عاجل
الأحد 27 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي
الأمان.. الترفيه.. الثقافة!

همس الكلمات

الأمان.. الترفيه.. الثقافة!

هو نوع من أنواع الثقافة وتاريخه يعود للعصر الفرعوني، كما يوفر عروضًا ترفيهية متنوعة، إلى جانب أنه يجعلك أكثر سعادة، من الناحية النفسية، حيث يساهم في إفراز الإندورفين أثناء العروض الرياضية وهو شعور يمنح نظرة إيجابية للحياة.. إنه "السيرك".



 

وهنا يكون الحديث حول السيرك القومي المصري  الذي تأسس رسميًا بعد ثورة 23 يوليو 1952 عندما أصدر الرئيس جمال عبد الناصر قرارا بإنشاء سيرك قومي بالعجوزة، معتمدا في تأسيسه على الخبراء السوفييت، للاستفادة من خبراتهم في مجال السيرك وتم افتتاحه رسميا عام 1966.

 

وبطبيعة الحال، كانت تلك المقدمة عن السيرك، ليس فقط من جراء ما حدث مؤخرا من حادث طنطا المؤسف، وتعرض العامل "محمد إبراهيم عبدالفتاح البسطاويسي"، مساعد مدربة الأسود أنوسة كوتة، لهجوم مفاجئ من نمر مفترس والتهام ذراعه اليسرى أثناء العرض، مما أسفر عن إصابته بجروح قطعية بالغة انتهت ببتر ذراعه عقب خضوعه لجراحة.

ولكن أيضا نتيجة تكرار تلك الحوادث التي بدأت تتزايد مؤخرا، ومنها شهر فبراير، أي من حوالي شهرين فقط،  حيث كانت حادثة "أسد الفيوم" المميتة للعامل "سعيد جابر"، الذي كان أحد أشهر حراس الأسود في حديقة حيوان الفيوم، ولقي مصرعه بعد أن هاجمه أسد أثناء تقديمه الطعام للحيوانات المفترسة.

وفجر حادثا طنطا والفيوم خلال العام الحالي 2025، العديد من التساؤلات حول ما هي معايير وإجراءات الأمن والسلامة الواجب توافرها فى عروض السيرك للحيوانات الخطرة، ووسائل الإنقاذ الدفاعية في حال تعرض أي من العاملين بالسيرك لهجوم من الحيوانات المفترسة، ووسائل تأمين مساعد المدرب الذي يربط الحيوانات؟ وأيضا الرقابة على الحالة الصحية للحيوانات المفترسة وخاصة الغذاء ومدى إشباعه وإعطائها الجرعة اللازمة التي تجعلها لا تقترب من الفريسة خاصة أن الأسد عندما يأكل ويشبع يظل 3 أيام ساكنا دون أي محاولات هجوم، ويتراوح متوسط كميات اللحوم التي يتناولها الأسد بين 6 و7 كيلو يومياً، وفقاً لما أقرته وزارة الزراعة، وتختلف احتياجات الأسود لتصل إلى 10 كيلوجرامات يومياً لبعض الأنواع،

 

فعندما يلتهم النمر أو الأسد ذراع ضحية طنطا لمدة 45 ثانية كما يؤكد ذلك الضحية، يطرح التساؤل، أين وسائل الإنقاذ الدفاعية المباشرة من منظمي العرض لاستخدامها والمتعارف عليها أثناء الهجوم عليه سواء المسدسات المخدرة أو طلقات الخرطوش أو خراطيم المياه أو طفايات الحريق أو الشوك المسننة، أي وسيلة توقف النمر مباشرة من استمرار الهجوم، خاصة أن المتعارف عليه في إجراءات السيرك، حصول اثنين من الموظفين على ترخيص سلاح، وكذلك حصول ثلاثة عمال على "شوك" ذات طعنات مدببة لإبعاد الحيوانات في لحظات الهجوم على البشر، ولكن لم تُستخدم هذه الوسائل في حالته.

وتكون المفاجأة أن من يحاولون الإنقاذ هم جمهور العرض، الذي كان يمكنه التعرض للأذى، وأحد العمال فقط ويدعى عم رمضان.

وكان من الطبيعي قيام حي أول طنطا بإزالة  السيرك المتنقل بشكل نهائي، عقب وقوع الحادث وتشكيل لجنة من الطب البيطري لفحص الحيوانات في السيرك.

ومن المؤسف أن تلك الحوادث ليست الأولى من نوعها، وهناك تكرار لحوادث مماثلة من هجوم الأسود على المدربين ومساعديهم داخل السيرك على مدى الأعوام الماضية، منها على سبيل المثال عام 1997، التهم أسد شاباً يدعى "أحمد محمد سليمان" كان يعمل في السيرك، ووظيفته وضع الماء والطعام في أقفاص الأسود، وعام 1984، وقع مدرب السيرك محمد الحلو، نفسه، ضحية لهجوم أسده "سلطان"، حيث هجم عليه فور أن أدار له ظهره، ولم يستطع أحد إنقاذه، فتوفي بعد نقله إلى المستشفى.

وعام 2014، واجه المدرب مدحت كوتة أيضا الهجوم   أثناء أحد العروض، عندما اندلعت مواجهة بين أسد أفريقي وآخر روسي داخل القفص بسبب الغيرة، وحاول كوتة التدخل لفض الاشتباك، لكن الأسد الأفريقي هجم عليه فجأة، ليسقطه أرضاً وانقضت عليه الأسود بصورة جماعية، ولكن تم إنقاذه سريعا حينما اقتحم المدرب عصام الحلو القفص وأطلق النيران في الهواء، مما أجبر الأسود على التراجع، ونُقل كوتة إلى المستشفى.  كما  تعرضت مدربة الأسود فاتن الحلو، لهجوم خطير من أسد ضخم انقض عليها بصورة مفاجئة أثناء رقصها على إحدى الأغاني، وكاد الأسد يفتك بها، وفي عام 2016 لقىطي الشاب إسلام شاهين حتفه، بعد افتراس أسد له خلال عرض للسيرك في قرية الأسد بالإسكندرية التي تم إغلاقها.

ومع تكرار تلك الحوادث، كان لا بد للعودة إلى أنه قبل تاريخ التأسيس الرسمي عام 1952، كانت هناك بداية السيرك في مصر  أواخر القرن التاسع عشر؛ وكان  يشمل مجموعةً كبيرة من  العروض العصرية الحديثة التي تخلو من وجود الحيوانات وخاصة المتوحشة، وهي عروض للمهارة الإنسانية وفن الإضحاك، وعروض للتمثيل الصامت البانتومايم.

ثم ظهرت عائلتا الحلو وعاكف عام 1912 في مدينة طنطا، وكانت تقدّم عروضا يغلب على فقراتها الطابع الاستعراضي والأكروبات، من دون الاعتماد على الحيوانات نهائي.

ثم جاءت فقرة الحيوانات المتوحشة في سيرك الحلو، مع بداية القرن الـ20، حيث وافق الملك فاروق على طلب حسن الحلو ومحمد الحلو، باستعارة أسدين للتدريب.. ومن هنا كانت بداية تقديم للجمهور، عرض الحيوانات المتوحشة.

وهنا يستوجب بنا التوقف، لماذا الإصرار على تقديم عروض الحيوانات المتوحشة، رغم أن السيرك يتمتع بالعديد من الفقرات المتنوعة والشيقة للجمهور وأكثر أماناً وإنسانية، دون التعرض للأذى، خاصة أن هناك دولا كثيرة كبرى قامت بإلغاء تلك الفقرة ومنها حوالي 18 دولة في العالم أوقفت استغلال الحيوانات المفترسة داخل عروض السيرك، من بينها على سبيل المثال فرنسا وإنجلترا وألمانيا، ولم تعد تقتصر العروض سوى على البشر فحسب.

وأصبحت بالفعل هناك الحاجة إلى وقف استخدام الحيوان كوسيلة للتسلية والترفيه، وتوفير المناخ لأولادنا للتمتع بعروض السيرك المختلفة بأمان، مثل   العروض البهلوانية، والموسيقيين، والراقصين، ولاعبي الطوق، ومشّائي الحبل المشدود، ولاعبي الخفة، والسحرة، وراقصي البطن، وراكبي الدراجات الأحادية وغيرها.

 

ألستم تتفقون معي، أنه كان من الضروري قيام محافظة الغربية وحي أول طنطا بالتأكد من كل إجراءات السلامة المطلوب توافرها في السيرك قبل السماح ومنح الترخيص للعمل وتقديم عروضه، وذلك قبل وقوع الحادث وليس بعده، وينطبق ذلك على السيرك المتنقل في كل المحافظات، حفاظا على سلامة العاملين والجمهور أيضا.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز