عاجل
الخميس 22 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي
لا سلام بدون مصر في الشرق الأوسط

لا سلام بدون مصر في الشرق الأوسط

بينما يواصل الشرق الأوسط خوض غمار الصراعات، والتحالفات المتغيرة، والدبلوماسية الهشة، تبقى حقيقة واحدة جلية، أنه لا يمكن تحقيق سلام دائم في المنطقة دون مشاركة مصر.



 

 

تاريخيًا وجيوسياسيًا، لعبت مصر دورًا محوريًا في رسم مسار المنطقة، فموقعها الاستراتيجي، وثقلها السياسي، وعلاقاتها الفريدة مع كل من الدول العربية والغرب، تجعلها وسيطًا لا غنى عنه في أي جهد سلام جاد.

 

 

ويعلم الرئيس دونالد ترامب والمسؤولون الأميركيون جيداً أن أي اتفاق سلام في الشرق الأوسط لا يمكن أن ينجح دون موافقة مصر، حيث تلعب القاهرة دوراً محورياً في الحفاظ على الاستقرار الإقليمي والتوسط بين الأطراف الرئيسية.

 

كانت مصر أول دولة عربية توقع معاهدة سلام مع إسرائيل عام ١٩٧٩، وهي خطوة رائدة غيّرت مسار السياسة الإقليمية.

 

وقد أثبتت اتفاقيات كامب ديفيد، التي توسطت فيها الولايات المتحدة، أن مصر تمتلك الإرادة والنفوذ اللازمين لقيادة العالم العربي نحو الحوار، حتى في ظل الضغوط والمعارضة الهائلة.

 

لقد كلفت دبلوماسية الرئيس أنور السادات الجريئة حياته، لكنها عززت دور مصر كصانع سلام.

تحافظ مصر على علاقات دبلوماسية رسمية مع إسرائيل، وتتمتع أيضًا بعلاقات قوية مع فلسطين وأعضاء جامعة الدول العربية.

 

توسطت القاهرة مرارًا وتكرارًا في وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل، وكانت قناة رئيسية للمفاوضات المتعلقة بغزة والصراع الإسرائيلي الفلسطيني الأوسع، وعلى عكس العديد من القوى الإقليمية، يُنظر إلى مصر كوسيط محايد موثوق به، أو على الأقل محترم، من كلا الجانبين.

 

 

في السنوات الأخيرة، لعبت أجهزة المخابرات المصرية دورًا خلف الكواليس في تهدئة العنف، وفتح ممرات إنسانية، وتنسيق المساعدات الدولية، ولولا تعاون مصر، لما صمدت العديد من الهدن ووقف إطلاق النار المؤقت وخاصة في غزة.

 

مع سعي جهات فاعلة جديدة مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وتركيا لتحقيق أجنداتها الإقليمية الخاصة، تكهن البعض بما إذا كان نفوذ مصر آخذًا في التضاؤل.

لكن الواقع على الأرض يروي قصة مختلفة، فمصر تجاور كلاً من إسرائيل وغزة، وتسيطر على معبر رفح، وتستضيف قممًا إقليمية رئيسية، إن قربها الجغرافي وثقلها الديموغرافي، أكثر من 110 ملايين نسمة، يمنحها حصة لا يمكن تجاهلها في استقرار الشرق الأوسط.

علاوة على ذلك، لا تزال شبكات الجيش والاستخبارات المصرية من بين الأكثر كفاءة وخبرة في العالم العربي، وهذا يسمح للقاهرة بإرساء الاستقرار في منطقة متزايدة التباعد.

 

مع استمرار الجهود الدبلوماسية، سواء تحت مظلة السياسة الأمريكية، أو اتفاقيات إبراهيم، أو المبادرات العربية الإسرائيلية الجديدة، فإن استبعاد مصر من طاولة المفاوضات ليس فقط غير حكيم، بل هو أيضًا غير قابل للتنفيذ، أي اتفاق سلام لا يتضمن مساهمة مصرية يفتقر إلى الشرعية، وقد يكون غير مستدام.

في منطقة تندر فيها الثقة وتتعمق فيها الخصومات، توفر مصر الاستمرارية والمصداقية، مشاركتها ليست رمزية فحسب، بل هي عملية وأساسية.

في الشرق الأوسط، السلام ليس مجرد اتفاقات على الورق، بل هو استقرار طويل الأمد، وبناء ثقة، فمصر، بإرثها القيادي ودورها المحوري في ديناميكيات المنطقة، تبقى حجر الزاوية في أي عملية سلام حقيقية.

وبينما تسعى القوى العالمية جاهدةً لإيجاد حلول لصراعات تبدو مستعصية، عليها أن تتذكر انه لا يمكن لأي اتفاق سلام أن يصمد دون أن تكون مصر في صميمه.

 

كاتب صحفي مقيم في العاصمة الأمريكية واشنطن

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز