الخميس 20 مارس 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي

المهندس أمجد المناوي يكتب: رمضان مدرسة التسامح والعفو وصفاء القلوب

في رمضان، حيث تتنزل الرحمات وتصفو النفوس، تتجلى أسمى معاني التسامح والعفو، تلك القيم التي لا يقدر عليها إلا العظماء، والتي تجعل من هذا الشهر فرصة عظيمة لإعادة بناء العلاقات، وتطهير القلوب من الأحقاد، واستبدال الضغائن بالمحبة؛ ففي هذا الشهر الفضيل، نتعلم أن الصيام لا يقتصر على الامتناع عن الطعام والشراب، بل يمتد ليشمل صيام القلب عن الكراهية، وصيام اللسان عن الأذى، وصيام النفس عن التمسك بالماضي ورغبة الانتقام.



وكما أن رمضان هو شهر الرحمة والمغفرة، فإنه أيضًا الشهر الذي تتجلى فيه حكمة العفو، فالله سبحانه وتعالى يبسط يده لعباده ليتوبوا ويطلبوا عفوه، فكيف لا نتحلى نحن بصفة العفو فيما بيننا؟! كيف نرجو مغفرة الله ونحن نحمل في قلوبنا ضغينة تجاه الآخرين؟! العفو والتسامح في رمضان ليسا مجرد فضيلتين عابرتين، بل هما منهج حياة يفتح أبواب السلام الداخلي، ويحرر الروح من قيود الماضي التي تعيق التقدم. يقول الله تعالى: “فمن عفا وأصلح فأجره على الله”، وهو وعد صريح بأن العفو ليس فقط سلوكًا محمودًا، بل هو باب عظيم للأجر والرضا الإلهي.

إن التسامح في رمضان يرفع درجاتنا، ويقربنا من روح هذا الشهر الكريم، فهو شهر الغفران، فكما نرجو من الله أن يغفر لنا زلاتنا، علينا أن نغفر لغيرنا زلاتهم، وكما نأمل أن يُمحى سجل أخطائنا، فلنمحو من قلوبنا آثار الخلافات والخصومات؛ إن رمضان يعلمنا أن القوة الحقيقية ليست في القدرة على الرد بالمثل، بل في ضبط النفس، وكبح الغضب، والارتقاء فوق المشاعر السلبية، تمامًا كما قال النبي ﷺ: “ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب”.

كما أن الصيام يطهر الجسد من السموم، فإن العفو يطهر القلب من الأحقاد، فالقلب الذي يسامح يكون أخف حملًا، وأكثر صفاءً، وأقرب إلى السعادة الحقيقية؛ في رمضان، تُفتح أبواب الجنة، وتصفد الشياطين، ويبقى التحدي الأكبر في تهذيب النفس، فهل نغتنم هذه الفرصة لننقي أرواحنا مما يُثقلها، ونمنحها صفاءً يستحقه هذا الشهر العظيم؟ هل نقرر أن نخرج من هذا الشهر بقلوب نقية، لا تحمل إلا الحب، ولا تعرف إلا الصفح؟

خلاصة القول.. رمضان هو فرصة جديدة، ليس فقط للتقرب إلى الله بالعبادات، بل أيضًا لإعادة بناء علاقاتنا مع الآخرين، بنية صافية وقلب متسامح؛ فمن أراد أن يخرج من رمضان بروح نقية، فليتعلم كيف يسامح، وكيف يعفو، وكيف ينقي قلبه من رواسب الماضي؛ فبالتسامح نرتقي، وبالعفو نزداد قوة، وبرمضان نجد الفرصة الأعظم لنحيا بسلام داخلي حقيقي؛ فالحياة أقصر من أن تُهدر في الكراهية، وأجمل حين تُعاش بقلوب نقية لا تعرف إلا الخير.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز