
إيهاب محمود يكتب: "الحياة السياسية الحقيقية تبدأ من الشارع.. والانحياز للوطن موقف لا يُؤجل"

في زمن اختلطت فيه الأصوات وتباينت فيه المواقف، يظن البعض أن العمل السياسي هو رفاهية تمارس من مكاتب مكيفة، أو من خلف شاشات الحواسيب، أو من على منصات التواصل الاجتماعي. والحقيقة التي يجب أن نعيد تأكيدها كل يوم، أن السياسة الحقيقية لا تبدأ من القمة، بل من القاعدة... من الشارع.
الشارع ليس مجرد طريق تمر منه السيارات والمارة، بل هو البوصلة التي تُحدد وجهة الوطن، وهو المرآة الصادقة التي تعكس مشكلات الناس، وآمالهم، ومعاناتهم، وأحلامهم المؤجلة. ومن لا يلمس نبض الشارع، لا يحق له أن يزعم الفهم أو التمثيل. فالسياسي الحقيقي ليس من يحفظ الشعارات، بل من يخوض الواقع، يسمع لصوت البسطاء، ويفهم احتياجاتهم، ويسعى ليكون جسرًا بين طموحات الناس وقرارات الدولة.
لقد علّمتني تجربتي الشخصية، أن الانحياز للوطن لا يكون في المناسبات فقط، ولا ينتظر الأزمات الكبرى ليظهر، بل هو موقف يومي، يتجلى في كل قرار، وكل كلمة، وكل فعل. الوطن ليس شعارًا نرفعه وقت الانتخابات، بل هو التزام دائم، وولاء لا يُشترى، ومسؤولية لا تقبل التأجيل.
ومن هنا، فإن دعم القيادة السياسية الرشيدة واجب وطني لا يقل أهمية عن النزول إلى الشارع والاستماع للناس. لقد أثبت الرئيس عبد الفتاح السيسي، في كل المراحل الحرجة التي مرت بها مصر، أنه قائد يتحرك من منطلق الإيمان العميق بهذا الوطن، ويعمل ليل نهار من أجل مستقبله. الوقوف إلى جانب الرئيس هو وقوف إلى جانب الاستقرار، إلى جانب مشروع وطني كبير يعيد بناء الدولة على أسس قوية وعدالة شاملة.
إن ما تحقق على أرض الواقع خلال السنوات الماضية – من مشروعات قومية عملاقة، وإصلاحات اقتصادية جريئة، وتمكين حقيقي للشباب – يؤكد أن لدينا قيادة تسير في الاتجاه الصحيح، لكنها تحتاج إلى ظهير شعبي وسياسي واعٍ، يحمل الراية من الميدان، ويكمل المسيرة على الأرض.
عندما نقرر الانخراط في الحياة العامة، فنحن لا نمارس ترفًا، بل نمارس واجبًا وطنيًا. ولا بد أن نواجه الحقيقة: ما لم يكن المواطن شريكًا في القرار، وما لم يجد من يمثله بحق، فسنبقى ندور في حلقات مفرغة من الوعود التي لا تُنفذ، والخطط التي لا تصل للناس.
إن مسؤوليتنا كسياسيين، ليست فقط في تقديم برامج انتخابية جذابة، بل في أن نكون صوت الناس داخل أروقة صنع القرار، أن نحمل همومهم ونتحدث بلغتهم ونحارب من أجل حقوقهم، لا أن نكتفي بإدارتها من بعيد.
الانحياز للوطن لا يُؤجل، لأنه يعني الانحياز للحقيقة، للعدالة، للكرامة الإنسانية. يعني أن نكون حيث يجب أن نكون، حتى لو كان الثمن غاليًا. فالمواقف لا تُقاس بالشعارات، بل بالفعل على الأرض.
ومن هنا، فإنني أؤمن بأن التغيير لا يصنعه فرد، بل يشارك فيه الجميع. وأن الشارع، حين ينهض ويعبّر عن نفسه، يكون هو القوة الدافعة لكل إصلاح حقيقي. السياسة تبدأ من هناك، من حوار صادق مع الناس، من استماع متواضع لهم، ومن بناء جسور الثقة بينهم وبين من يمثلهم.
ختامًا.. أدعو كل من يحمل هم هذا الوطن أن ينزل إلى الشارع، لا للاحتجاج فقط، بل للفهم والعمل والبناء. وأن يدرك أن الوقوف خلف قيادتنا السياسية هو جزء من الدفاع عن الوطن، وعن حلمه في مستقبل أفضل لكل المصريين.