عاجل
الخميس 22 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي
مخطط الشيطان

مخطط الشيطان

رغم اختلاف الأحداث والأطراف، فإن ثلاثة أحداث وقعت هذا الأسبوع لم أستطع الفصل أو افتراض حُسن النية بشأنها، أولها عودة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للتأكيد من قلب دول الخليج، أنه يرغب في امتلاك قطاع غزة. وثانيها عودة الفوضى والاشتباكات إلى العاصمة الليبية طرابلس بتدبير من حكومة الدبيبة. وثالثها عودة الاحتلال الصهيوني للهجوم بضراوة على غزة، وتنفيذ مخطط إبادة جديد يسمّى "عربات جدعون".



 

 

ولعل ما دعاني إلى عدم افتراض حُسن النية والشك في ترابط الوقائع الثلاث، أن جميعها جاءت متعاقبة، ولم يفصل بين كل منها سوى ساعات قليلة، وكأن الرئيس الأمريكي كان يلمّح بتصريحه إلى واقع قد يحدث، وأن عودة الفوضى غير المبررة لطرابلس تمهّد الأرض الليبية أيضًا لحدث ما، وأن العملية الإسرائيلية الغاشمة هذه المرة، تأتي تلبيه لقرار قطعي يضع سكان غزة بين خياري القتل أو التهجير.

 

 

غير أنه ما كاد ترامب يغادر منطقة الخليج حتى تأكدت شكوكي، لا سيما بعد أن كشفت شبكة NBC News الأمريكية عن بدء الإدارة الأمريكية بالاشتراك مع حكومة نتنياهو، في تنفيذ خطة شيطانية، هدفها تهجير نحو مليون فلسطيني من سكان قطاع غزة إلى ليبيا، مقابل الإفراج عن مليارات الدولارات من الأموال الليبية التي جمّدتها الولايات المتحدة عقب سقوط نظام القذافي.

 

 

المقلق، أن المعلومات قطعت دون تشكيك، أن إدارة ترامب قامت بالفعل بمناقشة الخطة ومقابلها مع قيادات ليبية، وأن طرح أمر التهجير على سكان غزة سوف يأتي مواكبًا لذروة الإبادة المستهدفة من عملية "عربات جدعون"، حيث سيتم تقديم مقترح التهجير للفلسطينيين في صورة هدية، محتواها النجاة من الموت، مع حوافز مادية مغرية تشمل أموالًا نقدية وسكنًا مجانيًا ورواتب شهرية.

 

 

المؤسف في الأمر، أن الخطة الأمريكية المستهدفة، سيتم تنفيذها بالتعاون مع فصيل ليبي يسيطر على العاصمة، وهو ما يفسر جدوى المواجهات التي اندلعت -عن عمد- والمعرضة بقوة للعودة، لا سيما بعد القرار الصائب من المجلس الأعلى للدولة بسحب الثقة من الحكومة، والتصويت الوطني من مجلس النواب على إقالة الدبيبة.

 

 

المؤكد أنه وفقًا لمخطط الشيطان، أن تعود الفوضى للعاصمة الليبية اعتراضا على الإطاحة بالدبيبة المدعوم بمليشيات ومساندة دولية مشبوهة، وتمهيد الأرض لإتمام نقل الفلسطينيين في توقيت مستهدف، لا يلتفت خلاله الليبيون للأمر في ظل الصراع الأهلي.

 

 

ورغم عدم اقتناعي بمعقولية المخطط، ويقيني بفشله على أيدي الوطنيين في فلسطين وليبيا، إلا أن تقديرات الساذجة للمخابرات المركزية الأمريكية كانت أكثر ما أثار استغرابي في المخطط، لا سيما بعد أن قطعت بإمكانية استيعاب ليبيا لأكثر من مليون فلسطيني، في ظل الانقسامات الداخلية، والعدد المحدود من السكان المقدر بنحو 7.36 مليون نسمة، وكأن الأمريكان والإسرائيليين باتوا يتحكمون في التوزيع الديموجرافي لسكان الأرض.

 

 

الواقع يقول إن غزة بات حلمًا يراود ترامب، وكابوسًا يؤرق نتنياهو، وأنهما عقد العزم على الخلاص من الفلسطينيين، وشن حرب أكثر تدميرا وإبادة على غزة تحت اسم "عربات جدعون" بدأت فعليًا مع ختام جولة الرئيس الأمريكي للخليج، وأسفرت عن استشهاد أكثر من 500 فلسطيني خلال أربعة أيام.

 

 

عملية جدعون تهدف للأسف لفرض إقامة جبرية على الفلسطينيين في غزة، وعزلهم في ثلاث مناطق يُحظر التنقل فيها سوى بتدابير أمنية صارمة، مع السيطرة على أقصى شمال القطاع حتى مدينة غزة، وجنوب محور نتساريم، ومنطقة محور موراج، وكامل رفح الفلسطينية، والتوسع في شمال بيت لاهيا وبيت حانون.

ليس هذا فحسب، بل تهدف العملية إلى إخلاء جميع هذه المناطق من كامل سكانها خلال ثلاثة أسابيع، ضمن استراتيجية طويلة الأمد تهدف إلى الاستيلاء على كامل القطاع، ووضع سكانه بين خياري قتل أو تهجير، ولله الأمر من قبل ومن بعد.. وكفى.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز