عاجل
السبت 26 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي

فاينانشيال تايمز": قرية سويسرية على جبال الألب تجتذب "أثرياء أمريكا الغاضبين"

"أندرمات".. قرية سويسرية صغيرة تقبع على جبال الألب تشتهر بأنشطة التزلج، حالفها الحظ كثيراً بسبب سياسات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاقتصادية، على عكس بقية بلدان وعواصم العالم التي تئن تحت وطأة قراراته الخاصة بالرسوم الجمركية المتقلبة صعوداً وهبوطاً.



فقد شهدت القرية السويسرية طفرة كبرى في الطلب من جانب المشترين الأمريكيين للعقارات خلال الأشهر القليلة الأولى من العام الجاري، وجذبت الوحدات السكنية التي أُنشئت حديثاً في القرية، أكثر من 1260 استفساراً للشراء من جانب مستثمرين أمريكيين، وهو ما وصفه مطورون عقاريون سويسريون بأنه طلب تدفعه الرغبة في "الهروب إلى الأمان" من قِبل "أمريكيين غاضبين".

 

وتقول صحيفة "فاينانشيال تايمز" في تقرير لها من داخل القرية إن المستثمرين الأمريكيين الغاضبين اشتروا أو أودعوا مبالغ قدرت بنحو 14.2 مليون فرنك سويسري (17.4 مليون دولار) قيمة لشقق ووحدات سكنية حتى العاشر من أبريل الجاري، وهو ما يقارب ضعف صفقات الشراء التي نفذت خلال العام الماضي بأكمله حين سجلت 7.7 مليون فرنك سويسري.

 

وعودة إلى عام 2023، فلم يكن هناك في "أندرمات" أي مشتر أمريكي على الإطلاق لأي شقق جديدة في القرية، وتشير الصحيفة إلى أن ثلث عمليات البيع أو الإيداعات المخصصة للشراء نفذت في الأسبوع الذي سبق إجازة عيد الفصح، في وقت تسببت فيه الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي ترامب، في تدمير الأسواق.

 

وتنقل الصحيفة عن الرئيس التجاري المسؤول في مجموعة "أندرمات الألب السويسرية"، روسيل كولينز، التي تدير عمليات تطوير مشروع بناء وبيع 546 وحدة سكنية تم بناؤها وقيد التشييد، قوله إنه منذ قيام شركة "فايل ريزروتس" الأمريكية بشراء حصة غالبة في بنية التزلج والمنتجعات في القرية في عام 2022، كان هناك مزيد من الاهتمام السياحي الأمريكي بالقرية.

 

غير أن كولينز لفت إلى أن الطفرة التي تحققت هذا العام في مستويات الطلب الأمريكي "مختلفة تمام الاختلاف"، وقال "منذ بداية العام الجاري وفي الأسابيع الستة الأخيرة، بات الأمر مثل عصا الهوكي من حيث حجم المبيعات والاستفسارات."

 

وتعد مجموعة "أندرمات الألب السويسرية"، المملوكة بنسبة 51 في المائة لشركة "إيجيبشيان- مونتيجرين" التابعة لرجل الأعمال المصري سميح ساويرس، و49 في المائة لشركته "أوراسكوم"، فريدة من نوعها داخل سويسرا، إذ أنها معفاة من القيود المفروضة على حظر امتلاك الأجانب وشراء العقارات، ما جعلها مؤشراً لقياس الطلب الأجنبي.

 

وهناك مشروع آخر بتكلفة 1.8 مليار فرنك سويسري في قرية أندرمات، التي تضم حصناً عسكرياً لتدريب الجيش السويسري، يشتمل على فنادق ومطاعم وملاعب جولف. وهي على بُعد ساعتين بالسيارة أو بالقطار عن زيورخ.

 

ويقول مشترون في أندرمات إنهم يبحثون عن الأمان في اسثتمارات عقارية مقومة بالفرنك السويسري بسبب حالة انعدام اليقين التي خلقتها الإدارة الأمريكية الجديدة، وفق تصريحات كولينز، حيث شهد الفرنك السويسري 11 % ارتفاعاً مقابل الدولار الأمريكي منذ يناير، وبما يقرب من 12% مقارنة بمستواه في العام الماضي.

 

وكانت "فاينانشيال تايمز" أفادت في تقرير نشرته الشهر الماضي بأن الطفرة في قرية "أندرمات" السويسرية ظهرت على خلفية وضع عدد من الأثرياء الأمريكيين، سواء من داخل الولايات المتحدة أو من خارجها، لخطط طارئة لنقل أصول إلى سويسرا وسط حالة اللايقين التي تسببت فيها إدارة ترامب.

 

وأشارت الصحيفة إلى أن هناك مدناً أوروبية أخرى، مثل مدريد، شهدت اندفاعاً مما بات يوصف بـ"لاجئي نظام ترامب" لدى محاولتهم غرس جذور لهم فيها.

 

ويعلق فيليب زوند، الشريك بمجموعة "كيه بي إم جي" الاستشارية، التي تخدم عملاءها الأثرياء الراغبين في التحرك إلى سويسرا، قائلاً إن أعداد الأمريكيين الذين تعاقدوا مع الشركة ممن يرغبون في الإقامة في البلاد زادت عن الضعف خلال هذا العام مقارنة بمجموع أعدادهم في العام السابق بأكمله.

 

وأضاف زوند "في الأشهر الماضي رأينا مزيداً من الأمريكيين يرغبون في الانتقال إلى هنا وإلى أوروبا على نطاق أوسع."

 

وفي سويسرا، يُحظر وبصورة مشددة على أصحاب الجنسيات الأجنبية امتلاك غالبية العقارات في البلاد، بموجب قوانين "ليكس كولير" بيد أن الحكومة السويسرية أعفت قرية "أندرمات الألب السويسرية" بسبب حجمها، بما يسمح للمشترين الدوليين إجراء عمليات الشراء والبيع للشقق والمنازل بحرية تامة، دون الحاجة إلى موافقات أو تحديد مدد الملكية.

 

علاوة على ذلك، فإن التشريع الخاص بالمنزل الثاني بالدولة، الذي يحد من إنشاء منازل ثانية لحوالي 20 في المائة من مخزون الإسكان في أي قرىة، لا ينطبق على منطقة أندرمات السويسرية على جبال الألب حتى عام 2040.

 

وقالت الشركة إن أغلب المشترين في قرية أندرمات يأتي من الساحل الشرقي للولايات المتحدة، لكنهم يتمركزون في مناطق بعيد نسبياً مثل نبراسكا وميامي.

 

ويقول أحد المشترين في أندرمات، وهو من رجال الأعمال المبادرين في مجالات التكنولوجية ويقيم في نيويورك وفي مقتبل العقد الخامس من عمره، والذي طلب من الصحيفة عدم الإفصاح عن اسمه، إن ترامب كان أحد "العوامل الرئيسية" لقراره في الشراء.

 

واشترى هذا العميل وشريكته، وحدة سكنية مكونة من غرفتي نوم بتكلفة 2.2 مليون فرنك سويسري في نوفمبر. وقال إن سويسرا كانت مستقرة وآمنة في وقت كانت فيه الولايات المتحدة أقل من ذلك تحت قيادة ترامب.

 

وتابع قائلاً "لا يتعلق الأمر بانعدام اليقين المالي فحسب، بل يتعلق أيضاً بأنه ليس من المستحب ما تتجه إليه [الولايات المتحدة] وما أصبحت عليه."

 

ولفت إلى أنه نقل أيضاً بعض الأموال والاستثمارات إلى بنوك سويسرية كما أنه وشريكته حصلا على جنسية داخل الاتحاد الأوروبي حتى يتمكنا من العيش داخل سويسرا.

 

ويقول رئيس قسم مبيعات الألب في شركة "سافيلز" بلندن، جيرمي رولاسون، إن أندرمات كانت "مشروعاً فريداً من نوعه في سويسرا"، وكان هناك طفرة في مبيعاتها "رغم أني سأقول إن الاتجاه نحو اهتمام الأمريكيين بصورة أكبر في اقتناء عقارات أجنبية قد بدأ فعليا قبل ترامب [إعادة انتخابه]."

 

وتابع رولاسون: "غالبية عملائنا المشترين في سويسرا لا يزالوا من الجنسية الأوروبية، لكننا شهدنا زيادة بثلاثة أضعاف المعدل في أعداد المشترين الأمريكيين المسجلين في أوروبا بشكل عام منذ عام 2020.”

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز