عاجل
الثلاثاء 29 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي
إسرائيل تنهار

إسرائيل تنهار

رغم الواقع البشع لعمليات القتل والتدمير والتشريد التي يمارسها الصهاينة منذ شهور في غزة ولبنان وسوريا، فإن الوجه الآخر من الصورة داخل تل أبيب، يعكس واقعًا كارثيًا مغايرًا، يهدد بانهيار الجيش، واندلاع صدام متوقع بين المؤسسة العسكرية المدعومة بقطاع عريض من المدنيين، وحكومة نتنياهو، نتيجة لحالة الإحباط والتردي التي ألمّت بالداخل الإسرائيلي جراء استمرار الحرب.



فالمتابع للمشهد عن قرب في تل أبيب خلال الأيام القليلة الماضية، يستطيع أن يلمس مدى حالة الخوف واليأس التي تسيطر على قوات الجيش الإسرائيلي، والتي دفعت بالآلاف من الجنود والضباط إلى رفض أداء الخدمة العسكرية، في الوقت الذي باتت العلاقة بين قيادة الجيش والحكومة على وشك صدام علني، بعد اعتراف رئيس الأركان بصعوبة تحقيق أهداف الحرب، وتعالي أصوات قطاع عريض من العسكريين والمدنيين بالمطالبة بوقف الحرب.

فمنذ أيام، أصدر فرع القوى البشرية بالجيش الإسرائيلي تقريرًا كارثيًا، حذّر فيه من نقص غير مسبوق في القوات داخل الجيش، بعد أن رفض أكثر من 100 ألف جندي من قوات الاحتياط أداء الخدمة، لأسباب نفسية وأخلاقية، في الوقت الذي تقلّصت فيه نسبة جنود الاحتياط الذين يلتحقون بالوحدات القتالية بنحو 50%، على الرغم من اعتماد الجيش عليهم بشكل أساسي.

كارثة رفض جنود وضباط الاحتياط أداء الخدمة بالجيش الإسرائيلي، ورفض الأغلبية العظمى من الموجودين بالخدمة استمرار الحرب، دفعت بقيادة الجيش إلى استبعادهم من الخطوط الأمامية، واستبدالهم بقوات نظامية، بل والاضطرار تحت ضغط النقص الرهيب في الأعداد إلى الدفع بجنود جدد لم يُكملوا تدريبهم بعد في مهام ميدانية.

الأوضاع الكارثية داخل الجيش الإسرائيلي فضحها علنًا رئيس الأركان إيال زامير، عندما اعترف منذ أيام بأن الالتزام بالتجنيد في صفوف الجيش بات منخفضًا بشكل مقلق، وأن الإنجازات في ساحة القتال بدأت تتآكل، مطالبًا حكومة نتنياهو بالتخلي عن أوهامها وطموحاتها التي تقف على أرضية رخوة، وتعتمد في إدارة الحرب على الجيش فقط، دون تحرك سياسي موازٍ يُعزّز تلك الطموحات، ويخفّف من الضغط المُلقى على القوات منذ شهور.

اللافت أن اعترافات زامير هبطت كالصاعقة على المتطرفين في حكومة نتنياهو، لا سيما أنهم مَن أتوا به، بعد الإطاحة برئيس الأركان السابق هيرتسي هاليفي، وإذا به يصدمهم ويردّد ذات الأسباب التي ساقها هاليفي للفشل في تحقيق أهداف الحرب بالقضاء على حماس وإعادة المحتجزين في غزة.

العجيب أيضًا، أن اعترافات رئيس الأركان، التي اعتبرتها حكومة نتنياهو "كمن أحرز هدفًا في مرماه"، جاءت متزامنة مع ارتفاع أصوات الآلاف من جنود وضباط الاحتياط، الذين استنفدوا طاقتهم من حرب بلا أفق، أدّت إلى انهيار تدريجي وإحباط بين القوات، دفع الآلاف منهم للتوقيع على عرائض علنية للمطالبة بوقف الحرب، بل ونُشرت بعضها كإعلانات مدفوعة في الصحف الإسرائيلية.

عرائض الاحتجاج لم تقتصر على الجنود والضباط فحسب، بل شملت طيارين، وعناصر بالاستخبارات العسكرية، ومقاتلين بوحدات سرية، ما دفع قادة الجيش للتحرك لاحتواء الغضب المتصاعد، الذي حمل إلى جانب مشاعر الخيبة، شعورًا علنيًا بالقهر والعنصرية جراء الاستثناءات والإعفاءات من التجنيد التي تتمتع بها فئات بعينها من الإسرائيليين، وهو ما دفع رئيس لجنة الدفاع بالكنيست للمطالبة بسنّ قانون تجنيد فعّال، ودفع بالمعارضة لاتهام نتنياهو بالانحياز لقانون يُبيح التهرب من الخدمة العسكرية.

 

اللافت، أن المطالبات بوقف الحرب انضم إليها أيضًا أكثر من 150 ألفًا من القادة الأمنيين، ورؤساء سابقين للموساد، إلى جانب أكاديميين، ومثقفين، وفنانين، وفئات مهنية مختلفة، باتت ترى في استمرار الحرب خدمة شخصية لمصالح نتنياهو السياسية، مما دعاه إلى التدخل وتعميق الفجوة داخل الجيش والمجتمع الإسرائيلي، بوصف الموقعين على رسائل الاحتجاجات بـ"حفنة من الأشرار تديرهم منظمات ممولة من الخارج".

زادهم الله -الإسرائيليين- إحباطًا على الإحباط، ويأسًا على اليأس، وتمزقًا فوق التمزق.. وكفى.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز