
الذكاء الاصطناعي في السينما.. عصر جديد للصناعة أم نهاية صُنّاع الشاشة

بسنت محمد - ساره وائل
منذ بدايات السينما، كانت التكنولوجيا دائمًا عنصرًا أساسيًا في تطورها، من الأفلام الصامتة إلى تقنيات CGI الحديثة واليوم، يشهد هذا الفن السابع “لصناعة الأفلام، والصور المتحركة” ثورة جديدة تقودها تقنيات الذكاء الاصطناعي، تفتح آفاقًا واسعة للإبداع، لكنها في الوقت نفسه تثير تساؤلات جوهرية حول مستقبل المهنة، ودور الإنسان في صناعة طالما كانت مرآة للخيال البشري.
الذكاء الاصطناعي كقوة دافعة نحو المستقبل
الذكاء الاصطناعي لم يَعُد محصورًا في مختبرات البرمجة أو أروقة شركات التكنولوجيا، بل بات عنصرًا فاعلًا في عالم السينما فبرامج مثل Runway ML وDeepMind وChatGPT أصبحت تُستخدم فعليًا في كتابة النصوص، وتوليد الحوارات، وتحليل السيناريوهات وفي مجال المؤثرات البصرية، بدأت استوديوهات كبرى مثل Marvel وLucasfilm تعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي لتصميم مشاهد خيالية معقدة لا يمكن تصويرها بطرق تقليدية.
مشهد المعركة الختامية في Avengers: Endgame مثلًا، استخدمت فيه أنظمة ذكاء اصطناعي لتحريك آلاف الشخصيات رقمياً بدقة وسرعة.
تحسين تجربة المشاهدة والتسويق
أحد أهم أدوار الذكاء الاصطناعي هو تحليل تفضيلات الجمهور فبفضل خوارزميات تعلم الآلة، تستطيع منصات مثل Netflix وAmazon Prime توقع نوعية المحتوى الذي يُفضله كل مستخدم، وتقديم توصيات مخصصة له.
وفي مرحلة التسويق، يُستخدم الذكاء الاصطناعي لإنشاء إعلانات تستهدف الفئات العمرية والثقافية المختلفة بناءً على بيانات المشاهدة.
_20250418124037.jpg)
الذكاء الاصطناعي كمصدر تهديد لصُنّاع الإبداع
رغم هذه الإمكانيات، يثير استخدام الذكاء الاصطناعي قلقًا واسعًا في الأوساط الفنية إذ يخشى كثيرون أن يكون هذا التطور بداية لمرحلة "أفلام بلا فنانين"فبعد أن أصبحت هناك أدوات قادرة على كتابة سيناريوهات، وتوليد صور واقعية بالكامل، ومونتاج تلقائي.
هل ستختفي الحاجة إلى الكتّاب والمحررين والمخرجين؟ إضرابات واحتجاجات؟
في عام 2023، شهدت هوليوود واحدة من أطول الإضرابات في تاريخها، عندما أضربت نقابة كتّاب أمريكا “WGA” عن العمل لمدة 148 يومًا، من أجل المطالبة بتنظيم استخدام الذكاء الاصطناعي في كتابة السيناريوهات وكان من بين مطالبهم: منع الشركات من استخدام النصوص المولدة آليًا كبديل لنصوصهم، والحفاظ على حقوقهم في التأليف.

فيلم من دون ممثلين حقيقيين
في عام 2022، تم إنتاج فيلم تجريبي قصير بعنوان The Crow 2.0باستخدام تقنية deepfake بالكامل، حيث تم استخدام وجوه ممثلين حقيقيين دون مشاركتهم فعليًا ورغم أن العمل أثار الإعجاب من ناحية تقنية، إلا أنه أثار مخاوف أخلاقية حول سرقة الهوية الفنية، واحتمالية الاستغناء عن الممثلين تمامًا.
ما بين الإبداع والآلة
الذكاء الاصطناعي لا يُعتبر خصمًا مباشرًا للإنسان إذا تم استخدامه كأداة مساعدة وليس بديلًا في الواقع، يمكن أن يفتح مساحات جديدة للإبداع، خاصة لصُنّاع الأفلام المستقلين الذين يفتقرون إلى الميزانيات الضخمة.
بحسب تقرير نشرته مجلة Forbes عام 2024، فإن 37% من شركات الإنتاج في هوليوود تستخدم نوعًا من تقنيات الذكاء الاصطناعي في مرحلة ما من الإنتاج كما اجري PwC دراسة علمية توقعت أن الذكاء الاصطناعي قد يساهم بإضافة 15 مليار دولار إلى صناعة الإعلام والترفيه بحلول عام 2030، بشرط أن يُستخدم بطريقة تكاملية.

رأي النقاد والمخرجين
قال المخرج جيمس كاميرون:"الذكاء الاصطناعي أداة مذهلة، لكنه لا يمكن أن يُنتج روح قصة كتبها إنسان عاش المشاعر التي يكتب عنها" فيما عبّر الممثل كينو ريفز عن استيائه من تكنولوجيا deepfake قائلاً: "نحن نفقد السيطرة على وجوهنا، على أصواتنا، على فنّنا."
التكنولوجيا لا تلغي الإنسان، لكنها تغيّره
الذكاء الاصطناعي هو المستقبل بلا شك، لكنه يحتاج إلى تشريعات تحمي حقوق المبدعين، وقواعد أخلاقية تحدد ما يمكن وما لا يمكن فعله. فالسينما كانت دومًا مرآة للواقع، والآن آن الأوان أن تعكس واقعًا متوازنًا بين الإنسان والتقنية، بين الإبداع والآلة.