
عاجل.. جامع الظاهر بيبرس: من أيقونة العمارة المملوكية إلى مصنع صابون

ساره وائل
يُعتبر جامع الظاهر بيبرس، الذي يُعد ثاني أكبر المساجد في مصر بعد جامع أحمد بن طولون، من أبرز المعالم التاريخية في القاهرة، شُيّد هذا المسجد في فترة العصر المملوكي بين عامي 665 و667 هجريًا “1267-1269 ميلاديًا” بأمر من السلطان المملوكي الظاهر بيبرس البندقداري، وكان الجامع يتمتع بهندسة معمارية رائعة ويقع على مساحة تقدر بثلاثة أفدنة.
لكن حالة الجامع تغيرت بمرور الزمن بسبب الإهمال، مما أدى إلى أن يمر المسجد بتحولات عدة على مدار تاريخ مصر، بدءًا من العهد العثماني وصولاً إلى العصر الحديث.
التحولات التاريخية للمسجد:
العهد العثماني: بعد دخول العثمانيين إلى مصر، تم تحويل جامع الظاهر بيبرس إلى مخزن للخيام، مما أثر سلبًا على حالته المعمارية.
الحملة الفرنسية: خلال الحملة الفرنسية على مصر “1798-1801”، تحول الجامع إلى قلعة وثكنات للجنود الفرنسيين، وأصبح يعرف باسم "قلعة سيكوفسكي" في تلك الفترة.
عهد محمد علي باشا: في عهد محمد علي باشا، ومع بداية تنظيمات الدولة الحديثة، جرى تحويل الجامع إلى معسكر عسكري ومخبز للجراية، ثم تم استخدامه بعد ذلك كمصنع لصابون.
وفي عام 1812، تم نقل بعض الأعمدة الرخامية والأحجار من الجامع لاستخدامها في بناء رواق الشراقوة في الجامع الأزهر بناءً على رغبة الشيخ الشرقاوي، وذكرت بعض المصادر أيضًا أن بعض هذه الأعمدة قد تم استخدامها في بناء قصر النيل.
وفي عام 1882، استخدم جيش الاحتلال البريطاني المسجد كمخبز ثم كمذبحٍ حربي، وقد أصبح يُعرف بـ "مذبح الإنجليز". هذا الاستخدام استمر حتى عام 1915 عندما توقفت عملية الذبح.
الترميمات والاهتمام بالمسجد:
إصلاحات اللجنة العربية: في عام 1918، تولت لجنة حفظ الآثار العربية عملية ترميم المسجد وإصلاح بعض أجزائه، خصوصًا تلك المحيطة بالمحراب، التي تم تحويلها إلى مصلى، بينما تم تحويل باقي المسجد إلى منتزه عام.
اهتمام مصلحة الآثار:
بدأت مصلحة الآثار في عام 1970 بمشروع لإعادة بناء المسجد وترميمه بشكل شامل لإعادته إلى حالته الأولى.
وصف المسجد
يتكون جامع الظاهر بيبرس من مربع كبير، يبلغ طول ضلعه 100 متر، يحيط به سور حجري يبلغ ارتفاعه 11 مترًا، ويعلو السور شرفات بارتفاع 1.5 متر، ما يزال جزء منها باقيًا في الضلع الجنوبي من المسجد.
كما تدعمت أركان الجامع بأربعة أبراج، اثنان مربعان في طرفي الضلع الشرقي واثنان مستطيلان في الزوايا الأخرى، ويحتوي البرج الجنوبي الغربي على درج يؤدي إلى سطح الجامع، ويتميز بوجود نوافذ صغيرة في جهات مختلفة من البرج.
ويحتوي المسجد على ثلاثة مداخل تذكارية بارزة عن السور الخارجي، والمدخل الرئيسي يتوسط الضلع الغربي للمسجد، بينما يتوسط المدخلان الآخران الضلعين الشمالي والجنوبي.
وجدير بالذكر يعتبر جامع الظاهر بيبرس شاهداً على التاريخ المصري العريق والتغيرات التي مر بها البلد عبر العصور المختلفة، رغم الظروف التي مر بها هذا المعلم التاريخي، إلا أن الجهود الأخيرة من قبل مصلحة الآثار تسعى لإعادته إلى رونقه الأصلي ليظل شاهدًا على عظمة الحضارة الإسلامية في مصر.