عاجل
الثلاثاء 25 مارس 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي

الفنان ياسر الطوبجى فى حوار لـ«روزاليوسف»: المسرح الكوميدى أصبح له جمهوره وتمكن من استقطاب الأسرة

الكوميديان المتنوع.. يأسر الفنان ياسر الطوبجى قلوب متابعيه بأدوار متعددة الأوجه يترك بصمة واضحة حتى ولو كان مجرد ضيف شرف؛ شارك هذا العام فى أكثر من عمل درامى خلال الشهر الكريم؛ علاوة على استمراره فى أداء مهام عمله مديرًا للمسرح الكوميدي؛ فهو لم يكتف بلعب الكوميديا كمشخصاتى متقلب المزاج متعدد الأوجه.. بينما له وجه آخر فى فلسفة وإدارة الأعمال الكوميدية التي ينتجها المسرح الكوميدى التابع للدولة.. عن الكوميديا وفلسفة إدارتها تحدث الطوبجى فى هذا الحوار فإلى نصه:



 

■ بعد تولى منصب مدير المسرح الكوميدى هل تمكنت من تحقيق طموحك بإدارة هذا المكان؟

- أكثر ما أسعدنى فى هذا الاختيار هو ارتباطه بما أحب ..”الكوميديا” كان همى الأول إعادة الفرقة إلى هويتها؛ لأننى اكتشفت أنهم يقدمون عروضًا بعيدة عن الكوميديا بينما الفرقة عنوانها “المسرح الكوميدى” وأعتقد أنه ليس هناك عنوان أسهل من ذلك لتحديد هوية مكان؛ وبالتالى لا بد أن يحمل العرض عناصر إدخال البهجة على الجمهور سواء الموضوع أو تقديم أنواع مختلفة من فن الكوميديا سهرة لطيفة يضحك فيها الجمهور دون استظراف أو اسفاف؛ لذلك أعتبر اختيار الموضوعات وبنائها إحدى مسؤولياتى لأننى لا أعتبر نفسى مجرد منتج منفذ؛ أنا هنا منتج فنى من قلب العملية الفنية؛ أحب المشاركة فى بناء المشروع من مرحلة الكتابة؛ لأن الكتابة هى حجر الأساس لأى عمل فني؛ حتى ولو المنتج أساء استغلال الورق الجيد أو الممثلون ليسوا على قدر عال من الجودة يبقى الورق محتفظًا بروحه وجودته.

■ بعد اطلاعك على الكثير من النصوص هل ترى أن هناك أزمة فى الكتابة للكوميديا تحديدًا؟

- بالتأكيد هناك أزمة كتابة فى الدراما بشكل عام سواء السينما أو المسرح أو التليفزيون؛ سببها فى الأساس يعود إلى أننا افتقدنا الرواية الجيدة؛ الرواية عموما أصبحت غير موجودة فى الأدب مثلما كانت رائجة من قبل للعديد من الكتاب الكبار؛ هذا أثر على الكوميديا والفن بشكل عام؛ أصبح ليس هناك قصة من الممكن تحويلها إلى وسيط فنى آخر؛ وبالتالى أصبحنا نعتمد على مصادر أجنبية و اعمال مقتبسة؛ فكرة الاقتباس ليست جديدة لكن المهارة فى كيفية تمصير العمل ووضعه فى البيئة المناسبة لنا؛ على سبيل المثال نموذج “إشاعة حب” كيف تم تمصيره فى بيئة مصرية بمحافظة بورسعيد وتعمد وضعه فى بيئة مغلقة حتى تنتشر الشائعة بسهولة؛ هكذا كان يفعل نجيب الريحانى وبديع خيرى وفؤاد المهندس وعبد المنعم مدبولي؛ أغلب أعمالهم كانت عن روايات فرنسية تم وضعها فى بيئة مصرية كان الإبداع بينهم مثل فيض المطر لكن اليوم المسألة أصبحت شحيحة.

■  كيف تواجه هذه الأزمة؟

- أسعى دائما للبحث عن كتاب جيدين وبحكم الخبرة أصبحت أكشف بسهولة الحوار الكوميدى المكتوب بخفة روح من الحوار المكتوب لمجرد ملي فراغ للضحك بلا هدف؛ مهم جدا التنسيق مع المؤلف والجلوس معه ومنحه مساحة من الوقت حتى يخرج النص على أكمل وجه؛ لأنه من السهل الاستعانة بأى شخص “مضحكاتي” أو يركب إفيهات؛ لكن ما يعنينى فى الكتابة كيف تم بناء الموقف الكوميدى يجب أن يكون منضبطا وصناعة سوء التفاهم تكون منضبطة.

■ ما الفرق بين الكوميديان و”المضحكاتي”؟

- “المضحكاتي” أحيانًا تكون وظيفة هناك شخص يقوم بتركيب الإفيهات للعمل الفنى أو يقوم بإعادة تصحيح السيناريو أو بـ”يصلح افيهات” هذا كان منهجًا يستخدم فى بعض الأحيان لكنه أصبح نادرًا اليوم؛ أصبح الاعتماد الأكبر على الممثل نفسه لأن المسألة أصبحت أقرب إلى الاستسهال وهو آفة العملية الفنية اليوم.

■ هناك كتاب يرفضون الحذف أو الإضافة على النص..كيف ترى هذه المدرسة؟

- بالطبع اختلف مع هذه المدرسة لأنه فى مجال الكوميديا على وجه التحديد لا بد أن يترك المؤلف مساحة ولو صغيرة للارتجال المنضبط من روح الشخصية.

■ هل من الصعب تقييد الكوميديان بمساحات محدودة من الضحك؟

- لابد أن أترك له مساحة من الحرية بانضباط؛ لدينا عرف أو قاعدة نسير عليها باللعب على “الكوميديا الآمنة”؛ بمعنى أننى يجب أن أكون واعيًا أثناء إضافة الإفيه على هذه الشخصية..وأسأل نفسى هل هذه الشخصية فى هذا الموقف الدرامى يحتمل أن تقول هذا الإفيه أم لا يحتمل؛ الحياة نفسها بها ضحك ودراما فهل هذا الموقف يسمح بالهزار؛ وبالتالى لا بد أن يكون لدى الكوميديان هذا الوعى بإمكانية الإضافة والحذف.

■ هل الكوميديان طماع؟

- بالتأكيد خاصة إذا حدث تفاعل شديد مع الجمهور فى ليلة من ليالى العرض وأصبح الموقف يحمل حرارة كبيرة فى الأخذ والرد والضحك لأن المسرح لقاء مباشر مع الممثل يأخذ رد الفعل فى نفس اللحظة؛ لكن لا بد أن يكون هناك قدرة على التحكم أمام الجمهور خاصة إذا حدث فى يوم فتح من هذه الفتوحات الإلهية؛ هذا فى رأى مسموح به فى ليلة واحدة لكن إذا لم يتم تنقية أو “فلترة” هذه الافيهات على المسرح أثناء لحظات التجلى قد تفرط المسألة من أيدينا؛ قد نقوم بتثبيت بعض الافيهات وإلغاء الأخرى بما يخدم مصلحة العمل الفنى والضحك أيضا؛ لأننى دائما أقول لأى كوميديان يصر على التمسك بإعادة افيه لا يعجب الجمهور أنه يأكل منه ومن رصيده خاصة إذا تمت تجربة هذا الإفيه على ثلاثة أنواع من الجماهير وحدث نفس رد الفعل؛ الكوميديان الذكى يتخلى عنه فورًا.

■ هل يتقبل صناع العمل تدخلك فى بناء العمل الفنى أو اختيار الأبطال؟

- رأيى فى النهاية استشارى أقدمه بمنتهى الحب والود؛ لكن القرار النهائى فى يد المخرج؛ بالتأكيد قد تحدث خلافات فى وجهات النظر لأننى اقترح اقتراحات ويستقبلها الناس بمرونة سواء بالتقبل أو الرفض دون تعمد فرض رأى على أحد؛ من يعمل معى يعمل بحب شديد وكل من أتى المسرح الكوميدى يعلم قدرى وقيمتى فى هذا المجال ونحن فى النهاية نرغب فى تحقيق النجاح معا من أجل مصلحة العمل.

■ هل من الصعب قيادة وتوجيه الكوميديان؟

- دائمًا إذا وصل شخص لمرحلة الغرور أو الرضا عن نفسه هنا تكون بداية السقوط والفشل؛ حتى إذا وهبنى الله كاريزما وقدرة على صناعة البهجة لا بد ألا استسهل لأن الفن لعبة قائمة على الشغف يحتاج للمرونة الدائمة.

■ عادة ينظر للمسرح الكوميدى أنه المنافس للقطاع الخاص هل حققت طموحك بصنع هذه المنافسة؟

- قدمت ثلاثة عروض منذ تولى إدارة المسرح الكوميدي؛ واليوم استطيع أن أقول إن مسرح ميامى صنع حالة جماهيرية خاصة فى منطقة وسط البلد أصبح له رواده بغض النظر عن من هو بطل العرض؛ المكان يقدم عروضًا جيدة وهذه سمعته الحالية والناس تأتى بناء على هذه السمعة؛ على سبيل المثال فى مسرحية “العيال فهمت” أضفت شخصية الطفل “علي” وقمنا بغزلها فى الكتابة حتى استقطب جميع أفراد الأسرة؛ اليوم هناك أطفال جاءوا مع أهلهم خصيصًا من أجل “علي” كما ذكرت المسرح يستهدف الأسرة المصرية بكل عناصرها نقدم أعمال كوميديا اجتماعية خفيفة تحمل رسائل إنسانية بسيطة؛ قدمنا “طيب وأمير”؛ ثم “العيال فهمت” كوميديا موسيقية ثم نستعد هذه الفترة لتقديم كوميديا رومانسية فالمشروع بالنسبة لى هو البطل وقائد المشروع كابتن الفريق.

■ فى زمن مضى كان لكل كوميديان شخصية وأسلوب فى صناعة الضحك..عادل إمام وفؤاد المهندس وسمير غانم وسهير البابلى ومحمد صبحى كل منهم صاحب مدرسة لماذا افتقدنا اليوم هذه الحالة؟

- هذا سؤال معقد لأن الموضوع له علاقة بآليات السوق الذي طاله الاستسهال بشكل كبير وتحول الأمر إلى “بيزنس” أكثر من صناعة فنية؛ النظرة المادية طغت على القيمة الفنية؛ وأصبح ليس لدينا رفاهية الفنان الذي يجلس موسم كامل حتى يتمكن من اختيار الموضوع المناسب له؛ كما أن المسألة متعلقة بوعى الفنان نفسه كيف يصنع لنفسه شخصية بينما فى ظل ضغط السوق أصبح الموضوع أصعب من هذا الزمن الجميل؛ إلى جانب أن مواقع التواصل الاجتماعى ميديا حديثة هذه الميديا الجديدة تؤثر وبشدة على كل أنواع الميديا السابقة وبالتالى أثرت على شكل تلقى الضحك بالنكتة السريعة؛ لكن رغم كل شيء تبقى الكوميديا لها طعم ومذاق خاص لأنها موهبة لا تعلم ولا تدرس علم التمثيل من الممكن أن يدرس كما أنه من الممكن تدريس الكوميديا كعلم أو استغلال مهارات ممثل فى صناعة الضحك مثل عمر الشريف فى “إشاعة حب” وثنائى صلاح ذو الفقار وشادية لكن خفة الظل لا يمكن تعلمها. 

■ هل تشعر بالظلم فى ظل هذه المنظومة الضاغطة؟

- كثيرون مثلى لديهم نفس الشعور لأننى لم أخرج 10% مما أحلم به لكن المناخ العام سريع والذاكرة أصبحت محدودة زمان كان الموضوع يثبت فى الذاكرة؛ كما أننى أشبه الكوميديا بكرة القدم لأنها تشبه اللعبة الجماعية هناك الهداف ثم “رأس الحربة”؛ “ خط الوسط” الذي “يباصي” ..و”يفرش” ..”الإفيه مظبوط” أو بمعنى آخر صداد للإفيه حتى إذا كان الافيه أمامه واقع يعرف “يحط الجون” وهناك تعبير آخر دارج بيننا أن “أمركر” الافيه أعيده من جديد لأبرزه بطريقة معينة ملفتة ومثيرة للضحك كان يلعبها بحرفية شديدة الفنان الراحل حسن حسني؛ وعلى النقيض..”فى واحد يقعد على الإفيه يبططه”.

■ لماذا لا تؤخذ الكوميديا على محمل الجد؟!

- هذا السؤال أطرحه منذ سنوات خاصة أن الكوميديا تتناول موضوعات مهمة وقد تحمل رسائل قوية بطريقة أسهل وأبسط وأعمق لكن حتى هذه اللحظة لم أصل إلى إجابة شافية على هذا السؤال؛ لماذا ينظر للكوميديا هذه النظرة الدونية الكوميديا مظلومة منذ عهد “أرستوفان” هل لأنه سخر من التراجيديا فأصبح هذا موروث ثقافى لا أعلم!

■ شاركت فى مسلسل “النص” هذا العام وهو يقدم نوعًا مختلفًا من الكوميديا فى حقبة زمنية أخرى..حدثنا عن هذه المشاركة وعن التعاون مع أحمد أمين؟

- شاركت فى النصف الأول من الشهر الكريم فى أكثر من عمل فنى منهم “جودر” فى دور رئيسى من العام الماضى شخصية سالم وسليم اخوات جودر فى الحدوتة وهو عمل مشرف للغاية للكاتب أنور عبد المغيث كتبه بسلاسة شديدة لغة شارحة نفسها سهلة الحفظ؛ ثم شاركت فى “عقبال عندكوا” مع ايمى وحسن الرداد؛ و”الكابتن” مع صديقى أكرم حسني؛ ثم “أشغال شقة جدًا” مع هشام ماجد الذي أحبه على المستوى الشخصى والإنسانى هو من ايقونات الكوميديا لأنه ماهر ومبتكر فى صناعة الضحك يعلم جيدًا كيف يبتكر الموقف الكوميدى وكان بيننا تعاون سابق فى مسلسل “اللعبة”؛ “النص” مسلسل مختلف يدور فى حقبة زمنية أخرى مأخوذ عن مذكرات “عبد العزيز النص” النشال فى العشرينيات؛ العمل مستوحى من هذه المذكرات كل ما قدم معتمد على خيال المؤلف؛ قدمت دور المونولوجست سراج والعمل يحتوى على أغنية لحنها شادى مؤنس أعجبنى المولونوج لأنه كتب بالفعل من وحى أجواء هذه الفترة حاولت الاقتراب من تركيبة الشخصية فى هذا الوقت من خلال شكلها الخارجى وطريقة أدائها مع صديقى حمزة العيلى سعدت بهذا المسلسل للغاية؛ أما أحمد أمين الحقيقة لم تجمعنا مشاهد لكن حدث موقف طريف جدًا فى اليوم الأخير قدمنا مشهدًا مرتجلًا وقت الحريق بشكل سريع؛ لم يتمكن المؤلفون من كتابته فى عجالة وبالتالى قررنا الارتجال أمام الكاميرا على الهوا والمفاجأة أنه تم المشهد من أول مرة بيننا بلا جهد وكأنه مكتوب من قبل؛ أحمد أمين مرتجل خطير.. كوميديان متعدد المواهب لديه قدرة على الإبداع؛ وبالمناسبة هو صاحب مدرسة خاصة فى الكوميديا تبدو سهلة وبسيطة لكنها شديدة الصعوبة.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز