، ربنا نصرنا يارب تكمل على خير." لم أفهم ما الذي تعنيه بالنصر، لكنني شعرت بسعادة غامرة في كلماتها.
لم يكن هذا المشهد عاديا كان هناك شعور غريب في المنزل أبي جاء إلينا وقال بحماس: "يلّا نصلي شكرا لله على اللي حصل." وقفنا جميعا نصلي، لكن الفضول كان يسيطر علينا كأطفال. بعد الصلاة، سألناه: "إيه اللي حصل؟ إحنا مش فاهمين حاجة."
ابتسم أبي ونظر إلينا بحنان وقال: "اللي حصل ده علشان لما تكبروا تبقوا فاهمين كل حاجة." كانت تلك الجملة كافية لتترك في نفسي شعورا بأهمية ما يجري.
في ذلك اليوم، الذي خرج فيه الملايين في الشوارع يهتفون من أجل الحرية والكرامة كان يوما تاريخيا في حياة كل مصري ورغم أنني كنت طفلة لا أعي كل التفاصيل، فإنني شعرت بطاقة الأمل والسعادة التي غمرت عائلتي وكل من حولنا.
والان وأنا فى العشرين من عمرى أدركت جملة ابى لي وقتها أن هذا اليوم لم يكن مجرد لحظة سياسية، بل كان نقطة تحول في تاريخ وطننا. تعلمت أن ما نعيشه اليوم من حرية واستقرار هو نتاج تضحيات وقرارات شجاعة اتخذها شعب بأكمله.
ثورة 30 يونيو لم تكن مجرد حدث سياسي، بل كانت درسا عظيما عن قوة الشعب وعن الإيمان بأن الأمل يمكن أن يغير كل شيء وستظل هذه الذكرى محفورة في ذاكرتي كأحد الأيام التي جعلتني أفتخر بانتمائي لهذا الوطن العظيم.