عاجل
الأربعاء 28 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
باقي علي افتتاح المتحف الكبير
  • يوم
  • ساعة
  • دقيقة
  • ثانية
البنك الاهلي
ﻣﺪرﺳﺔ اﻟﺠﻮاﺳﻴﺲ!

ﻣﺪرﺳﺔ اﻟﺠﻮاﺳﻴﺲ!

ﻛﺎﻥ ﻟﺒﻨﺎﻥ ﺍﻷﻧﻤﻮﺫﺝ ﺍﻟﻔﺮﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ، ﻣﺰﻳﺠًﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺘﻴﻦ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ والأجنبية، ﺍﻟﻤﺪﺍﺭﺱ ﻓﻴﻪ ﻋﻠﻰ ﺗﻌﺪﺩﻫﺎ، ﺃﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻭﻓﺮﻧﺴﻴﺔ. تُدرِّس ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭﺗﺎﺭﻳﺦ العرب، ﻭﺍﻟﻤﺪﺍﺭﺱ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ تدُرِّس ﺍﻹﻧﺠﻠﻴﺰﻳﺔ ﻭﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻭﺍﻟﻼﺗﻴﻨﻴﺔ، ﻭﺑﻴﺮﻭﺕ ﻻ ﺗﺮﺩ ﺑﺎﺑﻬﺎ ﻟﻜﻞ ﻣَﻦ ﻃﺮﻗﻪ ﻣﻦ ﺃﻭﺭﻭﺑﻴﻴﻦ ﻭﺃﻣﺮﻳﻜﻴﻴﻦ، ﻭﺃﻓﺎﺭﻗﺔ ﻭﺁﺳﻴﻮﻳﻴﻦ، ﻓﺘﺴﻤﻊ ﻓﻲ ﺷﻮﺍﺭﻋﻬﺎ ﻭﻓﻲ ﻣﻘﺎﻫﻲ ﺃﺭﺻﻔﺘﻬﺎ ﻛﻞ ﻟﻐﺎﺕ ﺍﻷﺭﺽ، ﻣﺴﻴﺤﻴﻮﻥ، ﻣﺴﻠﻤﻮﻥ، ﻳﻬﻮﺩ، ﻳﺘﺴﺎﻛﻨﻮﻥ ﻭﻳﺘﻌﺎﻳﺸﻮﻥ ﻓﻲ ﻧﻈﺎﻡ ﻃﺎﺋﻔﻲ ﻳﻤﺜﻞ ﺛﻤﺎﻧﻲ ﻋﺸﺮﺓ ﻃﺎﺋﻔﺔ، ﻓﻜﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﺃﻥ ﻳﺘﺰﺍﻭﺝ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻨﻬﻢ، ﻭﺃﻥ ﻳﺘﺸﺎﺭﻛﻮﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺮﺍﺀ ﻭﺍﻟﻀﺮﺍﺀ، ﻓﺈﺫﺍ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺣﻴﺎﺓ ﻣﺜﺎﻟﻴﺔ، ﻏﻨﻴﺔ ﺑﺎﻟﻄﺎﻗﺔ ﻭﺍﻟﺤﻴﻮﻳﺔ.



ﺃﺗﺬﻛﺮ ﺁﺧﺮ ﻟﻴﻠﺔ ﺭﺃﺱ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻭﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﻳﻮﺩﻉ ﻋﺎﻣًﺎ ﻭﻳﺴﺘﻘﺒﻞ ﻋﺎﻡ 1975 ﺑﻘﺒﻌﺎﺕ ﻭﺭﻗﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺭﺀﻭﺳﻬﻢ، ﺣﻔﻼﺕ ﺃﻧﻴﻘﺔ ﻭﻓﺨﻤﺔ ﺧﻠﻒ ﺍﻷﺑﻮﺍﺏ ﺍﻟﻤﻐﻠﻘﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﺎﺯﻝ ﻭﺍﻟﻘﺼﻮﺭ ﻭﺍﻟﻨﻮﺍﺩﻱ ﺍﻟﻠﻴﻠﻴﺔ، ﺟﻤﻬﻮﺭﻫﺎ ﺿﺎﺣﻚ ﻓﺮﺡ.

ﻭﻟﻜﻨﻨﻲ ﺷﻌﺮﺕ ﺑﺨﻮﻑ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﻠﺪ ﺍﻟﺠﻤﻴﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻳﺮﺍﻫﻦ ﻋﻠﻰ ﺟﻤﺎﻟﻪ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﺑﻐﺎﺑﺎﺕ ﺃﺷﺠﺎﺭ ﺍﻷﹶﺭﺯ ﻭﺍﻟﺼﻨﻮﺑﺮ ﻭﺛﻤﺎﺭﻩ، ﻓﻬﻮ ﻗﻄﻌﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻛﻤﺎ ﻏﻨَّاه ﻭﺩﻳﻊ ﺍﻟﺼﺎﻓﻲ "ﻟﺒﻨﺎﻥ ﻳﺎ ﻗﻄﻌﺔ ﺳﻤﺎ ﻋﺎﻷﺭﺽ"، ﻭﺗﻐﻨَّى ﺑﻪ ﺟﺒﺮﺍﻥ ﺧﻠﻴﻞ ﺟﺒﺮﺍﻥ "ﻟﻮ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﺒﻨﺎﻥ ﻭﻃﻨﻲ ﻻﺧﺘﺮﺗﻪ ﻭﻃﻨَّا ﻟﻲ".. ﻭﺍﻟﺒﻠﺪ ﺍﻟﻤُﻠﻬمِ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻮﺣﻲ ﺑﺎﻟﺮﺧﺎﺀ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻲ

ﺣﻮَّﻟﻮﻩ ﻓﺠﺄﺓ ﺇﻟﻰ ﺣﺰﻣﺔ ﻣﻔﺨﺨﺔ، ﺑﻠﺪ ﻛﺎﻥ ﻳﺤﻠﻢ ﺑﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ﻳﻘﻮﻡ ﻋﻠﻰ ﻣﺤﺎﻭﻟﺔ ﻧﺰﻉ السلاح ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺤﺪﺙ ﻋﻨﻪ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ ﻓﺮﻧﺠﻴﺔ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ ﻋﺎﻡ 1974 ﻟﺤﻞ ﻣﺨﺎﻟﺐ ﺍﻟﻄﺎﺋﻔﻴﺔ، ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻤﺸﺮﻭﻉ ﺍﻹﺳﺮﺍﺋﻴﻠﻲ ﺍﻟﻬﺎﺩﻑ ﻟﺘﺤﻄﻴﻢ " ﺍﻷﻧﻤﻮﺫﺝ ﺍﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻲ.

ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺔ، ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺩﻭﻟﺔ ﻓﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺔ ﺩﻳﻤﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ﺗﻀﻢ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ﻭﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻭﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﻴﻦ، ﻋﻠﻰ ﺷﺎﻛﻠﺔ، ﺍﻷﻧﻤﻮﺫﺝ ﺍﻟﻠﺒﻨﺎﻧ، ﺍﻟﻘﺎﺋﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻌﺪﺩﻳﺔ؛ ﻫﻮ ﺍﻟﻌﺎﻣﻞ ﺍﻷﻫﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺮﺏ ﺍﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻴﺔ.

ﻓﺠﺄﺓ، ﻫﺠﺮﻩ ﺯﻭَّﺍﺭﻩ ﻭﺑﻌﺾ ﺃﻫﻠﻪ، ﻛﺄﻧﻲ ﺑﻬﻢ ﻭﻫﻢ ﻳﺤﺰﻣﻮﻥ ﺣﻘﺎﺋﺒﻬﻢ، ﻳﺮﺩﺩﻭﻥ ﻣﻊ ﻓﻴﺮﻭﺯ ﺃﻧﺎ ﺻﺎﺭ ﻻﺯﻡ ﻭﺩﻋﻜﻦ ﻟﺒﻨﺎﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺼﺮ ﺗﺪﻳﺮ ﻣﻨﻈﻮﻣﺘﻬﺎ ﺍﻹﻋﻼﻣﻴﺔ ﺍﻹﻗﻠﻴﻤﻴﺔ، ﻛﻤﺎ ﺃﺩﺍﺭﺕ ﺍﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻴﺔ ﺍﻟﻤﺼﺮﻳﺔ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﺍﻟﺪﻭﻟﻲ ﺣﻮﻝ ﺣﻠﻒ ﺑﻐﺪﺍﺩ.

ﻓﻴﻬﺎ ﺇﺭﺙ ﻋﺸﺮﺍﺕ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻙ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ، ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻟﺒﻨﺎﻥ ﺃﺣﺪ ﺃﻫﻢ ﺍﻟﻤﺮﺍﻛﺰ ﺍﻟﻤﺼﺮﻓﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ، ﻓﺎﻧﻔﺮﻃﺖ ﻣﻨﻈﻮﻣﺘﻪ ﻓﻲ ﻭﻗﺖ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺼﺎﻍ ﻓﻴﻪ ﻫﻮﻳﺎﺕ ﻭﺃﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺎﺕ ﺃﻓﺎﺩﺕ ﺩﻭﻻ ﻋﺪﻳﺪﺓ.

ﺗﻐﻴَّر ﻟﺒﻨﺎﻥ ﻓﺠﺄﺓ ﻭﻏﺎﺑﺖ ﻛﻞ ﺍﻟﻤﺘﻊ، ﻭﺣﻞ ﺍﻟﻀﻴﻖ ﻭﺍﻟﻘﻠﻖ ﻣﺤﻞ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﻭﺍﻟﺒﻬﺠﺔ، ﻣﺮَّﺕ ﺃﺭﺑﻌﺔ ﺃﺷﻬﺮ ﻣﻨﺬ ﺍﺣﺘﻔﺎﻟﻴﺔ ﺭﺃﺱ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪﺓ، ﻭﺩَّﻋﺖ ﺑﻴﺮﻭﺕ ﻓﺮﺣﺘﻬﺎ.

ﺍﺳﺘﻴﻘﻈﺖ ﺑﻴﺮﻭﺕ ﻓﻲ ﻣﻨﺘﺼﻒ ﻟﻴﻞ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻋﺸﺮ ﻣﻦ ﺃﺑﺮﻳﻞ/ ﻧﻴﺴﺎﻥ 1975 ﻋﻠﻰ ﺃﺻﻮﺍﺕ ﺍﻟﻤﺪﺍﻓﻊ، ﺃﻏﻠﻘﻨﺎ ﻣﺪﺍﺧﻞ ﺍﻟﺒﻴﻮﺕ، ﻧﻨﻈﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻮﺍﻓﺬ، ﻇﻼﻡ ﺗﻘﻄﻌﻪ ﺷﺮﺍﺭﺍﺕ ﻃﻠﻘﺎﺕ ﺍﻟﻘﻨﺎﺑﻞ، ﺗﺘﺴﺎﻗﻂ ﺍﻟﻘﺬﺍﺋﻒ ﻣﻦ ﺩﻭﻥ ﻫﻮﺍﺩﺓ ﺃﻭ ﺗﻤﻴﻴﺰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﺎﻛﻦ، ﺭﺻﺎﺹ ﻳﺄﺗﻲ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻻ ﻧﺪﺭﻱ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺃﻱ ﺷﻲﺀ ﻳﺘﺤﺮﻙ، ﻭﻣﻦ ﺩﻭﻥ ﺗﺤﺬﻳﺮ،

ﺍﺣﺘﻤﻴﺖ ﺃﻧﺎ ﻭﺃﺳﺮﺗﻲ ﺧﻠﻒ ﺍﻟﺠﺪﺭﺍﻥ، ﻫﺮﻉ ﻛﺜﻴﺮﻭﻥ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻼﺟﺊ، ﺻﺮﺧﺎﺕ ﺍﻷﻃﻔﺎﻝ ﻭﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﺗﻌﻠﻮ، ﺻﺮﺍﺥ ﻏﻴﺮ ﻃﺒﻴﻌﻲ ﻭﺑﻜﺎﺀ ﻭﻧﺤﻴﺐ.. ﻭﻣﻊ ﺇﺷﺮﺍﻗﺔ ﺻﺒﺎﺡ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﺘﺎﻟﻲ ﺗﻮﻗﻒ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ، ﻭﺍﺯﺩﺣﻤﺖ ﺍﻟﻄﺮﻗﺎﺕ ﻟﺸﺮﺍﺀ ﻛﻞ ﻣﺎ ﺗﺤﺘﺎﺟﻪ ﺍﻟﺒﻴﻮﺕ ﻣﻦ ﻣﻮﺍﺩ ﻏﺬﺍﺋﻴﺔ، ﺧﻮﻓَّا ﻣﻤَّﺎ ﻗﺪ ﻳﺤﺪﺙ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻴﺎﻟﻲ ﺍﻟﻤﻘﺒﻠﺔ.

ﻧﺰﻟﺖ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﻣﻊ ﻣَﻦ ﻧﺰﻟﻮﺍ ﻟﺸﺮﺍﺀ ﺍﺣﺘﻴﺎﺟﺎﺕ ﺃﺳﺮﺗﻲ ﻣﻦ ﻣﺤﻞ ﺳﻤﺎﻧﺔ ﺑﻘﺎﻟﺔ ﺍﻟﻘﺮﻳﺐ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﻴﺖ، ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻮﺍﺟﻬَّﺎ ﻟﻤﺴﺠﺪ ﻗﺮﻳﻄﻢ، ﻭﻻﺣﻈﺖ ﻓﻲ ﺩﺍﺧﻠﻪ ﺛﻼﺛﺔ ﻣﺴﻠﺤﻴﻦ، ﻋﻠﻤﺖ ﺃﻧﻬﻢ ﺗﺎﺑﻌﻮﻥ ﻟﺤﺮﻛﺔ "ﺃﻣﻞ"، ﻭﻗﺘﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻣﺠﻬﺰﺓ ﻋﺴﻜﺮﻳﺎ، ﻭﺗﻀﻢ ﻋﺪﺩًﺍ ﻗﻠﻴﻼً ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺘﻄﻮﻋﻴﻦ.

 

ﻳﺒﺪﺃ ﺍﻟﻘﺼﻒ ﻟﻴﻼً ﻭﻳﺘﻮﻗﻒ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﺒﺎﺡ، ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﺗﺴﻮﺀ ﺍﻷﻭﺿﺎﻉ ﻣﻊ ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺍﻟﺼﻮﺍﺭﻳﺦ ﻭﺃﺣﺪﺙ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺍﻷﺳﻠﺤﺔ ﺍﻟﻤﺘﻄﻮﺭﺓ، ﻭﻇﻬﺮ ﺍﻟﻘﻨﺎﺻﺔ ﻭﺍﻧﺪﻟﻌﺖ ﺍﻟﺤﺮﺍﺋﻖ، ﻭﻧﺸﺄﺕ ﺍﻟﺤﻮﺍﺟﺰ ﺍﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﻭﺍﻷﺧﺮو "ﺍﻟﻄﻴﺎﺭﺓ" ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻈﻬﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻮﺍﺭﻉ، ﺗﺨﻄﻒ ﻭ"ﺗﻘﺘﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻬﻮﻳﺔ"، ﻭﺗﺰﺍﻳﺪﺕ ﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻤﺎﺕ ﻭﺍﻟﻤﻴﻠﻴﺸﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﻨﺎﺣﺮﺓ، ﻭﻓﻲ ﻭﻗﺖ ﺑﻠﻎ ﻋﺪﺩﻫﺎ ﺧﻤﺴﻴﻦ ﺗﻨﻈﻴﻤَّﺎ.

ﻭﻗﺪ ﺗﺒﺪو ﻟﻲ ﺑﺄﻥ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﺠﺮﻱ ﻟﻴﺲ ﺧﻼﻓًا ﻣﺴﻠﺤًﺎ، ﺃﻭ ﺇﻥ ﺷﺌﺖ ﺣﺮﺑًا ﺃﻫﻠﻴﺔ، ﺗﻨﺘﻬﻲ ﺑﺎﺗﻔﺎﻕ ﺍﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻴﻴﻦ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﻢ، ﻓﻠﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﺃﺯﻣﺔ ﻟﺒﻨﺎﻥ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻣﺰﻳﺠًﺎ ﻣﻦ ﻋﻮﺍﻣﻞ ﻣﺮﻛَّﺒﺔ ﺩﺍﺧﻠﻴﺔ ﻭﺧﺎﺭﺟﻴﺔ، ﺗﺤﺮَّﻛﺖ ﻣﻌَّﺎ ﻟﺘﺸﻌﻞ ﺃﺗﻮﻥ ﺍﻟﺤﺮﺏ ﻭﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﺍﻟﻤﺴﻠَّح، ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﺣﺮﺏ ﺍﻟﻄﺎﺋﻔﺘﻴﻦ ﺍﻟﻤﺎﺭﻭﻧﻴﺔ ﻭﺍﻟﺪﺭﺯﻳﺔ ﻋﺎﻡ 1860 ﺍﻟﺘﻲ ﻧﺸﺒﺖ ﺑﺘﺸﺠﻴﻊ ﻭﺗﺴﻠﻴﺢ ﺃﺟﻨﺒﻲ ﻓﺮﻧﺴﻲ ﻭﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻲ، ﻭﻓﻲ ﻋﺎﻡ 1958 ﺷﻬﺪ ﻟﺒﻨﺎﻥ ﺣﻮﺍﺩﺙ ﺩﺍﻣﻴﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺰﻳﺠًﺎ ﻣﻦ ﻋﻨﺎﺻﺮ ﺃﺯﻣﺔ ﺩﺍﺧﻠﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﺗﺤﺮﻳﻚ ﺧﺎﺭﺟﻲ، ﺣﻴﺚ ﺑﺪﺃﺕ ﺑﺘﺄﻳﻴﺪ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﻛﻤﻴﻞ ﺷﻤﻌﻮﻥ ﻟﺤﻠﻒ ﺑﻐﺪﺍﺩ، ﺛﻢ ﻟـ»ﻣﺒﺪﺃ ﺃﻳﺰﻧﻬﺎﻭﺭ«، ﻭﺗﻔﺠﺮﺕ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺤﻮﺍﺩﺙ ﺑﻌﺪ ﺍﺣﺘﺪﺍﻡ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﻣﻊ ﻣﺼﺮ ﻓﻲ ﺯﻣﻦ ﺟﻤﺎﻝ ﻋﺒﺪﺍﻟﻨﺎﺻﺮ.

ﺍﺳﺘﻤﺮ ﺍﻟﻘﺼﻒ ﺍﻟﻤﺪﻓﻌﻲ ﻛﻞ ﻟﻴﻠﺔ، ﺻﻮﺍﺭﻳﺦ "ﻏﺮﺍﺩ" ﺗﻠﻌﻠﻊ ﺑﻴﻦ ﺍﻷﺑﻨﻴﺔ، ﻓﺄﻳﻘﻨﺖ ﺃﻥ ﻟﺒﻨﺎﻥ ﺳﻘﻂ ﻓﻲ ﺍﻟﻬﺎﻭﻳﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺣُﻔﺮﺕ ﻟﻪ، ﻭﺑﻘﻲ ﻳﺼﺎﺭﻉ ﻟﻠﺒﻘﺎﺀ ﻃﻮﺍﻝ ﺧﻤﺴﺔ ﻋﺸﺮ ﻋﺎﻣًﺎ ﻓﻲ ﺃﻗﺬﺭ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﺤﺮﻭﺏ، ﺑﺪﺃﺕ ﺑﺤﺮﺏ ﺍﺗﻬﺎﻣﺎﺕ ﻣﺘﺒﺎﺩﻟﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺠﺎﻧﺐ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻲ ﻭﺍﻟﻔﺮﻳﻖ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻭﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻲ، ﻓﺘﺪﺧﻠﺖ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﻭﺍﻟﻌﻨﺎﺻﺮ ﺍﻟﻤﺴﺎﻧﺪﺓ.

ﺗﺪﺧﻠﺖ ﻭﺍﺷﻨﻄﻦ ﻋﻠﻰ ﻳﺪ ﻫﻨﺮﻱ ﻛﻴﺴﻨﺠﺮ، ﻭﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﺣﻠﻴﻔﺘﻬﺎ ﺇﺳﺮﺍﺋﻴﻞ، ﻭﺗﺪﺧﻠﺖ ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ ﻣﻤﺜﻠﺔ ﺑﻤﻨﻈﻤﺔ "ﻓﺘﺢ" ﻭﺍﻟﻔﺼﺎﺋﻞ ﺍﻷﺧﺮي ﺍﻟﺘﻲ ﻭﺟﺪﺕ ﻟﻬﺎ ﻣﻠﺠﺄ ﻓﻲ ﻟﺒﻨﺎﻥ ﺑﻌﺪ " ﺃﻳﻠﻮﻝ ﺍﻷﺳﻮﺩ " ﻓﻲ ﺍﻷﺭﺩﻥ، ﻟﻌﺒﺖ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺠﻬﺎﺕ ﻭﺍﻷﺟﻬﺰﺓ ﺍﻻﺳﺘﺨﺒﺎﺭﺍﺗﻴﺔ ﺩﻭﺭًﺍ ﺣﻘﻴﺮًﺍ ﻓﻲ ﻧﺰﻉ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻭﺍﻟﻤﺤﺒﺔ ﻣﻦ ﻟﺒﻨﺎﻥ.

 

ﻣَﻦ ﻋﺎﺵ ﻣﺜﻠﻲ ﻓﻲ ﻟﺒﻨﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺒﻌﻴﻨﻴﺎﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ، ﻛﺎﻥ ﻻ ﺑﺪ ﻟﻪ ﺃﻥ ﻳﺴﻤﻊ ﺍﺳﻢ "ﻣﺪﺭﺳﺔ ﺷﻤﻼﻥ" ﺍﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ، ﻣﺮﺍﺩﻓًا ﻟـ"ﻭﻛﺮ ﺍﻟﺠﻮﺍﺳﻴﺲ"، ﻓﻤﻨﻬﺎ ﺗﺨﺮَّﺝ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﺭﺟﺎﻝ ﻣﺨﺎﺑﺮﺍﺕ ﺃﺩﻭﺍ ﺃﺩﻭﺍﺭًﺍ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﺍﺳﺘﺨﺒﺎﺭﺍﺗﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ، ﻭ "ﺷﻤﻼﻥ" ﻗﺮﻳﺔ ﻭﺩﻳﻌﺔ ﻭﺟﻤﻴﻠﺔ ﻣﻦ ﻗﺮي ﺟﺒﻞ ﻟﺒﻨﺎﻥ، ﺃﻏﻠﺐ ﺳﻜﺎﻧﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻮﺍﺭﻧﺔ،

ﺗﺒﻌﺪ ﻋﻦ ﺑﻴﺮﻭﺕ ﻧﺤﻮ 25 ﻛﻴﻠﻮ ﻣﺘﺮًﺍ، ﻭﺗﻘﻊ ﻋﻠﻰ تلة ﻣﺮﺗﻔﻌﺔ ﺗﻄﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ﺑﻴﺮﻭﺕ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﺮﻣﻠﺔ ﺍﻟﺒﻴﻀﺎﺀ، ﻭﻣﻄﺎﺭ ﺑﻴﺮﻭﺕ ﺍﻟﺪﻭﻟﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺃطُلق ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻄﺎﺭ ﺭﻓﻴﻖ ﺍﻟﺤﺮﻳﺮﻱ ﺍﻟﺪﻭﻟﻲ ﻓﻲ ﻣﻨﺘﺼﻒ ﺍﻟﺘﺴﻌﻴﻨﻴﺎﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ، ﻭﺗﺤﻮﻃﻬﺎ ﻗﺮي ﻣﺘﻌﺪﺩﺓ ﻳﺴﻜﻨﻬﺎ ﺍﻟﺪﺭﻭﺯ.

ﻭﻟﻘﺪ ﻇﻠﺖ ﻫﺬﻩ "ﺍﻟﺘﻬﻤﺔ"، ﺃﻭ ﺑﻤﻌﻨﻰ ﺃﻭﺿﺢ ﺍﻟﺸﺒﻬﺔ، ﻭﺍﻟﺼﻔﺔ، ﻣﻼﺯﻣﺔ ﻟﻤﺪﺭﺳﺔ ﺷﻤﻼﻥ، ﺣﺘﻰ ﺗﻢ ﺇﻏﻼﻕ ﺃﺑﻮﺍﺑﻬﺎ ﻷﻭﻝ ﻣﺮﺓ ﺧﻼﻝ ﺳﻨﻮﺍﺕ ﺍﻻﺣﺘﺮﺍﺏ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻲ.

ﻭﺍﻟﻐﺮﻳﺐ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺪﺭﺳﺔ ﺃﹸﺳﺴﺖ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺪﺱ، ﻭﻛﺎﻥ ﻣﺪﻳﺮ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻷﻭﻝ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﺑﺎ ﺇﻳﺒﺎﻥ، ﻭﺯﻳﺮ ﺍﻟﺨﺎﺭﺟﻴﺔ ﺍﻹﺳﺮﺍﺋﻴﻠﻴﺔ ﺍﻷﺳﺒﻖ، ﻭﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺔ ﻧﻘﻼ ﹰ ﻋﻦ ﻛﺘﺎﺏ A NEST OF SPIES "ﻋﺶ ﺍﻟﺠﻮﺍﺳﻴﺲ "ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺘﺒﻪ ﺁﺧﺮ ﻣﺪﻳﺮ ﻟﻠﻤﺪﺭﺳﺔ ﻟﻴﺰﻟﻲ ﻣﺎﻛﻠﻮﻛﻠﻴﻦ LESLIE MCLOUGHLIN ﻭﻳﺤﻜﻲ ﺣﻜﺎﻳﺔ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﺪﺭﺳﺔ، ﻭﺍﻟﻬﺪﻑ ﻣﻦ ﺇﻧﺸﺎﺋﻬﺎ ﻳﻌﻮﺩ ﺇﻟﻰ ﺃﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻣﺤﺘﻤﻼ ﹰ ﺃﻥ ﻳﺸﻖ ﺍﻟﺠﻨﺮﺍﻝ ﺍﻷﻟﻤﺎﻧﻲ ﺭﻭﻣﻴﻞ ﻃﺮﻳﻘﻪ ﻟﻠﻘﺎﻫﺮﺓ، ﻣﻤا ﻳﺴﺘﺪﻋﻲ ﻭﺟﻮﺩ ﻣﻮﻇﻔﻴﻦ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﻴﻦ ﺫﻭﻱ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻟﻠﻌﻤﻞ ﺿﺪ ﺍﻟﻤﺤﻮﺭ،

ﻭﺣﻴﻦ ﻫُﺰﻡ ﺭﻭﻣﻴﻞ ﺟﺮو ﺗﻌﺪﻳﻞ ﺍﻟﻤﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﻤﺘﺼﻞ ﺑﻮﺟﻮﺩ ﺿﺒﺎﻁ ﺍﺳﺘﺨﺒﺎﺭﺍﺕ ﺫﻭﻱ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺑﺎﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻟﻴﻨﺎﺳﺐ ﺍﻻﺣﺘﻴﺎﺟﺎﺕ ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ.

 

ﻓﻲ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺃﺷﺎﺭ ﺇﻟﻰ ﻭﺟﻮﺩ ﺟﻮﺍﺳﻴﺲ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻄﻼﺏ ﻣﻨﻬﻢ ﺍﻷﻟﻤﺎﻧﻲ ﻭﺍﻟﻜﻨﺪﻱ ﻭﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﻭﺍﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻲ ﺍﻟﻜﻮﺑﻲ ﺧﻮﺳﻲ ﻛﻮﺭﻳﺲ. ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺠﺎﺳﻮﺱ ﺍﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ ﺟﻮﺭﺝ ﺑﻼﻳﻚ GEORGE BLAKE ﺍﻟﻬﻮﻟﻨﺪﻱ ﺍﻷﺻﻞ، ﻭﺍﺣﺪًﺍ ﻣﻦ ﻃﻼﺏ ﻣﻌﻬﺪ ﺷﻤﻼﻥ، ﻭﻗﺪ ﻗﻀﻰ ﻭﻗﺘًا ﻣﻤﺘﻌًﺎ ﻓﻲ ﺑﻴﺮﻭﺕ ﺑﻘﻠﺐ ﻭﻛﺮ ﺍﻟﺠﻮﺍﺳﻴﺲ ﻣﻊ ﻋﻤﻴﻞ ﻣﺰﺩﻭﺝ ﺁﺧﺮ ﻟﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﻴﺖ ﻫﻮ ﻛﻴﻢ ﻓﻴﻠﺒﻲ، ﻓﻲ ﻭﻗﺖ ﺍﻋﺘﺒﺮﺕ ﻓﻴﻪ ﻟﺒﻨﺎﻥ ﻣﺮﻛﺰًﺍ ﻟﻼﺳﺘﺨﺒﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﺴﺮﻳﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ.

ﺗﻮﻓﻲ ﺟﻮﺭﺝ ﺑﻼﻳﻚ ﺳﻨﺔ 2020 ﻋﻦ 98 ﻋﺎﻣًﺎ ﻓﻲ ﻣﻮﺳﻜﻮ، ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺗﺠﺴﺲ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﻤﺴﻴﻨﻴﺎﺕ ﻟﺼﺎﻟﺢ ﺍﻻﺗﺤﺎﺩ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﻴﺘﻲ، ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﻛﻮﻧﻪ ﻳﻨﺘﻤﻲ ﺇﻟﻰ ﺟﻬﺎﺯ ﺍﻻﺳﺘﺨﺒﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ MI6، ﻭﺃﹸﻟﻘﻲ ﺍﻟﻘﺒﺾ ﻋﻠﻴﻪ ﻋﺎﻡ 1961 ﺃﺛﻨﺎﺀ ﺇﻗﺎﻣﺘﻪ ﻓﻲ ﻟﺒﻨﺎﻥ ، ﻟﻴﻘﻀﻲ 42 ﻋﺎﻣًﺎ ﺑﺎﻟﺴﺠﻦ ﻓﻲ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ.

 

 

 

ﻭﺳﻂ ﺇﺭﻫﺎﺻﺎﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻭﺗﺪﻓﻖ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ﻭﺍﺣﺘﺪﺍﻡ ﺍﻟﺤﻮﺍﺩﺙ، ﺗﹸﺼﺎﺩﻑ ﺃﺷﺨﺎﺻًﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻌﺐ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﺩﻭﺭﻫﻢ ﻭﺍﻧﺘﻤﺎﺀﺍﺗﻬﻢ ﻓﻲ ﺯﻣﺎﻥ ﺍﻟﺤﻴﺮﺓ ﻭﺳﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﺸﻚ ﻭﻓﻨﺎﺀ ﺍﻟﻴﻘﻴﻦ، ﺣﻴﺚ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﺣﻜﻤﻚ ﻋﻠﻰ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ﺻﺎﺋﺒا.. ﺗﻠﺘﻘﻲ ﺑﺄﺷﺨﺎﺹ ﻣﻨﻬﻢ ﻣَﻦ ﻳﺼﺎﺩﻗﻚ ﻭﻳﺘﻘﺮَّﺏ ﺇﻟﻴﻚ، ﻭﻳبدي ﻣﺤﺒﺘﻪ ﺍﻟﻐﺎﻣﺮﺓ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﺍﻟﺘﻘﺎﺭﻳﺮ، ﻭﻣﻨﻬﻢ ﻣَﻦ ﻳﺘﺤﺮَّﻙ ﻓﻲ ﺑﻴﺌﺔ ﺍﻟﻬﺪﻑ ﺑﺤﺮﻳﺔ ﻟﻤﺮﺍﻗﺒﺔ ﻭﺗﻌﻘﺐ ﻫﺪﻓﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺮﻳﺪ ﻻﺳﺘﺪﺭﺍﺟﻪ ﻟﺠﻠﺐ ﺍﻟﺒﻴﺎﻧﺎﺕ ﻭﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ﺍﻟﻤﻄﻠﻮﺑﺔ ﻣﻨﻪ!

ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﻛُﺘﱠﺎﺏ ﺍﻟﺘﻘﺎﺭﻳﺮ ﻫﺆﻻﺀ ﻛﺎﻥ ﻛﺎﺗﺒًا ﻣﺴﺮﺣﻴﺎ، ﻏﻤﺮﻧﻲ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺑﻤﺤﺒﺔ ﻟﻢ ﺃﻟﻤﺲ ﻋﻤﺮﻱ ﺑﻤﺜﻠﻬﺎ ﻣﻦ ﺃﺣﺪ، ﺭﺍﺡ ﻳﻜﺘﺐ ﻛﻞ ﻣﺎ ﺣﻼ ﻟﻪ ﻭﻃﺎﺏ ﻣﻦ ﺷﻄﺤﺎﺕ ﺍﻟﺨﻴﺎﻝ ﻓﻲ ﺗﻘﺎﺭﻳﺮ. ﻭﺳﻂ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﻐﻴﺮﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺤﺪﺙ ﻓﻲ ﻟﺒﻨﺎﻥ، ﻭﻛﺸﺎﻫﺪ ﻟﻬﺬﻩ ﺍﻟﻤﺮﺣﻠﺔ.

 

ﺟﻤﻌﺘﻨﻲ ﺍﻟﻤﺼﺎﺩﻓﺔ ﺑﻮﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﻫﺆﻻﺀ، ﻭﺍﻟﻠﻘﺎﺀ ﺗﻢ ﺑﻴﻨﻲ ﻭﺑﻴﻦ ﺻﺤﻔﻲ ﺳﻮﺭﻱ ﺗﻌﺮﻓﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﺼﺪﻳﻖ ﻭﺍﻟﺰﻣﻴﻞ ﺍﻟﺴﻔﻴﺮ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﻟﺴﻮﺭﻳﺎ ﻏﺎﻟﺐ ﻛﻴﱠﺎﻟﻲ، ﺃﺛﻨﺎﺀ ﻋﻤﻠﻲ ﻓﻲ ﻣﺠﻠﺔ »ﺑﻴﺮﻭﺕ ﺍﻟﻤﺴﺎﺀ«، ﻭﻛﺎﻥ ﻛﻴﱠﺎﻟﻲ ﻛﺎﺗﺒﹰﺎ ﻓﻴﻬﺎ، ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺼﺤﻔﻲ ﺍﻟﺴﻮﺭﻱ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﻏﺮﻳﺒﺔ ﺍﻷﻃﻮﺍﺭ، ﻗﺪَّﻡ ﻧﻔﺴﻪ ﻟﻲ ﻛﺼﺤﻔﻲ ﻣﻌﺮﻭﻑ ﻭﻣﻘﻴﻢ ﻓﻲ ﻟﺒﻨﺎﻥ، ﻛﺎﺗﺐ ﺣﺮ، ﻳﻜﺘﺐ ﻭﻳﻨﺸﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﺤﻒ ﻛﻤﻌﺎﺭﺽ ﻟﻨﻈﺎﻡ ﺣﺎﻓﻆ ﺍﻷﺳﺪ، ﻭﻣﺴﺘﺸﺎﺭ ﺇﻋﻼﻣﻲ ﻟﺨﺎﺩﻡ ﺍﻟﺤﺮﻣﻴﻦ ﺣﻴﻨﺌﺬ، ﺩﻋﺎﻧﻲ ﺇﻟﻰ ﻣﻨﺰﻟﻪ ﻓﻲ ﺑﺮﻣﺎﻧﺎ، ﺣﻴﺚ ﺗﻌﺮﻓﺖ ﺇﻟﻰ ﺯﻭﺟﺘﻪ ﻭﺑﻨﺎﺗﻪ ﺍﻟﺜﻼﺙ ﻭﺍﺑﻨﻪ ﻓﺮﻳﺪ.

 

ﻭﺗﻤﺮ ﺑﻲ ﺍﻷﻳﺎﻡ ﻓﺄﻋﻮﺩ ﺃﻟﺘﻘﻴﻪ ﻓﻲ ﻣﻜﺘﺒﻪ ﺑﺒﻨﺎﻳﺔ "ﺇﻟﺪﻭﺭﺍﺩﻭ" ﻓﻲ ﺷﺎﺭﻉ ﺍﻟﺤﻤﺮﺍ، ﻟﻴﻔﺘﺢ ﺃﻣﺎﻣﻲ ﺣﻘﻴﺒﺘﻪ »ﺍﻟﺴﺎﻣﺴﻮﻧﺎﻳﺖ« ﺑﻘﺼﺪ ﺃﻭ ﻏﻴﺮ ﻗﺼﺪ ﻟﻴﹸﺨﺮﺝ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﻭﺭﺍﻕ، ﻭﻷﻭﻝ ﻣﺮﺓ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻲ ﺗﻘﻊ ﻋﻴﻨﺎﻱ ﻋﻠﻰ ﻣﺸﻬﺪ ﺃﺷﺒﻪ ﺑﺎﻷﻓﻼﻡ ﺍﻟﺴﻴﻨﻤﺎﺋﻴﺔ، ﻓﺎﻟﺤﻘﻴﺒﺔ ﻛﺎﻧﺖ

ﻣُﺘﺨﻤﺔ ﺑـ"ﺭُﺯﻡ" ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻭﻻﺭﺍﺕ.. ﺩﻋﻮﺕ ﻟﻪ ﺑﺎﻟﺮﺯﻕ ﺍﻟﺤﻼﻝ، ﻭﺗﺮﻛﺘﻪ ﻣﻊ ﺩﻭﻻﺭﺍﺗﻪ. ﺑﻌﺪﻫﺎ ﻋﻠﻤﺖ ﻣﻦ ﻛﻴﱠﺎﻟﻲ ﺃﻧﻪ ﺃﺧﺬ ﻋﺎﺋﻠﺘﻪ ﻭﻗﺮﺭ ﺍﻟﺴﻔﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ ﻟﻠﻌﻴﺶ ﻫﻨﺎﻙ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﺤﻮﺍﺩﺙ ﺍﻟﺪﺍﻣﻴﺔ ﺑﻌﺎﻡ، ﻭﺗﻤﺮ ﺃﺷﻬﺮ ﻟﻴﺘﺼﻞ ﺑﻲ ﺍﻟﺼﺤﻔﻲ ﺍﻟﺴﻮﺭﻱ ﻗﺒﻞ ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ ﺑﺴﺘﺔ ﺃﺷﻬﺮ، ﻟﻴﺨﺒﺮﻧﻲ ﺑﺄﻧﻪ ﺣﻀﺮ ﻓﻲ ﺯﻳﺎﺭﺓ ﻟﻠﺒﻨﺎﻥ ﻭﻣﻘﻴﻢ ﺑﻔﻨﺪﻕ " ﻧﺎﺑﻠﻴﻮﻥ " فى منطقة الحمرا.

 

ﻗﺎﺑﻠﺘﻪ ﻣﻦ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﻔﻀﻮﻝ ﻷﻋﻠﻢ ﺳﺮ ﺳﻔﺮﻩ ﺍﻟﻤﻔﺎﺟﺊ ﻣﻊ ﻋﺎﺋﻠﺘﻪ ﺇﻟﻰﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓء ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﻋﺠﻠﺔ ﻣﻦ ﺃﻣﺮﻩ، ﻓﻬﻮ ﻋﻠﻰ ﻣﻮﻋﺪ ﻣﻊ ﻳﺎﺳﺮ ﻋﺮﻓﺎﺕ (ﺃﺑﻮ ﻋﻤﺎﺭ)، ﻭﺟﺎﺀﺕ ﺇﺟﺎﺑﺘﻪ ﻋﻦ ﺗﺴﺎﺅﻻﺗﻲ ﺑﻘﻮﻟﻪ: " ﺍﻟﺒﻠﺪ ﺩﻩ ﺧﻼﺹ ﻣﺎ ﺑﻘﺎﺵ ﻣﻨﻪ ﻓﺎﻳﺪﺓ"!

ﻭﻧﺼﺤﻨﻲ ﺑﺎﻟﻌﻮﺩﺓ ﺇﻟﻰ ﻣﺼﺮ ﻣﻦ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﻔﺴﺮ ﻟﻲ ﺃﻱ ﺷﻲﺀ، ﺣﺎﻭﻟﺖ ﺃﻥ ﺃﺭﺑﻂ ﺍﻟﻤﺸﺎﻫﺪ ﺑﺒﻌﻀﻬﺎ ﻣﻨﺬ ﺗﻌﺮﻓﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻭﺿﻊ ﺳﻴﻨﺎﺭﻳﻮﻫﺎﺕ ﻓﻲ ﻣﺤﺎﻭﻟﺔ ﻟﻔﻬﻢ ﺍﻟﺮﺟﻞ

ﻋﻴﻨﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ ﺍﻟﺘﻘﻴﺖ ﺑﻬﻢ ﻓﻲ ﺑﻴﺮﻭﺕ ﻗﺒﻞ ﺣﺮﺑﻬﺎ ﺍﻟﺪﺍﻣﻴﺔ ﺍﻟﻤﺪﻣﺮﺓ، ﻣﺎ ﻫﻢ ﺇﻻ ﱠ ﻭﺗﺼﺮﻓﺎﺗﻪ ﺍﻟﻤﺮﻳﺒﺔ، ﺇﻻ ﺃﻥ ﺍﻷﻣﺮ ﺯﺍﺩ ﻣﻦ ﺩﻫﺸﺘﻲ، ﻓﺎﻟﺮﺟﻞ ﻳﻌﻠﻢ ﺑﺄﺷﻴﺎﺀ ﻻ ﻧﻌﺮﻓﻬﺎ.

ﻓﻘﺎﻋﺎﺕ ﺗﺘﻄﺎﻳﺮ ﻣﻦ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ ﺍﺳﺘﺨﺒﺎﺭﺍﺗﻴﺔ ﻋﻤﻠﺖ ﻋﻠﻰ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻫﺪﻑ ﻭﺣﻴﺪ.. ﻭﻫﻮ "ﺗﺤﻄﻴﻢ ﻟﺒﻨﺎﻥ".

 

 

 

 

إنها واحدة من القصص التي تحكي بالتفصيل كيف ولماذا وتفاصيل غنية بالمعلومات عن الحرب اللبنانية في كتابي "أوراق الغربة".. أيام فى لبنان الصادر من الدار المصرية اللبنانية.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز