عاجل
الإثنين 28 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
البنك الاهلي
فن الدبلوماسية.. بروتوكول وإتيكيت اختيار الألوان

فن الدبلوماسية.. بروتوكول وإتيكيت اختيار الألوان

غالبيَّة النَّاس والمواطنين البسطاء يعرفون ويتوقعون بأنَّ الإتيكيت هو طريقة أكْلِ (الطَّعام بالسكِّين والملعقة والشَّوكة)، بَيْنَما مفهوم وتعريف الإتيكيت بأنَّه الذَّوق العالي والرَّفيع والسُّلوك المُهذَّب والمُؤدَّب للشَّخص أمام الجميع مهما كان المنصب أو الوظيفة، وكذلك ليس لدَيْهم معلومات كافية حَوْلَ مفاهيم أو الفَرق بَيْنَ البروتوكول والإتيكيت. المدارس والمعاهد الدبلوماسيَّة المتقدمة بمختلف جنسيَّاتها تركِّز بصورة خاصَّة على الاهتمام كثيرًا على بروتوكول وإتيكيت اختيار الألوان على مختلف أنواعها، سواء بإتيكيت اختيار (ألوان الملابس، إتيكيت اختيار الأثاث، إتيكيت التَّصميم الدَّاخلي للمكاتب الحكوميَّة، ويذهبون إلى إتيكيت الألوان في اختيار حتَّى لون شراء السيَّارة). تذهبُ بعض المدارس البريطانيَّة إلى أنَّ اختيار الألوان يعتمد كثيرًا على سيكولوجيَّة وكاريزما الشَّخص، وهذا يأتي من ثقافته وخبرته ومَسيرته الأكاديميَّة وعلاقاته الشَّخصيَّة، بل ويذهبون أكثر من ذلك ويدخلون في مجال الطِّب وعِلم التَّشريح بَيْنَ (وظائف المُخ والعَيْنِ) لاختيار الأفضل من الألوان، سواء في اختيار الملابس أو بقيَّة التَّفرُّعات الَّتي تمسُّ كاريزما الشَّخص. لقَدْ أعطانا الله سبحانه وتعالى إعجازًا إلهيًّا حَوْلَ الألوان النّموذجيَّة (النَّهاريَّة، اللَّيليَّة) وهذا دائمًا ما أذكره في جميع محاضرات الأكاديميَّة الدّوليَّة للدبلوماسيَّة والإتيكيت، حيثُ منذُ بزوع الفجر وبداية شقشقة أضواء وألوان الشَّمس نلاحظ ثلاثة ألوان فقط وهي (الأزرق الفاتح «لَوْن السَّماء»، البيج «لَوْن الأرض»، الأخضر «لَوْن الأشجار») وبمختلف الدَّرجات من الألوان، وكان بإمكان الله سبحانه وتعالى خلق شجرةٍ سوداء أو شجرةٍ حمراء.. وغيرها من الألوان. ولكنَّ الله سبحانه وتعالى خلق هذه الألوان ليس عبثًا، وإنَّما جاء فيه حكمة ودلالة، حيثُ استشفتِ المدرسة البريطانيَّة الطبيَّة بأنَّ هذه الألوان النَّهاريَّة لا تُشكِّل ثقلًا على البُعد الموجي للعَيْنِ أو وظائف المخ، وإنَّما هذه الألوان تبعثُ بالهدوء والتَّأمُّل والاسترخاء؛ لذلك ترَى النَّاس يذهبون إلى البحر لغرضِ الرَّاحة، وهو ما تفعله العَيْنَ وتبعثُ إشعارات إلى المخِّ لِيُشكِّلا ثنائيًّا راقيًا لِبَثِّ الطَّاقة الإيجابيَّة للشَّخص ليلًا، فقَدْ خلَق الله سماءً ذات لَوْن أسود ونجوم باللَّوْن الفضِّي لِيزيِّنَ كآبة هذا اللَّون، مع العِلم أنَّ اللَّوْن الأسود ذُكر مرَّة واحدة بالقرآن الكريم لِيدلِّل على الكآبة والحُزن، قال تعالى: (وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ) (النَّحل ـ 58). اقتبستِ المعاهد الدبلوماسيَّة المُتخصِّصة في إتيكيت الألوان من الإعجاز الإلهي والقرآن الكريم الكثير من وظائف ودلالات الألوان وتقسيمها استنادًا إلى عدَّة سِمات وأجندة ومُقوِّمات وبصورة عامَّة، حيثُ اعتمدوا الألوان الفاتحة بالنَّهار، والألوان الدَّاكنة باللَّيْل، وهذا ما نلمَسُه ونشاهدُه من قِبل جلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم ـ حفظه الله ورعاه ـ دائمًا يختار الألوان النَّهاريَّة بالألوان الفاتحة وحتَّى المَصر ذا خامة بيضاء أو بيج والنَّقشة ذات لَوْن أزرق أو كحلي فاتح، وهو ابن المدرسة الدبلوماسيَّة العُمانيَّة الَّتي تتميَّز بالرُّقي وبجميع مفردات البروتوكول والإتيكيت، وباللَّيْل نشاهد جلالته ـ أيَّده الله ـ بالزِّي الرَّسمي باللَّوْن الدَّاكن الأسود، وهو ما أكَّدت عَلَيْه المدرسة الدبلوماسيَّة الإنجليزيَّة. عِندَ اختيار ألوان الملابس صباحًا أو نهارًا يُفضَّل الألوان الفاتحة بجميع أنواعها، والابتعاد عن اللَّوْن الدَّاكن؛ وذلك بسببِ البُعد الموجي له وتأثيره على قزحيَّة العَيْنِ.. وعلى سبيل المثال، فاللَّوْن الأسود يمتصُّ أشعَّة وحرارة الشَّمس دُونَ أن يعكسَها، وبالتَّالي الجسم يُصبح عبارة عن بوتقة حراريَّة قد تؤثِّر على طبقات الجلد. تتفاخر المدارس الدبلوماسيَّة، وخصوصًا الإنجليزيَّة بأن تُدرِّبَ موظَّفيها الدبلوماسيِّين على اختيار ألوان الملابس بكُلِّ دقَّة وتفانٍ؛ استنادًا إلى عدَّة عوامل ومِنْها: (المناسبة والوقت والمكان وحتَّى الفصول الأربعة) سواء بالمناسبات الرَّسميَّة النَّهاريَّة أو اللَّيْليَّة، الفعاليَّات الاجتماعيَّة، مراسم توقيع اتفاقيَّات، تسليم أوراق اعتماد، حضور مؤتمرات.. وغيرها من المناسبات المُدرجة في قاموس الدبلوماسيَّة. إنَّ إتيكيت اختيار ألوان الملابس من أهمِّ سِماته أنَّه يعتمد على نَوع ووقت ومكان وحضور المناسبة، سواء كانتْ رسميَّة أو اجتماعيَّة، طبيعة الجسم المتين أو الرَّشيق، وكذلك القوام، الوزن، المرأة الحامل، العمر وطبيعة البيئة، المِهنة والوظيفة، طبيعة الوَجْه ولَوْن البَشَرة ولَوْن الشَّعر. وفي الختام يُعرف اللَّوْن في اللُّغة بأنَّه الصِّفة الَّتي تُطلق على الجسم، وهو ذلك التَّأثير الفسيولوجي النَّاتج على شبكيَّة العَيْنِ، فهو إحساس وله تأثير على الجهاز العصبي للكائنات الحيَّة، والعَيْن على درجة كبيرة من الحساسيَّة خصوصًا للألوان الأخضر والأبيض والأزرق، وتنعدم هذه الحساسيَّة عِندَ نهايتَي الأحمر والبنفسجي، فالعَيْن قادرة على إدراك أقلّ اختلاف في اللَّوْن ويُمكِنها أنْ تُميِّزَ (200) إلى (250) لَوْنًا؛ لذلك أكَّدتِ المدارس الدبلوماسيَّة على مشتقَّات اللَّوْن الأبيض في النَّهار والألوان الدَّاكنة في الأنشطة اللَّيْليَّة.



دبلوماسي سابق والرئيس التنفيذي للأكاديمية الدولية للدبلوماسية والإتيكيت

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز