
محمد درويش يكتب: يوم الفرقان غزوة بدر الكبرى

هو يوم اندحار الشرك وفلول الظلام هذه الثلة المؤمنة التي جمعها حبيب الله ﷺ برأفته ورحمته من الضعفاء والمساكين تقاتل اباطرة الكفر وزعماء الغرور. أنوار الهداية في مواجهة خفافيش الظلام وجه لوجه. مقابلة ظن زعماء القريش بغرورهم انها محسومة لصالحهم بعددهم وعتادهم ولكن كان للسماء رأي آخر هذه الفئة الصابرة الزكية التي تجرعت صنوف الايذاء وألوان التنكيل ستلقن ائمة الكفر درسا لن ينسوه أبدا وسيخرج الكفر ذليلا يلعق جرحه بغارة هؤلاء الصادقين الطاهرين. لقد جمعهم الرسول الأعظم ﷺ وجعل من هؤلاء البسطاء قادة ورجال لايهابون ولا يتهيبون وها هو الرسول يقف عالي الرأس كالطود الاشم في ساحة البدر يزيده وغى الحرب واصطلام الفرسان ألقا ونورا وعظمة.
انه يوم من أيام الله حقا ظهرت فيه بطولات وملاحم تشبه المعجزات هنا في منطقة بدر في الجنوب الغربي من المدينة المنورة وفي الشمال من مكة المكرمة وقعت أول غزوة في تاريخ الإسلام وفي اليوم السابع عشر من شهر رمضان خلال العام الثاني للهجرة وكانت بين المسلمين بقيادة الرسول الكريم صل الله عليه وسلم وبين قبيلة قريش ومن معها من القبائل العربية بقيادة عمرو بن هشام القرشي.
كانت بداية المعركة عندما خرج الرسول ﷺ خلال شهري جمادي مرحبا الأول وجمادي الاخرة من السنة الثانية للهجرة من أجل اعتراض عير لقريش كانت متوجهة الي بلاد الشام من مكة وكان برفقته مائة وخمسون من المهاجرين وكانت العير بقيادة أبي سفيان ولكن عند وصول المسلمين الي منطقة ذي العشيرة وجدوا ان العير فاتتهم بأيام فعندما اقترب موعد عودة العير من الشام باتجاه مكة المكرمة بعث الرسول صلي الله عليه وسلم الصحابي طلحة بن عبيد الله وبرفقته سعيد بن زيد باتجاه الشمال لمعرفة اخبار العير حيث كانت العير عبارة عن قافلة تجارية محملة بالاموال ويحرسها ثلاثة واربعون فارس من قريش وكانت هذه القافلة تحتوي على جزء كبير من أموال المهاجرين التي استولت عليها قريش ولذلك طلب الرسول من أصحابه الخروج قائلا هذه عير قريش فيها أموالهم فاخرجوا إليها لعل الله ينفلكموها.
ولكن الرسول الكريم ﷺ لم يتوقع القتال بهذا الخروج وتمكن ابو سفيان من الفرار بالقافلة وأرسل رجالا لنجدتهم وتم ذلك وكان تعداد جيش المشركين ١٠٠٠مقاتل وعدد المسلمين ٣١٣ مقاتل أي أن جيش الكفار كان ثلاثة أضعاف عدد المسلمين ودار القتال واظهر المسلمون بسالة وفداء منقطع النظير وكان اسد هذه المعركة هو الإمام علي بن أبي طالب حيث قتل نصف قتلى المشركين الذين بلغوا ٧٠ رجلا في حين استشهد من المسلمين ١٤ رجلا واغتنم المسلمون من قريش غنائم كثيرة وهو الأمر الذي أدى إلى قوة شوكة المسلمين وانتعاش اوضاعهم الاقتصادية والمادية. وظهرت في هذه الغزوة الماجدة العديد من المعجزات منها نزول الملائكة تقاتل مع المسلمين ويروى ان عددها خمسة الاف من الملائكة الأخيار الأطهار.
روى البخاري عن رفاعة بن رافع جاء جبريل الي النبي صل الله عليه وسلم قال ماتعدون اهل بدر فيكم؟ قال من أفضل المسلمين قال وكذلك من شهد بدرا من الملائكة...وصدق الله تعالى إذ يقول (وما جعله إلا بشرى لكم ولتطمئن قلوبكم وما النصر الا من عند الله العزيز الحكيم) آل عمران آية ١٢٦.
ولا شك ان يوم بدر هو يوم مشهود له خصوصية خاصة فهو انبلاج لفجر الإسلام وللدعوة الوليدة وتأكيد على قوة ايمانها وصعوبة مراسها فضلا على ان هذا اليوم كان على مدار تاريخ الأمة الإسلامية. يوم نستلهم منه البطولة والاقدام في معارك المسلمين قديما وفي العصر الحديث.
أما أهل بدر.. وما أدراك ما أهل البدر فهم ثلة مباركة وهم خير الصحابة الكرام عليهم الرضوان ويكفي ماجاء في الأحاديث الصحاح ان الله قد غفر لهم وأوجب لهم الجنة.
وعدد هؤلاء الكرام ٣١٣ صحابي وقد اجمع الأخيار من أمة النبي ﷺ على أن التوسل بأهل بدر يفرج الله به الكروب والهموم وينصر به المظلوم فاللهم من أنوار هؤلاء الطاهرين قبسا ومن أسرارهم مددا يخلصنا من همومها الدنيا وكروبها.