
إيمان ضاهر تكتب: إنها مصرُ فانطلقْ يا لساني.. رُبَّ حُبٍّ أقوى من الأوزانِ

هِبةُ اللهِ من قديمِ الزمانِ هنا في رمضان العظيم يجتمع التاريخ مع الجمال، إنها مصر أم الدنيا، إنها مصرُ فانطلقْ يا لساني. إنها مصر، أرض الفراعنة، التي لا تتوقف عن إبهارنا. نها مصر في رمضان، فن اكتشاف تقاليد عمرها اكثر من ألف عام. بالإضافة إلى ماضيها المجيد، فإن تقاليدها التي تمتد لقرون عديدة لا تزال تعيش ولن تموت أبدا. إنها مصر في رمضان وشعار "صنع في مصر" من الفانوس وأغنيات المسحراتي والزينة المبهجة والترفيه. ومن بين العادات التي تجعل المصريين فخورين في هذا الشهر الكريم هي "الفانوس" أو فوانيس رمضان. تُضاء جميع الشوارع والبيوت بالفوانيس، حيث تتنافس بالأضواء والديكورات الرائعة. يحرص سكان كل منطقة على اقتناء أجمل الفوانيس. في الليل، يكون المنظر خياليا ساحراً، رغم أن تاريخ الفانوس يعود إلى العصر الفاطمي، فإن هذا التقليد الذي يعود تاريخه إلى قرون مضت، والذي يعتبر إرثًا تاريخيًا، يظل متجذرًا بعمق في الثقافة المصرية. القصة؟ منذ زمن بعيد، عندما وصل الخليفة الفاطمي المعز لدين الله إلى مصر ليلاً في شهر رمضان، ذهب السكان لاستقباله والترحيب به واستقبلوه بالأذرع المفتوحة والمضاءة بالفوانيس. ويقال أيضًا إنه خلال الشهر الفضيل، كان الأطفال يطرقون الأبواب للحصول على الحلويات والمعجنات. وبما أن الشوارع كانت مظلمة للغاية عند حلول الليل، فقد اضطروا إلى إضاءة طريقهم بالفوانيس. ومنذ ذلك الحين اعتاد جميع الأطفال على شراء الفوانيس خلال شهر رمضان والتجول بها وهم يغنون. في حين كانت الفوانيس في الماضي مصنوعة من الحديد والزجاج الملون، أصبحت اليوم مصنوعة من البلاستيك ويتم إضاءتها بالمصابيح. انها مصر في رمضان، حلو ياحلو، رمضان كريم ياحلو وموائد الرحمن وتوزيع الصدقات على المحتاج. شهر رمضان يجسد أوقاتا من المشاركة والتضامن الاجتماعي، ويتم الاحتفال به في مصر في أجواء خاصة. على طول الشوارع، يتم نصب خيام خيرية تسمى "موائد الرحمان". وتسود أجواء عطرة ومحبة بين أرجاء "موائد الله" ويتم تقديم وجبات دسمة. أليست أكبر الموائد في كل اقطار العالم؟ لا يوجد طبق محدد لشهر رمضان. فالطاولة تزينها ملذات مختلفة. تقضي التقاليد بكسر الصوم بتناول عصير جوز الهند والتمر. يتأثر المصريون بالمعجنات التركية، ويحبون الكعك الحلو مثل الكنافة.دع نفسك تنجرف مع الروائح الجذابة التي تنتشر في كل انحاء المحروسة، في الأسواق الصاخبة. تخيلوا هذه الولائم الجماعية، التي يصل طول بعضها إلى ألف متر، مشهدًا مهيبًا ومؤثرًا في آن واحد يغمره العطاء والالفة. وبعد أذان الصلاة، يتوافد المصلون على المساجد بالآلاف. ويؤدون صلاة المغرب، ثم يعودون إلى أهاليهم لتناول وجبة الإفطار. وبعد ذلك يعودون إلى المساجد لأداء صلاة العشاء وخاصة صلاة التراويح التي تغمر الهواء بألحان مؤثرة، تنسج حجاباً من الروحانية يمس حتى غير المؤمنين. هذه اللحظات من الروحانية الجماعية ليست إلا رؤية فريدة من نوعها للحماس الذي يحرك الشعب المصري خلال هذا الشهر المقدس؟. إنها مصرفي رمضان، وحب الصلاة بين الازهر الشريف وجامع سيدنا الحسين. الأزهر، أليس هو المسجد الأكثر شهرة وجمالا في القاهرة وقد تم بناؤه في عام ٩٧٠م. يقع في قلب القاهرة ، وتحيط به واحدة من اعرق الجامعات العاملة باستمرار مصر أم الدنيا ومساجدها، أليست جواهر معمارية حقيقية، وكأنها بفعل السحر، حيث تبرز مآذنها النحيلة في مواجهة سماء الصحراء المرصعة بالنجوم؟. ويتجلى جوهر المجتمع المصري في هذه الليالي المباركة حيث تستمر المؤسسات التقليدية في نشاط حتى ضوء النهار الأول، بينما تحافظ العائلات على طقوس الإفطار التقليدية. يدعم هذا الترابط اليومي في بناء تواصل عميق بين الجيران والأصدقاء، مما يخلق فسيفساء اجتماعية فريدة من نوعها. ليكتشف الزوار مصر الأصيلة، التي تتخللها العادات التي يعود تاريخها إلى قرون مضت، حيث يتناغم كل موقع تجاري وسياحي مع صوت الإيقاعات الخاصة بهذا الشهر المبارك. إنها مصر في رمضان، القاهرة التي ترتدي عبائاتها الليلية الفريدة في الشهر العظيم. القاهرة، هذه المدينة القديمة ذات الألف مئذنة، تكتسي بهالة سحرية خلال شهر رمضان، وتتحول إلى مشهد حي من الإيمان والتقاليد. تخيل أنك تتجول في أزقتها القديمة، حيث ترقص الأضواء المتلألئة على واجهات المباني التاريخية، مما يخلق مشهدًا ساحرًا يأسر روح اي مسافر. إن هذا الشهر التاسع من التقويم الهجري ليس مجرد فترة صيام، بل هو احتفال نابض بالحياة يجعل قلب مصر ينبض على لحن خالد لتقاليدها العريقة. رمضان والقاهرة الخديوية للسحور ، وميدان احمد عرابي التراثي حيث الفضاء الواسع والمنمق. من ضفاف النيل إلى شوارع القاهرة القديمة الصاخبة، كل خطوة ستقربك من جوهر هذا التقليد القديم. ستشاهد كيف تمتزج الحداثة والتقاليد بانسجام، مما يخلق تجربة فريدة ستبقى محفورة في ذاكرتك. انها مصر ارض الخير. سواء كنت تبحث عن السفرة الشهية، أو تجارب روحية، أو مجرد مغامرة ثقافية ليس لها مثيل، فإن شهر رمضان في مصر يعدك بأن يكون رحلة تترك انطباعًا دائمًا على روحك وحواسك. دع نفسك تغمرك سحر ليالي رمضان، حيث تبدو قصص ألف ليلة وليلة وكأنها تنبض بالحياة. وأخيرا،
ادخلوا "مصرَنا" بكلِّ أمانِ وتجلِّي الإله في الطُّورِ يكفي لكِ عزاً يا مصرُ في الأكوانِ والتراتيلُ في مديحكِ تَتْرى في سطورِ الإنجيلِ والقرآنِ.
أستاذة في الأدب الفرنسي واللغات، والفن الدرامي من جامعات السوربون في باريس.