عاجل
الثلاثاء 11 مارس 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي

سلسلة عباقرة الحضارة الإسلامية

أحمد الجمال يكتب: الحلقة الثامنة: الحسن بن الهيثم.. أمير النور ومخترع الكاميرا ورائد علم البصريات

 "من أحب الله تعالى أحب رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم، ومن أحب الرسول العربي أحب العرب ومن أحب العرب، أحب العربية التي نزل بها أفضل الكتب على أفضل العرب والعجم، ومن أحب العربية عني بها وثابر عليها، وصرف همته إليها"



             وُلد ابن الهيثم في البصرة سنة 354هـ / 965م في مُدَّةٍ كانت تعد العصر الذهبي للإسلام، واختلف المؤرخون أكان من أصل عربي أم فارسي. مع ترجيح كونه عربي الأصل، بدأ بطلب العلم خلال تلك الفترة التي قضاها في البصرة، حيث قرأ العديد من كتب العقيدة الإسلامية والكتب العلمية. من غير المؤكد أكان ابن الهيثم سني أم شيعي، فبعض المؤرخين يؤكد أنه سني أشعري كضياء الدين سردار ولورانس بيتاني ومعارض للمعتزلة، والبعض قال أنه معتزلي كبيتر إدوارد هودجسون، أو شيعي كعبد الحميد صبرة. مع ارجحية كونه من السنة.

تفرّغ لدراسة العلوم والتأليف؛ فتخصّص في الطبّ، والرياضيّات، والمنطق، والفلك، وعلم الأعداد، والفيزياء، والبصريّات، والفلسفة، والهندسة. له ما يزيد عن سبعين مؤلفاً؛ منها:

1ـ «المناظر»، تُرجم إلى اللاتينيّة، يقول «سوتر Suter H»: كان له أثر بالغ في تعريف الغربيّين بهذا العلم في العصور الوسطى.

2ـ «كيفية الإظلال» تُرجم إلى الألمانيّة.

3ـ «رسالة  الشكوك على بطليموس».

4ـ «رسالة الأخلاق»، وقال البيهقي: ما سبقه بها أحد.

5ـ «مساحة المجسّم المتكافئ»: نشر بالألمانيّة.

6ـ «الأشكال الهلاليّة».

7ـ «تربيع الدائرة».

8ـ  «شرح قانون إقليدس».

9ـ «مساحة الكرة».

10ـ «ارتفاعات الكواكب».

     سافر إلى مدن عربيّة متعدّدة، لكنه قضى معظم حياته في القاهرة، إلى أن توفي ودُفن فيها سنة 430هـ/ 1040م، وكان عمره ما يُقارب 75 عاماً.

دراساته وإنجازاته العلميّة:

اهتمّ ابن الهيثم بعلم البصريّات، وحرص على تطويره وتحسينه؛ إذ ساهم في توضيح طريقة الرؤيا، فعارض الفكرة التي تقول إنّه يخرج من العين شعاع يؤدّي إلى الرؤية، كما حرص على الكتابة في تشريح العين، وشرح الوظيفة الخاصة بكلّ جزءٍ منها. وضّح طريقة نظر الإنسان إلى الأشياء من حوله باستخدام عينيه في وقت واحد، فأشار إلى أنّ الشعاع الضوئيّ ينطلق من الأجسام المرئيّة إلى العيون؛ ما يؤدّي إلى وقوع صورتها على الشبكيّة في العيون.

    جدير بالذكر أنه درس قوّة التكبير الخاصّة بالعدسات، فكان أوّل عالم يُؤسّس لفكرة النظّارة حول العالم، كما ساهمت أبحاثه في مجال علم البصريّات في توفير العلاجات المناسبة لمشاكل العين. ويُعدّ ابن الهيثم أوّل من اهتمّ بدراسة تشريح العين وأقسام عدسة العين، وحرص على رسمها بشكلٍ دقيق؛ وقد استفاد الغرب من دراساته التي تُرجِمَت إلى عدّة لغات.

يُعدّ أوّل عالم اهتمّ بصياغة المبادئ الخاصّة بآلة التصوير؛ حيث استخدم بيتاً مُظلماً لتطبيق بحوثه وتجاربه حول آلة التصوير، ويدلّ ذلك على أنّ ابن الهيثم سبق الرسّام دافنشي قبل حوالي 5 قرون بتجاربه حول تصميم آلة التصوير، كما اهتمّ بصياغة القوانين الخاصّة بالانعطاف والانعكاس، وفسّر سبب انكسار الضوء الناتج عن تأثير الوسائط، مثل: الزجاج أو الماء أو الهواء.

أسهم في تأسيس مبادئ البحث العلميّ وقواعده، وحرص على تطبيقها في جميع الأبحاث والنظريّات والتجارب الخاصّة به، فاهتمّ بدراسة المُبصِرَات، وتوضيح خصائص الجزئيّات، كما بحث في حالة الإبصار، وتابع البحث بالاعتماد على الترتيب والتدرّج، انتقد عدة مقدمات في هذا المجال، وتحفّظ على مجموعة من النتائج، ويدلّ ذلك على أنّ ابن الهيثم كان أوّل من وضع أُسس البحث العلميّ.

يُعدّ ابن الهيثم أول من أشار إلى ظاهرتي الكسوف والخسوف؛ وقد توصّل إلى أنّ القمر يحصل على ضوئه من أشعّة الشمس، ولا يستطيع أن يوفّر الضوء بشكلٍ ذاتيّ، فتمكّن من الوصول إلى ظاهرة التظليل وشرح طبيعتها.

اهتمّ ابن الهيثم بالبحث في فروع علم الهندسة اليونانيّة، وعلم الهندسة الجديدة التي طوّرها علماء الرياضيّات المسلمين، وشملت هذه الفروع مبادئ الهندسة التي ألّف فيها ابن الهيثم عدّة مُؤلّفات، وتطبيقات هندسة القطوع المخروطيّة، وهندسة اللامتناهيّات التي كتب فيها مجموعة من الكُتب وصل عددها إلى 12 كتاباً، لم يظهر منها إلّا 7 كتب.

         أدعى ابن الهيثم الجنون والبله، فوضعه الخليفة قيد الإقامة الجبرية لمدة عشر سنوات من 1011 حتى 1021عكف خلالها على تأليف كتابه الأشهر والأعظم "المناظر" ذي السبعة مجلدات في علم البصريات حتى توفى الحاكم بأمر الله، فعاد ابن الهيثم إلى الظهور والاشتغال بالعلم، واستدعته شقيقة الخليفة "ست الملك" وعرضت عليه راتباً شهرياً وضمته إلى مجلس العلماء بدار العلم، لكنه اعتذر منها وعاد إلى تأليف الكتب ونسخها وبقى بالقاهرة حتى وافته المنية عام 430 هـ-1038 م، عن عمر 73 عاما، حيث أحس بدنو أجله بعد أصابته بأمراض الشيخوخة فقام وتوضأ وتوجه للقبلة وصلى لربه صلاته الأخيرة، ثم جلس يقرأ سورة العنكبوت حتى وصل إلى قوله تعالى (كل نفس ذائقة الموت ثم إلينا ترجعون) ثم فاضت روحه.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز