عاجل
الخميس 4 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
اعلان we
البنك الاهلي

محمد دياب يكتب: من مدرسة بحر البقر إلى أنقاض غزة

في الوقت الذي تتساقط فيه أجساد أطفال غزة تحت القصف الإسرائيلي الغاشم، تعود بنا الذاكرة إلى واحدة من أبشع الجرائم التي عرفها التاريخ الحديث، جريمة لا تسقط بالتقادم، ولا تغيب عن وجدان كل مصري، مهما مرّت السنوات.



 

مذبحة بحر البقر ليست مجرد حادث عابر في سجل العدوان الصهيوني، بل وصمة عار في جبين الإنسانية جمعاء، وجرس إنذار يدق كلما حاول العالم أن يتغافل عن حقيقة هذا الكيان الإرهابي، الذي لم يتورع لحظة عن ارتكاب أفظع المجازر بحق الأبرياء.

 

في 8 أبريل 1970، استيقظت مصر على كارثة، عندما قامت طائرات الفانتوم الإسرائيلية بقصف مدرسة بحر البقر الابتدائية، بمحافظة الشرقية، وهي مدرسة لا تحتضن سوى أطفال لا يعرفون من الحياة سوى أحلامهم الصغيرة وأصوات أناشيد الصباح. سقط 30 طفلاً شهيداً، وأصيب العشرات، وتحوّلت الفصول الدراسية إلى برك من الدماء، واختلطت الأحذية المدرسية بالكتب الممزقة والدفاتر الملطخة بالدم.

هذه الجريمة البشعة كشفت – ولا تزال – عن الوجه الحقيقي لدولة قامت على الدم والخراب، دولة لا تعرف للسلام معنى، ولا تفرق بين جندي ومدني، ولا بين مقاوم وطفل يحمل كراسة.

واليوم، بعد أكثر من خمسين عاماً، يُعاد نفس المشهد، ولكن هذه المرة في غزة. ذات الطائرات، ذات الهمجية، ذات الوحشية، وذات الصمت الدولي القبيح! الأشلاء الممزقة، الصغار الذين يُنتشلون من تحت الأنقاض، اللوعة في عيون الأمهات، كلها مشاهد لم تتغير، فقط تبدّل المكان، أما الجاني فهو هو، لم يتغير، ولن يتغيّر.

مذبحة بحر البقر لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة، طالما استمر العالم في التواطؤ، وطالما بقيت الحكومات الغربية تغطي على جرائم الاحتلال تحت شعارات زائفة عن "الدفاع عن النفس".

إن صمت المجتمع الدولي ليس فقط جريمة، بل هو تواطؤ صريح ومكشوف. وإن تجاهل ما يحدث في غزة اليوم، بعد أن تجاهل مذبحة حر البقر بالأمس، هو خيانة لكل معاني العدالة والضمير الإنساني.

آن الأوان أن نُسمع صوتنا عالياً: لن ننسى بحر البقر، ولن نسكت عن غزة. وسنظل نذكّر العالم: الدم لا يُمحى، والحق لا يموت، والمجرم يجب أن يُحاسب.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز